المنطقة إلى المجهول.. ترامب ينسحب من “النووي” الإيراني

المنطقة إلى المجهول.. ترامب ينسحب من “النووي” الإيراني

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٩ مايو ٢٠١٨

متجاهلاً النداءات الاوروبية والدولية، نفذ الرئيس الاميركي دونالد ترامب وعده بالانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران الذي وقعته ادارة الرئيس السابق باراك أوباما عام 2015. ورد الرئيس الايراني حسن روحاني على الخطوة الأميركية بالاعلان ان طهران ستبقى ملتزمة الاتفاق في الوقت الحاضر في انتظار مشاورات ستجريها مع الأطراف الآخرين الموقعين للاتفاق لتعرف ما إذا كان ممكناً الحفاظ على هدفه.
وسارعت اسرائيل الى الترحيب بقرار الانسحاب وأمر الجيش الاسرائيلي بفتح الملاجئ في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، فيما تحدثت دمشق عن تصدي الدفاعات الجوية السورية لصاروخين اسرائيليين استهدفا موقعاً للجيش السوري في منطقة الكسوة قرب العاصمة السورية. وأيّدت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة القرار الأميركي.
وفور انتهاء ترامب من الخطاب الذي وجهه الى الشعب الأميركي من البيت الأبيض، وقع مذكرة تقضي باعادة فرض العقوبات على ايران والتي علقت بعد توقيع الاتفاق. وكرّس ترامب النصف الأول من خطابه لانتقاد السلوك الايراني السلبي في المنطقة وفي العالم. وشدّد على رعاية طهران للإرهاب ودعمها لتنظيمات مثل حزب الله وحركة المقاومة الاسلامية حماس وحركة طالبان وتنظيم القاعدة، ومسؤوليتها عن قتل جنود أميركيين وخطف مدنيين أميركيين، وذّكر بدورها “التخريبي” في المنطقة. وشدّد على ان “هذا الاتفاق الرهيب الذي يفيد طرفاً واحداً ما كان يجب ان يوقع اطلاقاً، فهو لم يجلب الاستقرار، ولم يجلب السلام، ولن يفعل ذلك أبداً”.
وجاء اعلان ترامب قبل أربعة أيام من الموعد المحدد لتعليق أو تجديد العقوبات في 12 أيار الجاري.
وفي هذا السياق، حض عدد من الزعماء الجمهوريين المحافظين في الكونغرس من الذين عارضوا بشدة الاتفاق حين توقيعه، ترامب على عدم تعطيله والعمل على اصلاحه أو تعديله.
وخلال حديثه عن تاريخ البرنامج النووي الايراني، تطرق ترامب الى ما وصفه بـ”الأدلة الدامغة” التي كشفتها اسرائيل الأسبوع الماضي على أن ايران قد ضللت العالم في شأن برنامجها النووي العسكري، وهو البرنامج الذي جمّدته قبل سنوات من توقيع الاتفاق الدولي.
وكرر ترامب انتقاداته للاتفاق لأنه لم يشمل برنامج الصواريخ الباليستية الايرانية، ولأنه لا يسمح لفرق التفتيش الدولية بمعاينة المنشآت العسكرية الايرانية، ولانه لم يتناول “النشاطات التخريبية لايران” في المنطقة، بما في ذلك دعمها للإرهاب.
وخلص ترامب الى ان الاتفاق سيئ في جوهره. ورأى ان صونه يعني ان ايران، الدولة الراعية للارهاب، “سوف تصل الى عتبة الحصول على الاسلحة الأخطر في العالم… لذلك، أنا أعلن اليوم ان الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي مع ايران”. وأضاف انه بعد انتهاء خطابه سيوقع مذكرة “لبدء عملية إعادة فرض العقوبات ضد النظام الايراني المتعلقة بالبرنامج النووي، وسنفرض أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية”. وحذر من أن “أي دولة تساعد ايران في سعيها للحصول على الأسلحة النووية سوف تتعرض لعقوبات أميركية قوية”.
 
روحاني
ورداً على قرار ترامب، قال روحاني في خطاب متلفز، إنه أصدر تعليمات الى وكالة الإيرانية للطاقة الذرية للقيام بما هو ضروري. وأكد أن الولايات المتحدة لم ولن تلتزم ما تعهدته إطلاقاً، مشيراً إلى ان الاتفاق النووي هو اتفاق دولي وليس اتفاقاً ثنائياً بين بلدين.
ولاحظ انه “بالخروج من الاتفاق تقوض أميركا رسمياً التزامها معاهدة دولية”. وأضاف: “أصدرت أوامر الى وزارة الخارجية بأن تجري خلال الأسابيع المقبلة مشاورات مع الدول الأوروبية والصين وروسيا. إذا توصلنا خلال هذه الفترة القصيرة إلى نتيجة أنه يمكن من طريق التعاون مع هذه البلدان تحقيق الاستفادة الكاملة من الاتفاق عند ذلك سيبقى الاتفاق النووي”.
وأبدى استعداد طهران لمعاودة نشاطاتها النووية بعد إجراء محادثات مع الأعضاء الأوروبيين الموقعين للاتفاق.
وشدد على سلامه الأوضاع الإقتصادية، ملعناً وضع خطة لتأمين العملات الصعبة للبلاد، وان لا داعي لقلق المواطنين.
 
