جولة ابن سلمان ورسائل عمقية من الشارع العربي

جولة ابن سلمان ورسائل عمقية من الشارع العربي

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٨ نوفمبر ٢٠١٨

في الوقت الذي لا زالت فيه قضية قتل الاعلامي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول تسيطر على المشهد الاعلامي العالمي ويكاد لا يخلو اجتماع سياسي من الحديث عنها، بدأ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان جولته الخارجية الأولى بعد هذا الحدث الجلل في محاولة جديدة لاستعادة الهيبة السعودية وايصال رسالة للعالم أجمع بأن السعودية لا تزال تحتفظ بمكانتها بين العرب وعلى هذا الاساس انطلقت جولة الأمير الشاب نحو عدة دول عربية شملت كل من الامارات والبحرين ومصر وتونس وصولا لمشاركته في "قمة العشرين" التي تقام في الارجنتين، حيث يفترض انه يلتقي الرئيس الاميركي دونالد ترامب في مؤشر واضح على الحماية التي لا يزال يؤمنها له ساكن البيت الابيض نتيجة المصالح الاقتصادية التي يعتقد الاخير ان ابن سلمان يؤمنها ومن خلفه نظام آل سعود للولايات المتحدة الامریكية.
 
ماذا يريد ابن سلمان من هذه الجولة؟
 
حملت الزيارة معاني كبيرة على مستوى الداخل السعودي وخارجه، وأوصلت رسالة واضحة من الشارع العربي تجاه سياسة المملكة الجديدة بقيادة ولي العهد السعودي الذي كان يبحث من خلال هذه الزيارة عن نفض الغبار عن كاهليه قبل أن ينهار مستقبله السياسي الذي يمر بأصعب مراحله ويمكن القول بأنه "على كف عفريت" بعد توجيه اتهامات له بأنه على علم بحادثة قتل خاشقجي وبعض التقارير الاستخباراتية قالت بأنه هو من أمر بقتله، وبالتالي فإن ابن سلمان حاول من خلال هذه الزيارة أن يستعيد وزنه السياسي بين القادة العرب قبل التوجه نحو قمة العشرين في الأرجنتين، وإن كان الاستقبال الرسمي العربي لولي العهد حافلا في كل من الامارات ومصر والبحرين ولكنه لم يكن كذلك في الشارع العربي الذي انتفض في وجه زيارة ولي العهد لاسيما في تونس التي لم يرحب شعبها ابدا بزيارة ولي العهد وخرجوا بالمئات لمنع هذه الزيارة، وهذا ما قد يجعل ابن سلمان يتردد من التوجه نحو الارجنتين فالزيارة لم تكن على قدر التوقعات وقد تستمر جولته المحبطة في بيونس ايرس، خاصة وان هناك مذكرة مقدمة للنائب العام الأرجنتيني، من قبل منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان، وأنها بانتظار قبولها لملاحقة بن سلمان، كما أنه هناك احتمال بأن لا يلتقي ترامب بولي العهد في قمة العشرين بحسب ما أعلن البيت الأبيض اليوم، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض "سارة هاكابي ساندرز" في مؤتمر صحفي: "لا توجد خطط حتى اللحظة لعقد لقاء رسمي بين ترامب وبن سلمان، لكن ربما يحدث اجتماع غير رسمي".
 
الشارع العربي وحكوماته
 
الامارات
 
الاكيد ان ابن سلمان عندما بدأ زيارته من الامارات كان يهدف للحصول على التشاور وإلتقاط الصور مع "مرشده" والداعم له في العلاقات مع ترامب وصهره جيراد كوشنير، أي ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد، وللتباحث في كيفية الاستفادة بشكل كبير من هذه الجولة الخارجية لاعادة رفع اسهمه امام المسؤولين الدوليين خاصة ان زعماء دول كبرى ستحضر في قمة العشرين، وفي الامارات لن يستشعر ابن سلمان المخاطر من امكانية الملاحقة القضائية عن جرائمه ومنها جريمة قتل خاشقجي لان لا فارق كبير في الاوضاع بين الامارات والسعودية من حيث انعدام آفاق الحقوق والحريات العامة ومنها الحق باللجوء الى القضاء لمحاسبة مسؤول محلي او خليجي عما ارتكبه من انتهاكات.
 
تونس
 
في تونس كان الوضع مختلف فلم تستمر زيارة ولي العهد أكثر من أربع ساعات، فبالتزامن مع هذه الزيارة خرجت مظاهرات شعبية حاشدة تطالب بمحاسبة ولي العهد بدءا من قضية خاشقجي وصولا الى الجرائم المروعة التي ترتكب منذ ما يقارب الـ4 سنوات في اليمن وغيرها الكثير من الجرائم في الداخل السعودي.
 
وشهدت العاصمة التونسية الاثنين والثلاثاء مظاهرات منددة بهذه الزيارة فيما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "لا أهلا ولا سهلا" فيما دعت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ومؤسسات مدنية لإلغائها، وعقدت هذه المنظمات مؤتمرا صحافيا الاثنين في مقر نقابة الصحافيين في العاصمة عبرت فيه عن رفضها القاطع لزيارة ولي العهد السعودي. ووضعت قيادة النقابة الوطنية للصحافيين على واجهة مقرها بالعاصمة صورة عملاقة لسعودي يحمل منشارا مع عبارة "لا لتدنيس أرض تونس الثورة".
 
واستمر التفاعل مع وسم "#زيارة_المنشار_عار" المندد بزيارات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مصر وتونس والعديد من الدول، وعبر المغردون المصريون عن استيائهم من استقبال السلطات في بلدهم لولي العهد على الرغم مما يثار عن تورطه في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
 
ورفع المحتجون شعارات من قبيل "تونس ليست للبيع" و"الشعب يريد طرد بن سلمان"، كما رفعوا أعلام تونس والجزائر وموريتانيا ومصر وفلسطين، كما فتح القضاء في تونس تحقيقا ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشأن أوضاع حقوق الإنسان في اليمن، وذلك بالتزامن مع زيارة ولي العهد التي قوبلت بمظاهرات واحتجاجات عارمة.
 
بكل الأحوال قد ينطلق ابن سلمان نحو الأرجنتين ولكنه لن يكون بموقع القوة حتى ولو كانت هذه الزيارة بضمانة امريكية، وقد لا نستغرب بأن يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد حضر له فخا جديدا في الأرجنتين.