مئوية نهاية الحرب الأولى: «أهلاً بمجرمي الحرب»

مئوية نهاية الحرب الأولى: «أهلاً بمجرمي الحرب»

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١٢ نوفمبر ٢٠١٨

أمام نظيريه الأميركي والروسي وحشد كبير من قادة العالم، ألقى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خطاباً في الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى، دعا فيه إلى نبذ «الانطواء والعنف والهيمنة» وخوض «المعركة من أجل السلام». 
يأتي خطاب ماكرون بمناسبة استضافة عاصمة بلاده هذا العام، مراسم إحياء مئوية توقيع الهدنة التي أنهت الحرب العالمية الأولى، يشارك فيها 70 رئيس حكومة وجمهورية من العالم، في تجمّع خارج عن المألوف، ووسط إجراءات أمنية مشددة، لم يخلُ من الاحتجاجات ضدّ قادة العالم.
التعددية الدولية
شكّلت هذه المناسبة فرصةً للرئيس الفرنسي للترويج لفكرته حول «التعددية في النظام العالمي والعلاقات الدولية»، وهذا ما حاول الإشارة إليه مراراً في خطابه بالمناسبة، في وقتٍ يندّد بهذا النهج عدد متزايد من القادة والناخبين في العالم باسم الدفاع عن المصالح الوطنية.
أبرز ما تضمّنه خطاب ماكرون: 
 دعوة إلى توحيد «آمالنا بدل أن نضع مخاوفنا في مواجهة بعضها... بإمكاننا معاً التصدي لهذه التهديدات المتمثلة في شبح الاحتباس الحراري وتدمير البيئة والفقر والجوع والمرض وعدم المساواة والجهل».
 انتقاد للنزعة القومية التي أعلن ترامب اعتناقها مراراً في الأسابيع الأخيرة، لأن «الوطنية هي نقيض القومية تماماً. القومية هي خيانة» الوطنية.
 دعا نظراءه باسم الوفاء لذكرى «القافلة الهائلة من المقاتلين... الذين قدموا من أنحاء العالم بأسره، لأن فرنسا كانت تمثّل بنظرهم جميعاً كل ما في العالم من جمال»، إلى نبذ «الافتتان بالانطواء والعنف والهيمنة».
 اختتم كلمته بالإشادة بالمؤسسات الدولية وأوروبا والأمم المتحدة: «تلك هي في قارتنا الصداقة التي قامت بين ألمانيا وفرنسا... هذا هو الاتحاد الأوروبي، اتحاد تمّ بالرضى الحر لم يشهد التاريخ مثله من قبل، يحررنا من حروبنا الأهلية. تلك هي منظمة الأمم المتحدة».
 
منتدى السلام 
المراسم التي تشهدها باريس هي محور فعاليات عالمية لتكريم نحو عشرة ملايين جندي قتلوا خلال الحرب التي دارت رحاها بين عامي 1914و1918. وتأتي إحياءً لذكرى لحظة دخول الهدنة التي وُقِّعَت في شمال شرق فرنسا حيّز التنفيذ في الساعة الحادية عشرة صباحاً من يوم الحادي عشر من الشهر الحادي عشر من عام 1918.
وتضمنت المراسم قراءة أطفال لخطابات كتبها جنود ألمان وفرنسيون وبريطانيون خلال الحرب وعزف على التشيلو للعازف الفرنسي الصيني الأصل يو-يو ما. بعد الاحتفال، عاد الزعماء إلى قصر الإليزيه لتناول الغداء.
كذلك، وفي تعبير نادر لعواطف الزعماء، تشابكت أيدي ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس خلال مراسم إحياء ذكرى توقيع الألمان والفرنسيين على اتفاق الهدنة الذي أنهى الحرب، علماً أن ذلك «السلام» لم يدم، إذ شهد العالم مجدداً بعد 20 عاماً حرباً كارثية أخرى، الحرب العالمية الثانية.
 
لاحقاً اليوم، يستضيف ماكرون منتدى باريس للسلام الذي يسعى إلى «تعزيز نهج تعددي للأمن والحكم وتجنب الأخطاء التي أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى». 
ميركل من جهتها قالت في بيان: «بالنيابة عن ألمانيا وبقناعة تامّة» إن المنتدى يظهر أن «اليوم هناك إرادة، لفعل كل شيء من أجل تحقيق نظام أكثر سلمية في العالم على الرغم من أننا نعلم أنه ما زال لدينا كثير من العمل لننجزه». 
يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يحضر هذا المنتدى. 
 
احتجاجات ضدّ ترامب
أثناء مرور موكب ترامب في شارع الشانزليزيه متجهاً إلى قوس النصر، ركضت محتجةٌ عارية الصدر من حركة «فيمين» المدافعة عن حقوق المرأة صوب الموكب لتصل إلى مسافة بضعة أمتار فقط قبل أن تلقي الشرطة القبض عليها. وتظهر صور الواقعة، في ما يبدو، أنها كتبت عبارة «صانع سلام مزيف» على جسمها.
بعيد ذلك، أوقفت الشرطة الفرنسية ثلاث ناشطات من الحركة اقتربتا من الموكب. وقفزت محتجتان عاريتا الصدر كتبتا على جسمَيهما «موكب نفاق» و«حفل عصابات»، فوق الحواجز الأمنية عند مرور سيارة ترامب أمام الجمهور قبيل الساعة 11 بتوقيت باريس. وقامت ناشطة ثالثة بالأمر نفسه بعد أمتار قليلة على الجادة.
وصرّحت ناشطة من «فيمن» كانت حاضرة في المكان لوكالة «فرانس برس» بأن «فرنسا تحتفل بالسلام في هذه المراسم، لكن نصف قادة الدول المدعوين مسؤولون عن معظم النزاعات في العالم». ووقفت ثلاث ناشطات من «فيمن» عاريات الصدور، أمس، بشكل مقتضب تحت قوس النصر وهنّ يهتفن «أهلاً بمجرمي الحرب».
 
خارج باريس أيضاً...
لم تقتصر الاحتفالات في ذكرى نهاية الحرب العالمية الأولى على احتفال باريس، بل أحيت بريطانيا أمس، مهرجاناً حضرته الملكة إليزابيث وكبار أفراد الأسرة المالكة. وصباح اليوم، شارك الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في مراسم حضرتها الملكة والأسرة المالكة وكبار أفراد المؤسستين السياسية والعسكرية في مقبرة سينوتاف في بريطانيا.
وقالت الحكومة البريطانية إن هذه هي المرة الأولى التي يضع فيها زعيم ألماني باقة من الورود في المقبرة ثم يحضر قداساً، بما وصفته بأنه «شكل تاريخي من أشكال المصالحة». 
في الولايات المتحدة، أحيا الأميركيون أيضاً ذكرى الهدنة، بمراسم تنوعت بين عروض ضوئية وتجمعات لتكريم قدامى المحاربين. كذلك، أحيت الهند وأوستراليا ونيوزيلندا ذكرى الحرب التي قتل فيها أكثر من 150 ألفاً من مواطنيهم.