“ناشونال إنترست" تصف "الناتو العربي" بـ"ناتو العاهات"!

“ناشونال إنترست" تصف "الناتو العربي" بـ"ناتو العاهات"!

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٣ أكتوبر ٢٠١٨

 هاجم الباحث في معهد “كاتو” دوغ باندو في مقال له على موقع "ناشونال إنترست" ما يدعو الرئيس الاميركي دونالد ترامب إليه من تشكيل “ناتو عربي” الذي وصفه الباحث بأنه ناتو العاهات الذي سيتحول لأداة قمع سعودية وإماراتية لدول الخليج الفارسي المجاروة.
وبدأ “بادنو” بالحديث قائلاً: “كيف يمكننا تفسير هوس الإدارة الأمريكية بإيران؟ ”، ويواصل باندو قائلاً إن ترامب الذي يكره الناتو الذي باتت فيه دول أوروبا تعتمد فيه على أمريكا يعمل على تشكيل حلف “ناتو عربي” والذي أطلق عليه اسماً مؤقتاً “التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط” (ميسا).

وتعتبر السعودية هي المرشح الأول لقيادة هذا التحالف وهي الدولة التي انتقدها ترامب عندما كان مرشحاً للرئاسة لأنها حاولت استغلال الولايات المتحدة. واستغل وزير الخارجية مايك بومبيو اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والاجتماع مع الدول المرشحة، فيما قام مساعد وزير الخارجية تيم ليندركينغ بجولة في دول الخليج الفارسي لتسويق الفكرة. ولو مضت الفكرة حسب الخطة فستعلن عنها واشنطن في قمة في كانون الثاني (يناير) المقبل.

ويقارن الكاتب بين حلف الناتو الأصلي والجديد أن الأول خدم هدفاً وجاء بعد دمار أوروبا في الحرب العالمية الثانية وتحويل الاتحاد السوفييتي شرق أوروبا لكتلة تابعة له. ومن هنا شكل الاتحاد السوفييتي خطراً على أمريكا واستمر لعقود طويلة. وكان خطأ الحلف هو التعامل مع التزام أمريكا بدعمه كنوع من الرعاية المستمرة.

وكانت دول أوروبا قادرة على مواجهة روسيا أو أي عدو لكنها ظلت تعتمد على “العم سام” حتى بعد استعادتها عافيتها الاقتصادية وتجاهلت مناشدات واشنطن المستمرة المساهمة ماليا أو عمل المزيد. وكانت أوروبا متأكدة من أن أمريكا ستدافع عنها مهما كان الثمن. وحتى الدول التي تدعي أنها مهددة من روسيا مثل بولندا ودول البلطيق لا تنفق سوى نسبة 2% من الناتج المحلي العام على جيوشها، فهي تتوقع من أن تجتاح أمريكا الساحة في الدقيقة الأخيرة وتنقذهم.

ويعلق الكاتب أن الناتو هو تحالف في الاسم وليس في الفعل. وقام الرئيس ترامب بطرح المسألة إلا أن المسؤولين حاولوا قدر الإمكان إضعاف جهوده.

ناتو العاهات

ويعلق باندو أن الناتو العربي وللأسف سواء سمي “ميسا” أو أي اسم آخر فسيضاعف كل العاهات التي عانى منها الناتو. وقدم عدداً من الأسباب التي تجعل الناتو العربي الأول، أنه سيقوم باستهداف أعضائه مع أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أكد أن الحلف سيعمل كحاجز امام ما زعم انه "عدوان ايراني" والإرهاب والتطرف وسيؤدي للاستقرار في الشرق الأوسط.

ويعلق الكاتب على هذه التصريحات بأن دول الخليج الفارسي سهلت عمليات تمويل الإرهاب على مدى السنين. وجاء معظم منفذي هجمات 9/11 من السعودية التي أنفقت حوالي 100 مليار دولار لدعم الفكر الوهابي الذي يعمل كمحفز للإرهاب.

ولعبت الرياض وأبو ظبي دوراً كبيراً في زعزعة استقرار اليمن وليبيا وسوريا ولبنان. وخلافاً لموقف أمريكا تحتفظ كل من قطر وعمان والكويت بعلاقات جيدة مع طهران. ومن هنا فبدلا من أن يكون الناتو العربي تحالفاً ضد إيران فسيتحول لتحالف الجميع ضد الجميع.

