اجتماع طهران ومستقبل سورية؛ لمن رجحت الكفة؟!

اجتماع طهران ومستقبل سورية؛ لمن رجحت الكفة؟!

أخبار عربية ودولية

السبت، ٨ سبتمبر ٢٠١٨

 لم يكن حدثاً عاديا على الرغم من أنه تم التحضير له منذ مدة ولكن حساسية الموقف والظرف السياسي والعسكري أرخت بظلالها على اجتماع طهران في الأمس الذي ضم زعماء كلا من "روسيا،تركيا وايران"، وكانت أنظار الملايين تتجه إلى نتائج هذا الاجتماع لكونها ستؤثر ليس فقط على "ادلب" السورية ومصيرها، بل سيكون لنتائج هذا الاجتماع ومصير "ادلب" أثر على مستقبل المنطقة ككل، خاصةً وأننا نتجه نحو طي صفحة "المسلحين" في سوريا وبالتالي نحن امام تحول كبير في الأزمة السورية والمنطقة برمتها لن تكون ولادته يسيرة، ونظرا لاختلاف المصالح ستكون العراقيل موجودة ومن أهداف هكذا اجتماعات تذليل العقبات للمضي قدما نحو رسم مستقبل افضل للمنطقة وللسوريين الذين يتفق جميع المجتمعون على وحدة أراضيهم واستقلالها ولكن ربما الاختلاف يكمن في طريقة الوصول إلى هذا الحدث المنتظر منذ ما يقارب العقد.
 
ادلب
 
الأزمة السورية لم ترهق فقط السوريين بل أرهقت ايضاً دول الجوار لشدة تشعبها وتعقيدها ومع اقتراب ترجيح الكفة لصالح الحكومة السورية يحاول الطرف المقابل منع ذلك بكل الوسائل المتاحة ولا يمكن استثناء تركيا من ذلك لكون مصالحها تختلف نوعا ما عن مصالح ايران وروسيا، لذلك تشكل قضية سوريا واحدة من القضايا والمخاوف الرئيسية لكل من إيران وروسيا وتركيا.
 
بيت القصيد اليوم في "ادلب" والاختلاف بين الدول الثلاث يتمحور حول مصير هذه المدينة، فبينما تصر كل من روسيا وايران على إعادتها إلى حضن الدول السورية برئاسة بشار الأسد تعارض تركيا هذا الأمر وتقترح سيناريو مختلف يتمثل بالعمل على "نزع سلاح" التنظيمات الإرهابية، فيما فشل رهانها على إقرار وقف مسبق لإطلاق النار.
 
الخيارات المتاحة
 
في ادلب الظروف معقدة إلى حد ما مع تواجد أعداد هائلة من المسلحين الذين يتواجد بينهم ارهابيين تحاول جميع الدول قاطبةً محاربتهم وانهاء تواجدهم في تلك المنطقة، ولكونهم ينتشرون بين المدنيين ويحتمون بينهم سيكون من الصعب وربما من العسير انتقائهم واقصائهم خارج تلك الحدود كما تحاول تركيا أن تفعل، فإقصائهم عملية معقدة في ظل تعنتهم وتشبثهم في تلك المنطقة لكونها المجال الأخير لبقائهم على قيد الحياة، واللعب على مسألة المدنيين سيجعل الأمر معقدا ويصعب حله وقد تحدث الرئيس الروسي عن ذلك في الأمس قائلاً: "لا يمكن لأحد أن يعمل على حماية المدنيين بحجة أن يعمل على منع إلحاق الضرر بالمدنيين في إدلب"، في رفض مباشر للإصرار التركي على وقف الهجمات لعدم وقوف كارثة إنسانية في المحافظة.
 
ومع ذلك الخيار السلمي مطروح فقد التزم الجانبان الروسي والإيراني بإتاحة الفرصة أمام خيار "المصالحات" وإلقاء السلاح، في سياق المجهود الذي تقوده أنقرة مع "تحرير الشام" لإقناع قادتها بضرورة التفكّك والانصهار ضمن نسيج "الجيش الوطني" لاحقاً. القبول بهذا التوجه، حضر بوضوح في كلام بوتين، الذي قال: "نأمل أن تُسمع دعوتنا إلى وقف القتال في إدلب... وتتوقف مقاومة ممثلي الجماعات الإرهابية هناك، ويلقوا أسلحتهم".
 
لكن كما ذكرنا في الأعلى حول آلية فصل الارهابيين عن بقية الفصائل والذي يعد امرا معقدا على عكس ما تحاول تركيا طرحه، فالطرح التركي لم يلقى استجابة من ايران وروسيا، لذلك نجد أن الخيار العسكري بقي مطروحا على الطاولة ولا يستبعد تنفيذه خلال الأيام القادمة، فقد شدّد كلا من الرئيسان روحاني وبوتين على ضرورة أن يستعيد النظام السوري السيطرة على كامل الأراضي السورية، وبينما قال بوتين إن "الحكومة السورية الشرعية لها الحقّ في استعادة السيطرة على كل أراضيها الوطنية، وعليها أن تقوم بذلك"، فيما شدد روحاني على أن "محاربة الإرهاب في إدلب جزء لا بدّ منه من المهمة المتمثلة بإعادة السلام والاستقرار الى سوريا".
 
في المقابل رأى أردوغان في هذه التصريحات تلميحاً مباشراً إلى الوجود التركي في سوريا، وشدد على أن "تركيا مصممة على حماية وجودها في المنطقة لحين ضمان وحدة سوريا السياسية والجغرافية والاجتماعية بالمعنى الحقيقي"، وحاول أردوغان اقناع موسكو وطهران بمنحها مزيداً من الوقت للتنسيق والتوصل إلى استراتيجية لمحاربة "هيئة تحرير الشام" بدون هجوم واسع على المحافظة وإبقائها تحت الحماية التركية والمعارضة السورية "المعتدلة"، في محاولة منه لمنع الحكومة السورية من السيطرة عليها، ففي حال تمت السيطرة على "ادلب" من قبل الجيش السوري سيكون موقف تركيا ضعيفا جدا مقارنة ببداية الأزمة، التي كان يسعى من خلالها اردوغان لاستغلال الظرف السياسي لصالحه والحصول على أكبر ميزات ممكنة من سوريا وحكومتها ولكن ما حصل كان على عكس توقعات اردوغان، فقد استطاع الجيش السوري استعادة 95% من مساحة البلاد، في وقت خسر فيه أردوغان جميع الفصائل التي كان يدعمها بعد أن أنهتها الحكومة السورية عن الوجود ولم يبقى منها سوى مجموعات صغيرة يحاول الرئيس التركي لم شملها من جديد دون جدوى، ومع أنه يعلم ان موقفه ضعيف مقارنة بالموقف الروسي والايراني إلا انه حاول استغلال الموقف عبر اللعب على اوتار القضية الانسانية وتحريك مشاعر الناس، وكأنه كان يلعب دور نيلسون مانديلا في سوريا.
 
بالمحصلة السعي لتفعيل الحوار السوري السوري والحل السياسي مطروح وبقوة، وسيتم العمل على اشراك الفصائل المعتدلة في الحوار في القادم من الأيام، ولكن من الواضح انه لن يتم التساهل مع الجماعات المتطرفة وسيتم التعامل معها بما تقتضيه مصلحة الشعب السوري بمجمله.