الغرامُ الحرام... إسرائيلُ وخادمُ الحرمَين

الغرامُ الحرام... إسرائيلُ وخادمُ الحرمَين

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٨

كثيرةٌ هي الأسبابُ التي دعت وتدعو الملكَ سلمان للتقارب والتواصل مع إسرائيل, بشكلٍ علنيٍّ وسرّيّ, حيث هناك العديد من السيناريوهات القاتمة في هذه المرحلة بالنسبة للسعوديّة, وأشارت صحفٌ ومواقعُ دراساتٍ غربيّةٍ إلى العديد من تلك السيناريوهات, ومنها الأوضاع الداخليّة في المملكة واحتمال حدوث انقلابٍ "صامت"، يقوم به أحدُ الأجنحةِ في العائلةِ المالكة، أو انقلابٍ عسكريٍّ يمكنُ أنْ يُنهي حكم العائلة، أو هبّةٍ جماهيّريّةٍ عارمة، تُقلّص من قدرة الحكم في الرياض على السيطرةِ على الجغرافيا السعودية, كما أنَّ الولاياتِ المتّحدةَ وضعت خطّةً لإعادة السيطرة على منظومات السلاح في حالِ تَهاوي نظام الحكمِ في الرياض.
وبحسب "دراسةٍ غربيّةٍ"، فإنّ مصالحَ إسرائيل الإستراتيجيّة ستتضرّرُ بشكلٍ كبيرٍ جرّاء تحققِ أيٍّ من هذه السيناريوهات، مُحذِّرةً من أنَّ النتيجةَ المباشرة لهذه التحوّلات تتمثّلُ في خسارةِ تل أبيب العوائد التي تجنيها من شراكةِ السعوديّة كقائدِ المحور العربيّ "السنّيّ" في المواجهة ضدَّ إيران.
كما اعتبرَ "تقريرٌ غربيٌّ" أنَّ المسَّ باستقرار نظام الحكم في الرياض، يعني إسدالَ الستار على رؤية "الحلِّ الإقليميّ" للصّراعِ الفلسطينيّ - الإسرائيليّ، والذي تراهنُ عليه تل أبيب في تحقيقِ مصالحها, ولفتَ التقريرُ إلى أنَّ أكثر التداعيات خطورةً لتهاوي استقرار نظام الحكم في الرياض، تتمثّلُ في أنَّ هذا السيناريو يمكنُ أنْ يُفضي إلى وقوعِ السعوديّةِ تحت نظامِ حكمٍ مُعادٍ، بشكلٍ يسمحُ باستخدام منظومات السلاح المتقدّمةِ التي تملكها الرياض ضدَّ إسرائيل.
ووفقاً لمخاوف غربيّةٍ، فإنَّ تهاوي استقرار نظام الحكم في الرياض، يمكنُ أنْ يترافقَ مع "تسرّب" سلاحٍ نوعيٍّ لجهاتٍ مُعادية، كما يمكنُ أنْ يُغري إيرانَ بالعملِ على مساعدة "الشيعة" في شرقِ السعوديّة على الانفصال عن المملكة، ومساعدة "الشيعة" في البحرين على تولّي الحكم.
إلى ذلك، حذّرت "دراسةٌ غربيّةٌ" من أنّه حتّى لو ظلّت نواةٌ لنظامِ الحكمِ في الرياض، فإنّها قد تضطرُّ للاستعانةِ بالحركاتِ الإسلاميّةِ "السنّيّة" من مختلفِ التوجّهات لمواجهةِ التحدّي الإيرانيّ، وهو ما يُعزّز من مكانةِ هذه الحركات، ويزيدُ من فرصِ وصولها للسلاح السعوديّ المتطوّر.
من جهةٍ ثانيةٍ، كشف "تقريرٌ غربيّ" النقابَ عن أنَّ الولاياتِ المتّحدة قد وضعت خطّةً لإعادة السيطرة على منظوماتِ السِّلاحِ المتقدِّمةِ جدّاً، التي زوّدتها للسعوديّة، في حالِ تعرّضِ استقرارِ نظامِ الحكم في الرياضِ إلى مخاطرَ كبيرةٍ.
ودعت "دراسةٌ إسرائيليّةٌ" صنَّاعَ القرارَ في تل أبيب، إلى إصدارِ تعليماتٍ لإعداد مُخطّطٍ لتكثيف عمليّاتِ جمع المعلومات الاستخباريّة عن السعوديّة، وتحديداً لمعرفةِ الأشخاص الذين يمكنُ أنْ يتسلّلوا إلى السعوديّة، أو يخرجوا منها في حال تقلّصت قدرةُ الحكمِ في الرياض على ضبطِ الحدود.