من المسؤول؟

أما السبب الثاني فهناك اتفاق ضعيف حول الدول التي تريدها واشنطن الانضمام الى الحلف. فالسعودية والإمارات مصممتان على التحكم بجيرانهما وفرض أجندتهما عليها وبالحرب إن اقتضى الأمر. وشنتا غزوا على اليمن وعملتا على عزل قطر وخططتا لغزوها لولا التدخل التركي والمعارضة الأمريكية.

وتعاني عمان والكويت من مشاكل داخلية مع أنهما مارستا دور الوسيط في الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليج الفارسي أما الأردن فإنه منشغل بمشاكله الداخلية. وفي البحرين تنشغل ملكية سنية بقمع الغالبية الشيعية. أما مصر فهي أجير ذليل مدينة بسبب فقرها للرياض وأبو ظبي اللتان قدمتا مليارات الدولارات لدعم عبد الفتاح السيسي.

وأثار مسار قطر المستقل غضب الديكتاتورية المتجمدة في السعودية والإمارات خاصة أنها قامت بتغطية إعلامية للجرائم التي ارتكبها هذان البلدان ومنحت ملجا للمعارضين السياسيين نهما. وحتى ليندركينغ اعترف بأن الخلافات الخليجية-الخليجية تمثل معوقاً لفكرة ميسا.

ولا تتفق الدول مع ترامب على طبيعة التهديد الذي تمثله إيران والذي تريد إدارته جعله في مركز اهتمامات الناتو العربي. وفي الوقت الذي تحدث فيه ليندركينغ عن طهران باعتبارها “التهديد الأول” الواجب مواجهته إلا أن الرياض وأبو ظبي مهتمتان أولا بالهيمنة الإقليمية لا الدفاع الوطني، مع أنهما تريدان دعماً أمريكياً ضد إيران. وعبرت الملكية المتنمرة في البحرين عن غضبها من إيران لدعمها الغالبية الشيعية وليس لأن طهران هددت بضربها. وتحاول كل من قطر وعمان والكويت التعامل مع إيران بنوع من التوازن، فقطر تشترك معها في حقل الغاز.

ولا تخشى مصر من تهديد إيران ولكنها تفعل مقابل ما دفع لها. فيما ينشغل الأردن بتحدياته الداخلية أكثر من خشيته إيران.

ويرى الكاتب أن الطريقة الوحيدة التي ستجعل التحالف “فاعلاً” هو إجبار بقية الأعضاء القبول بسيطرة السعودية والذي يهدد بجرها في نزاعات متعددة تهندسها الرياض ولصالح الرياض. وهذا سيعرض واشنطن للخطر لأنها ستدعم السعوديين أياً تكن تصرفاتهم مثل تدميرهم الإجرامي لليمن. وفي الحقيقة فإن تسليم السياسة للأمراء السعوديين هو دعوة مفتوحة لحرب إقليمية واسعة وللعقم والفساد.

وستستخدم السعودية والإمارات ميسا لتحقيق أهدافهما لا أهداف الولايات المتحدة أو أي عضو فيه. ولأن البحرينيين والمصريين يتلقون الدعم المالي منهم فسيحاول السعوديون والإماراتيون لإجبار دول الخليج الفارسي المعتدلة والمضي مع ما يريدون.

ويرى الكاتب أن الناتو العربي لن يعطي حكومات المنطقة ما تريده وهي الشرعية السياسية. فدول فاسدة وملكية مطلقة بالإضافة إلى ديكتاتورية وحشية في مصر لن تجذب الشباب العربي المحروم. ولهذا فهي بحاجة للقمع كي تظل في الحكم.

وبالمحصلة فسيكون الناتو العربي اداة لوضع أمريكا في خدمة القمع. واليوم تعتمد دول الخليج الفارسي على العقود في كل شيء من البستنة إلى الأدوية وهي تعمل نفس الشيء وإن بطريقة غير رسمية بالجيش. وسيكون الناتو العربي بمثابة الحلف الذي يجعل القوات الأمريكية المسلحة في حراستها وبدون منفعة للأمريكيين.