قرار ملزم لـ«العدل الدولية» ضد العقوبات الأميركية: ترامب يردّ بتمزيق «معاهدة الصداقة»

قرار ملزم لـ«العدل الدولية» ضد العقوبات الأميركية: ترامب يردّ بتمزيق «معاهدة الصداقة»

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٤ أكتوبر ٢٠١٨

نكسة جديدة تعرض لها دونالد ترامب من خلال قرار محكمة العدل الدولية الطلب من واشنطن تحييد «السلع الإنسانية» من العقوبات على إيران. وفيما رأت طهران في القرار «انتصاراً» لها، قللت واشنطن من أهميته، وسارعت إلى تفريغه من مضمونه عبر إيقاف العمل بـ«معاهدة الصداقة»
 
أصدرت محكمة العدل الدولية، أمس، قراراً بوقف العقوبات الأميركية على السلع «الإنسانية» التي تستوردها إيران. قرار أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة أتى بعد رفع طهران شكوى ضد العقوبات الاقتصادية التي أقرتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، عقب انسحابه من الاتفاق النووي، ودخل بعضها حيز التنفيذ، فيما من المقرر بدء تطبيق دفعة أقسى من الحظر مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. ورغم أن قرار المحكمة يُعَدّ ملزماً في القانون الدولي ولا يمكن الطعن فيه، فإنه عادة ما يفتقر إلى آلية تطبيقية. وقد بدا القرار مريحاً للحكومة الإيرانية التي لجأت في خطوة نادرة إلى القضاء الدولي، وهو ما سينعكس إيجاباً على حكومة الرئيس حسن روحاني التي تتعرض لانتقادات لاذعة طوال المرحلة الحالية، في ظل مواجهة الأوضاع الاقتصادية التي فرضتها المواجهة مع واشنطن. على العكس من ذلك، تلقت الولايات المتحدة الأمر بخيبة أمل، ظهرت في التعليقات السريعة على القرار.
مع ذلك، يعد «انتصار» طهران جزئياً، في ظل تركيز القرار القضائي على السلع المطلوبة لاحتياجات إنسانية. لكن ما كاد أن يجعل القرار مائلاً إلى كفة إيران، اعتباره العقوبات انتهاكاً «لمعاهدة الصداقة» المبرمة بين طهران وواشنطن عام 1955، أي قبل الثورة الإيرانية. إلا أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، خرج أمس بعد ساعات فقط من قرار محكمة لاهاي، ليعلن إنهاء بلاده العمل بالمعاهدة الموقعة إبان حكم الشاه. وقال إن قرار إنهاء العمل بالمعاهدة «تأخر اتخاذه 39 عاماً» في إشارة إلى حقبة النظام الإيراني الذي انبثق من الثورة. وتعرف المعاهدة بـ«معاهدة الصداقة والعلاقات الاقتصادية والقانون القنصلي»، وبقيت قائمة شكلياً في العقود الأخيرة، برغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين.
وقال رئيس محكمة العدل الدولية عبد القوي أحمد يوسف، إن «المحكمة توصلت بالإجماع إلى أنّ على الولايات المتحدة أن ترفع عبر وسائل من اختيارها، كل عراقيل تفرضها الإجراءات التي أعلنت في 8 أيار/ مايو 2018 على حرية تصدير أدوية ومواد طبية ومواد غذائية ومنتجات زراعية إلى إيران». ورأت المحكمة أن العقوبات على سلع «مطلوبة لاحتياجات إنسانية قد تترك أثراً مدمراً خطيراً على صحة وأرواح أفراد على أراضي إيران»، وكذلك فإن العقوبات على قطع غيار الطائرات يمكن أن «تعرّض سلامة الطيران المدني للخطر في إيران، وكذلك أرواح مستخدميها». يذكر أن قرار المحكمة يعدّ من ضمن «الإجراءات المؤقتة» لا القرار النهائي في القضية الذي قد يستغرق سنوات. 
وتلقت طهران القرار بالترحاب، مشيرة إلى أنه «انتصار للقانون» وفق تعليق وزير الخارجية جواد ظريف، الذي أكد أن موقف العدل الدولية «فشل جديد لهذه الحكومة الأميركية المدمنة للعقوبات». في المقابل، نددت واشنطن بالقرار، عادّة إياه «بلا قيمة»، مجددة وصفها للمحكمة بأنها «لا تملك سلطة قضائية» للنظر في القضية، بحسب ما قال سفير الولايات المتحدة في هولندا بيت هويكسترا، بعيد صدور القرار. وقلل هويكسترا من أهمية القرار، مشيراً إلى أنه «قرار محدود بشأن مجموعة محدودة للغاية من القطاعات» وأن المحكمة «رفضت منح إيران كل ما تطلبه». بدوره، أكد بومبيو أن القرار «هزيمة لإيران»، لكونه «رفض في شكل قاطع كل طلبات إيران التي لا أساس لها»، في إشارة إلى عدم الأخذ بالاعتبار رفعاً شاملاً للعقوبات. ولمّح بنحو غير صريح إلى إمكانية الأخذ بالاعتبار عدم شمول إجراءات الحظر السلع الإنسانية، بالقول: «نعمل في شكل وثيق مع وزارة الخزانة لضمان استمرار بعض عمليات التبادل مع إيران التي تشمل السلع الإنسانية»، وواشنطن «تتخذ إجراءات لعدم المساس بالحاجات الإنسانية للإيرانيين».