كلُّ تلك الأمورِ وغيرها دفعت السعوديّة إلى التقاربِ مع إسرائيل على الأصعدة كافّة, ومن الأسباب الأُخرى هو العلاقةُ مع قطر, إذ استنتجت إحدى الدراسات, أنَّ "الحملةَ على قطر قد أفضت إلى المسِّ بشكلٍ كبيرٍ بتراجعِ المكانةِ الإقليميّة للسعوديّة، ناهيك عن أنّها مسّت بسمعتها كقوّةٍ كبيرةٍ في المنطقة، بعدما تبيّن أنّها عاجزةٌ عن إخضاعِ دولةٍ صغيرةٍ مثل قطر".
ومن الأسباب أيضاً أنَّ الحربَ على اليمن تحوّلت إلى عبءٍ ثقيلٍ على خزانة الدولة، مُشيرةً إلى أنّه على الرغم من أنَّ السعوديّةَ رابعُ دولةٍ من حيث الإنفاق العسكريّ، إلّا أنّه مضت سنواتٌ على حربِ اليمن من دون أنْ تتمكّنَ الرياضُ من وقفِ الهجمات الحوثيّة على عمقها الداخليّ.
ومن الأسباب، توتّر العلاقاتِ بين الولايات المتّحدةِ والسعوديّة, في ظلِّ الرئيسِ السابق باراك أوباما، والذي شكّكَ علناً في التحالف القديم ونظامِ حقوق الإنسان في المملكة.
ومن الأسبابِ، التقاءُ الأهدافِ الإستراتيجيّة فيما يتعلّق بإيران, بين السعوديّين والإسرائيليّين, "صحيفةُ أن واي تايمز", أثارَت تهديداتُ وليِّ العهد ضدَّ إيران ولبنان شبحَ حروبٍ لا يملكها الجيشُ السعوديّ، الذي تعثّر باليمن, ما سيضطرُّ الرياض إلى الاعتمادِ على الولايات المتّحدةِ أو إسرائيل في أيِّ صراعٍ جديد, كما تضافرت جهودُ المملكة العربيّة السعوديّة وإسرائيل في حملةِ ضغطٍ قويّةٍ في واشنطن لإحباطِ الاتّفاق النوويّ، لكن "من دون جدوى".
ومع صعودٍ دراماتيكيٍّ مُذهِل إلى السّلطة، وموقفٍ عدوانيّ تجاه إيران، ومؤخّراً حزب الله، جنباً إلى جنب مع الحرب الفاشلةِ في اليمن، وقوّته غير المُستحوِذة على الاستيلاء على المملكة تحت ستار مكافحةِ الفساد، مرّةً أُخرى قد تضافرت مع الإسرائيليّين لوقف انتشار "الهلال الشيعيّ" في الشرقِ الأوسط.
يعتقد MbS"محمد بن سلمان" بسذاجةٍ أنَّ "الهلال السنّيّ" هو البديل, وقد يقيّدُ مكانةَ إيران الإقليميّة ونفوذها، أو سيكونُ أكثر قبولاً للجمهورِ الغربيّ وصانعي السياسات، بما في ذلك حكومة اليمين الإسرائيليّ, ورحّبت إسرائيلُ بحملةِ وليّ العهدِ السعوديّ المُناهضةِ لإيران، بخاصّةٍ أنَّ محمد بن سلمان وسّعَ الجبهةَ المناهضةَ للشيعةِ لتشمل حزب الله ولبنان.
"رئيسُ قسمِ الدّراساتِ الخليجيّة في المركز، يوئيل جوزينسكي"، تحدّثَ في دراسةٍ له عن الإستراتيجيّة التي يتبنّاها محمد بن سلمان، من خلالِ حربه على اليمن والحملة التي يقودُها ضدّ قطر، بـ"مغامرةٍ تنطوي على مخاطرَ كبيرةٍ".
وكشفَ وزيرُ الإعلام الإسرائيليّ، "أيوب قرا"، أنَّ "إسرائيل والسعوديّة تُقيمان بوساطةِ وسطاءَ أمريكيّينَ قناة تواصلٍ لتطويرِ العلاقات الدبلوماسيّة بينهما", وأشارَ قرا، إلى أنَّ الجانبين "ناقشا خطواتٍ ممكنةٍ لتطوير العلاقاتِ بينهما في اليوم التالي لحلِّ الصِّراعِ الفلسطينيّ- الإسرائيليّ", ومن هذه الخطوات، بحسب قرا، "إتاحةُ إقامةِ شركاتٍ إسرائيليّة في السعوديّة، وفتح المجالِ الجوّيّ السعوديّ للطائرات الإسرائيليّة".