أوروبا ملتزمة الاتفاق
وحضت بريطانيا وألمانيا وفرنسا الولايات المتحدة على عدم اتخاذ خطوات تعرقل تنفيذ الدول الأخرى الاتفاق النووي الموقع مع إيران.
وقال زعماء بريطانيا وألمانيا وفرنسا في بيان مشترك أصدره مكتب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي: “نحض الولايات المتحدة على عدم المساس بهيكل الاتفاق النووي وتجنب اتخاذ إجراءات تعرقل تنفيذ الأطراف الآخرين الموقعين للاتفاق إيّاه تنفيذاً كاملاً”.
وتحادثت ماي هاتفياً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بعدما أعلن ترامب قرار الانسحاب وإعادة فرض العقوبات على إيران.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني على “تويتر”: “(الاتفاق) يسهم في تحقيق الأمن في المنطقة ويوقف الانتشار النووي”، وأن إيطاليا ستقف بجانب حلفائها الأوروبيين في الحفاظ على التزاماتها.
 
روسيا: تهديد للأمن الدولي
وعلق مصدر في وزارة الخارجية الروسية على قرار ترامب قائلاً: “إن هذا الإجراء انتهاك صارخ للقانون الدولي والاتفاقات الدولية وعمل يقوض سمعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية… إن قرار رئيس الولايات المتحدة يهدد الأمن الدولي”. وأكد مواصلة الجهود للحفاظ على الاتفاق.
ولاحقاً اعلنت وزارة الخراجية الروسية في بيان، أن موسكو منفتحة على الأطراف الآخرين في الاتفاق النووي وانها ستواصل تطوير علاقاتها مع إيران.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الأطراف الآخرين الموقعين للاتفاق النووي مع إيران إلى التزام تعهداتها. وأبدى قلقه الشديد من قرار ترامب.
وحذر الناطق باسم الرئاسة التركية ابرهيم كالن من أن قرار الولايات المتحدة الانسحاب من جانب واحد من الاتفاق النووي سيزعزع الاستقرار ويثير صراعات جديدة.
ونقل الإعلام السوري الرسمي عن وزارة الخارجية أن سوريا “تدين بشدة” قرار ترامب ، وقالت إنه سيزيد التوتر في العالم.
 
تأييد سعودي واماراتي
ورحبت السعودية بقرار ترامب. وجاء في بيان بثته قناة “العربية” السعودية التي تتخذ دبي مقراً لها: “تؤيد المملكة العربية السعودية وترحب بالخطوات التي أعلنها فخامة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيال انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي، وتؤيد ما تضمنه الإعلان من إعادة فرض للعقوبات الاقتصادية على إيران والتي سبق لها أن تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي”. ورأى أن ايران “استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، وخاصة من خلال تطوير صواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة”.
كما اعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة أنها تؤيد قرار الولايات المتحدة وعبرت عن دعمها لاستراتيجية ترامب في التعامل مع طهران.
وقالت وكالة أنباء الإمارات “و ا م” إن وزارة الخارجية الاماراتية حضت المجتمع الدولي على “الاستجابة لموقف الرئيس ترامب لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل”.
 
ترحيب اسرائيلي واستنفار
وأكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريح مباشر عبر التلفزيون العام ان “اسرائيل تدعم تماماً القرار الشجاع الذي اتخذه الرئيس ترامب اليوم برفض الاتفاق النووي الكارثي” مع الجمهورية الاسلامية.
وأعلن الجيش الاسرائيلي انه طلب من السلطات المحلية في هضبة الجولان المحتلة ان تفتح وتحضر الملاجىء المضادة للصواريخ بسبب “نشاطات غير مألوفة للقوات الايرانية في سوريا” في الجهة الاخرى من خط التماس. وقال في بيان إنه “تم نشر منظومات دفاعية” وإن القوات الاسرائيلية “في حالة استنفار قصوى في مواجهة خطر هجوم”. وأضاف ان “الجيش الاسرائيلي مستعد لمواجهة مختلف السيناريوات ويحذر من ان أي اعتداء على اسرائيل سيستدعي رداً شديداً”.
وصرحت ناطقة عسكرية اسرائيلية لـ”رويترز”: “إننا نستدعي جنود الاحتياط في حالات محددة بحسب الحاجة”.
 
غارة قرب دمشق
وأفاد مراسل قناة “روسيا اليوم” في سوريا أن انفجاراً ضخماً دوى في نقطة تابعة للجيش السوري قرب الكسوة بريف دمشق.
وأعلن مصدر عسكري سوري ان “الدفاعات الجوية السورية تصدت لصاروخين اسرائيليين قرب الكسوة.
ونقلت “رويترز” عن قائد عسكري موالٍ للرئيس السوري بشار الأسد، ان الضربة الإسرائيلية لم توقع ضحايا.