خطط واشنطن: ابتزاز دمشق من بوابة إعادة الإعمار واللاجئين

خطط واشنطن: ابتزاز دمشق من بوابة إعادة الإعمار واللاجئين

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٦ نوفمبر ٢٠١٨

يمكن اختصار التصور الأميركي عن «التسوية السورية» في عرض أوضح جوانبه المبعوث جايمس جيفري، يتضمن إغراء دمشق بالمساعدة في ملفات إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين، كما خروج كل القوات الأجنبية، وعلى رأسها الإيرانية، من سوريا
منذ تعيين فريق ديبلوماسي أميركي جديد معني بالملف السوري، تحدثت أوساط كثيرة عن «مقاربة جديدة» لدى إدارة الرئيس دونالد ترامب، تلعب فيها واشنطن دوراً أوسع في إدارة مصالحها على الأرض السورية، وتكسب منها القوى التي ترعاها هناك. وخلال الأشهر القليلة الماضية، تحول التركيز الأميركي إلى توأمة «هزيمة داعش» بوصفها هدفاً أميركياً مركزياً، مع إطلاق العملية السياسية وإخراج القوات الإيرانية من سوريا. وحرص المبعوث الأميركي الجديد جايمس جيفري، وفريقه، على إجراء جولة واسعة على كل القوى الإقليمية والدولية المعنية بملف «التسوية» السورية، من دون أن تظهر انعكاسات هذا النشاط في شكل مباشر. إدارة ترامب سعت إلى تظهير موقفها المتشدد تجاه شن أي عملية عسكرية في إدلب، حاملاً للاتفاق التركي ــــ الروسي في سوتشي، الذي دخل الآن مرحلة غير محددة المعالم أو التوقيت؛ وأصرّت عبر «المجموعة المصغرة» على الإسراع في تشكيل «اللجنة الدستورية».
 
هذا التوجه الأميركي الذي قرأه البعض «خريطة طريق» جديدة ومتكاملة، لم تتضح تفاصيله وآلياته العملية في حديث المسؤولين الأميركيين. غير أن خطه العام حضر في تصريحات للمبعوث جيفري، خلال مؤتمر صحافي عقده أول من أمس. الأهداف الأميركية من الوجود العسكري والعمل الديبلوماسي في الشأن السوري، اختصرها جيفري في ثلاثة بنود ليست بجديدة، هي هزيمة «داعش» وإطلاق عملية سياسة «فعالة» وإنهاء «الوجود الإيراني» في سوريا. وكان أبرز ما ركّز عليه المبعوث الجديد، هو التأكيد على أن الهدف العسكري الوحيد لبلاده لا يتخطى «إنهاء داعش»، بما يعنيه ذلك وفق المفهوم الأميركي من السيطرة على كافة الأراضي التي يحتلها التنظيم ومنع انبعاثه مجدداً. وبينما تعدّ النقطة الأخيرة حمّالة أوجه، أشار جيفري إلى أن القتال مستمر بالتعاون بين «التحالف الدولي» و«قوات سوريا الديموقراطية» في وادي الفرات، على أمل أن ينتهي «في غضون بضعة أشهر». وقد تكون أبرز النقاط في تصوّر واشنطن هذا، هو الافتراض أن «الهزيمة الدائمة لداعش تتطلب تغييراً أساسياً في النظام السوري وفي دور إيران في سوريا، الأمرين الذين ساهما في شكل كبير في نشأة داعش في المقام الأول».
وعن مساري «خفض التصعيد» و«التسوية السياسية»، كشف جيفري أن الولايات المتحدة تراهن على التوافق حول التهدئة التي فرضها «اتفاق سوتشي»، لا سيما في قمة إسطنبول الرباعية بين روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا. ووفق حديثه، فإن روسيا أمام تحدي الالتزام بما تعهدت به، على الأرض في إدلب ومحيطها، وفي السياسة عبر «الضغط على النظام السوري» لضمان مشاركته الفعالة في تشكيل «اللجنة الدستورية». وأوضح الديبلوماسي الأميركي أن تصور بلاده لسوريا ما بعد «العملية السياسية» هو وجود «نظام لا يشابه الحالي... وتأمين ضمانات مرضية لجميع الأطراف في سوريا، وحولها». ووفق حساباته، فإن التقدم على المسارين السابقين، من شأنه أن «يؤدي إلى انسحاب جميع القوات العسكرية التي دخلت منذ بداية النزاع... بما في ذلك كل القوات التي تقودها إيران».
وتقود النقطة الأخيرة إلى سؤال عن الآلية التي تنوي الولايات المتحدة اتباعها لضمان خروج القوات الإيرانية، وارتباط ذلك بملف «التسوية السياسية». ووفق جيفري، فإن «إخراج إيران جزء من العملية... ولكنه ليس هدفاً عسكرياً للولايات المتحدة». ويقابل هذا النأي عن المسار العسكري، تعويل على محاولة ابتزاز دمشق في عدة ملفات. إذ أوضح المبعوث الأميركي أن «مبادرةً تشجّع جميع الأطراف على إعادة اللاجئين وتقديم المساعدة لإعادة الإعمار، وتؤدي إلى انسحاب جميع القوات (الأجنبية) الأخرى ستكون عرضاً تتشجع الحكومة السورية للقبول به»، على اعتبار أن «الحكومة السورية ليست في وضع يحسد عليه، وبشكل خاص من الجانب الاقتصادي» وفق تعبيره. وفي إجابته عن سؤال صحافي يستوضح ما إذا كانت الخطة الأميركية تعتمد على أن تطلب الحكومة السورية من القوات الإيرانية الرحيل، قال إنه «من الناحية التقنية، الحكومة دعتهم (الإيرانيون)، ونتوقع أن تطلب منهم المغادرة». ولم يفت جيفري الإشارة إلى أن هناك توافقاً دولياً على تشكيل «اللجنة الدستورية» بما في ذلك روسيا، مضيفاً القول: «سنرى ما إذا كانت دمشق تمضي قدماً (في ملف اللجنة) أم أنها مستعدة لتحمل عبء عرقلة عملية يضغط مجلس الأمن بأكمله لتنفيذها منذ ثلاث سنوات». كما ذكّر بما أكده مسؤولو بلاده سابقاً عن أن هدف الولايات المتحدة «ليس تغيير النظام، بل تغيير سلوك حكومة ودولة».