كلُّ ما سبق دعا إسرائيل للعمل إلى الاستفادةِ من الوضعِ السعوديّ القائم والاستفادةِ من السعوديّة لصالحها, إذ قالَ خبيرٌ إسرائيليٌّ عبر صحيفةِ "يسرائيل هيوم": "إنَّ الواقعَ السياسيّ والبيئةَ الإقليميَّةَ تسمحُ بالضغط على حكّام السعوديّة".
البروفيسور "أبراهام بن تسفي"، مُعلِّق الصحيفة للشؤونِ الأمريكيَّة قال: "إنَّ الانقلابَ الذي حدثَ على سلّم الأولويّات في السعوديّة, يُمثّلُ فرصةً أمام إسرائيل يتوجّبُ استغلالها، لا سيّما عشيّة قدوم مستشار ترامب وصهره جاد كوشنر ومبعوثه للمنطقة جيسين غرينبليت, ونوّه بن تسفي إلى أنَّ التحوّلاتِ المُتلاحِقةِ التي شَهِدَتها المنطقةُ منذ أنْ شَرعت الرياضُ في حملتها ضدّ قطر تفتحُ المجالَ أمام مطالبةِ السعوديّة بتطبيعٍ كامل مع إسرائيل".
وأضافَ "خبراءُ غربيّونَ" أنَّ خروج السعوديّة من الخزانةِ وعدم تردّدها في تحدّي، وبشكلٍ علنيٍّ، إيرانَ وأدواتها واستهداف قطر, يمنح ترامب القدرةَ على مطالبة السعوديّةِ بالإقدام على خطواتٍ تطبيعيّةٍ لبناء الثقةِ تجاه إسرائيل.
وكشفت أزمةُ الخليجِ الحاليّة عن وجودِ رغبةٍ قويّةٍ لدى إسرائيل بتطويرِ العلاقات مع المملكة السعوديّة، ويمكنُ قراءة ذلك في تصريحاتِ المسؤولين الإسرائيليّين، إذ أشادَ وزيرُ الدفاع الإسرائيليّ، "أفيغدور ليبرمان"، بالخطواتِ السعوديّة الإماراتيّة تجاه قطر، قائلاً: "إنَّ قطعَ كلّ من السعوديّة والإمارات علاقاتها الدبلوماسيّة مع دولةِ قطر، "سيفتحُ المجال للتعاون بين "إسرائيل وتلك الدول، وهي نافذةٌ لتعاونٍ إقليميٍّ نسعى إليه", وفق ما أوردهُ موقعُ المصدر الإسرائيلي".
ومن الأسبابِ أيضاً, وجودُ قواسم مشتركة تجمع الرياضَ وتل أبيب تُمهّدُ لتنفيذ مشروعِ تطبيعٍ كامل للعلاقاتِ بين البلدين، ومنها "رغبةُ السعوديّةِ في تصدّرِ المشهد الإقليميّ من بوّابةِ القضيّة الفلسطينيّة، ومحاولة ترويجِ المبادرةِ التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز في العام 2002م، والمعروفة بالمبادرةِ العربيّةِ للسّلام، وكأنّها المُخلّصُ الوحيدُ للصّراعِ العربيّ الإسرائيليّ"، على حدِّ قوله, وأنَّ "السعوديّةَ في حاجةٍ للخبراتِ الإسرائيليّة في مجالِ الأمن ومكافحة الإرهاب، والاستفادة من الخبرة الإسرائيليّة في مجال الطاقة والشؤون الماليّةِ والاقتصاديّةِ لتنفيذ خططها الاقتصاديّة التي رسمتها المملكةُ خلال العشرين عاماً القادمة".
وقالت صحيفةُ "جرزليم بوست": "الآن يوجدُ زعيمٌ للمملكة جعلَ القضيّةَ أكثر قوّةً ضدّ إيران من رئيسِ الحكومةِ الإسرائيليّة, هل أصبح محمد بن سلمان صديقاً لإسرائيل والشعبِ اليهوديّ؟.. قد يقول الكثيرون لا إنَّ قراراته هي مجرّدُ معاملةٍ تجاريّة، ولم يكن هدفهُ أكثر من وقفِ إيران، واقترابه من (إسرائيل) من باب عدوّ عدوّي صديقي".