هجوم أردوغان على إسرائيل لأغراض انتخابية

هجوم أردوغان على إسرائيل لأغراض انتخابية

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٣ يونيو ٢٠١٨

حتى مع اعتماد الزعيم التركي خطابا حماسيا ساخنا حول غزة، فقد تجنب اتخاذ إجراء، ولو رمزيا، ضد العلاقات التجارية، كما كتب "ديفيد روزنبرغ" في صحيفة "هآرتس" العبرية.
 
وقال إن آخر هجوم لأردوغان محرضا ضد إسرائيل، والذي وصفها بأنها "دولة إرهابية" متورطة في "إبادة جماعية" في غزة، من بين أمور أخرى، هو نوع الخطاب الذي تتوقعه من إيران وليس من عضو في حلف الناتو. لكن لا ينبغي لأحد أن يقلل من عقل أردوغان. لكنه وقت الانتخابات في تركيا، ولا ينبغي لأحد في إسرائيل أن يقلل من مدى مشاطرة عواطف أردوغان من قبل الأتراك العاديين. إذ إن طرد سفير إسرائيل في أنقرة مع المعاملة المهينة في المطار، جلب بلا شك الابتسامات إلى جزء كبير من الناخبين الأتراك، تماماً كما فعل نائب نائب وزير الخارجية داني أيالون مع السفير التركي الذي أجلسه في كرسي منخفض في اجتماع قبل ثمانية أعوام، وفي كلتا الحالتين كان الموقف موجها لجلس أصوات الناخبين.
 
وأوضح أن انتخابات 24 يونيو حاسمة بالنسبة لأردوغان لأن الفوز فيها يضمن تحول تركيا من أنموذج برلماني إلى رئاسة تنفيذية، الأمر الذي سيضع سلطات هائلة وغير مسبوقة في يديه. والخطاب المعادي لإسرائيل هو طريقة مفيدة لإلهاء الناخبين القلقين من الهبوط الحادَ للعملة التركية والبطالة والتضخم الذي تجاوز الأعداد الثنائية.
 
والشيء المضحك هو أن عبوس أردوغان يتحول إلى ابتسامة عندما يكون هناك تعامل تجاري. فحتى في أحلك أيام العلاقات الثنائية -تلك السنوات الست بعد غارة سفينة مرمرة- نمت التجارة بين الطرفين في الواقع.
 
ورى الكاتب الإسرائيلي أن أحد أسباب ذلك هو أن الحرب السورية جعلت من المستحيل على المصدرين الأتراك تسليم البضائع بالشاحنات إلى الأسواق في الأردن، لذا لجأوا للاعتماد على إسرائيل. وتقوم السفن التركية بتسليم حاويات مليئة بالبضائع إلى حيفا التي يتم تسليمها بالشاحنات التي يقودها سائقون أتراك على جسر الشيخ حسين. وهناك سبب آخر هو أن تركيا يقال إنها بمثابة نقطة عبور لصادرات آسيا الوسطى من النفط إلى إسرائيل.
 
وبالنسبة لتركيا، ليست إسرائيل سوق تصدير رئيسة (تمثل أكثر من 2 في المائة فقط من إجمالي الصادرات التركية)، لكنها سوق مهمة، حيث تتمتع تركيا -التي تعاني عجزاً تجارياً ضخماً- بفائض تجاري كبير.
 
في الأسبوع الماضي، استضاف أردوغان قمة "استثنائية" لمنظمة التعاون الإسلامي، والتي دعت، من بين أمور أخرى، إلى مقاطعة منتجات المستوطنات في الضفة الغربية. وقال أردوغان يوم الثلاثاء إن تركيا ستلتزم بالقرار. لكن هذا لا يعيش شيئا. فلأن الصادرات من المستوطنات قليلة، فإن تعهد أردوغان ليس أكثر من مواقف فارغة.
 
علاوة على ذلك، أوضح أردوغان أنه ليس في عجلة من أمره حتى في العمل على هذه البادرة الرمزية. وقال، نقلا عن تقرير نشرته صحيفة حرييت التركية: "بالطبع سنقيم الوضع أيضا. وسنقيم علاقاتنا، وخاصة الاقتصادية والتجارية، معهم.. لدينا انتخابات قادمة. سنقوم باتخاذ خطوات في هذا الاتجاه بعد الانتخابات"
 
وعندما عندما اقترح حزب الشعب الديمقراطي المؤيد للأكراد تعليق العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، قبل بضعة أسابيع، حرص حلفاء أردوغان في البرلمان على إلحاق الهزيمة به.
 
ويبدو أن الناخبين الأتراك يريدون من زعيمهم أن يهاجم إسرائيل، لكنهم ليسوا واثقين من أنهم يريدون أن يكلفهم أي شيء. ولعل الأهم من ذلك، أن الشركات التركية لا تريد إفساد علاقة تجارية جيدة
 
ومع ذلك، وفقا لتقديرات الكاتب الإسرائيلي، فإن السؤال الكبير هو ما إذا كان يمكن الاعتماد على أردوغان شريكا يعول عليه في أي اتفاق غاز في المستقبل لتصدير الغاز الإسرائيلي عبر خط أنابيب إلى تركيا.
 
في ظاهر الأمر، يجب أن يكون الاتفاق التركي الإسرائيلي مكسبًا للجميع، حيث تحصل إسرائيل على سوق تصدير كبيرة لطاقتها، وهو ما تفتقر إليه الآن، ويمكن لتركيا أن تفطم نفسها، إلى حد ما، عن الغاز الروسي وتحقق حلمها، لتصبح محور الطاقة الدولي.
 
ولكن لسوء الحظ، ينطوي أي مشروع خط أنابيب دولي للغاز على مخاطر هائلة. على عكس النفط، الذي يمكنك وضعه على السفينة ونقله إلى أي مكان تريده، فإن الغاز مكلف ويتطلب التزاما طويل الأجل للمشتري والبائع، الذين يتعين عليهم إنفاق المليارات على بناء البنية التحتية للأنابيب، وهو مشروع يستغرق سنوات، ثم عليهم الحفاظ على علاقات عمل لمدة لا تقل عن 20 عامًا.
 
علاوة على ذلك، كما أورد الكاتب، فإن إدارة أردوغان للاقتصاد متقلبة جدا، بحيث لا تكون إسرائيل واثقة من أن الاقتصاد التركي سوق ثابت يمكن الاعتماد عليه.