ماكرون ساعي بريد في «الحوار» الروسي ــ الأميركي

ماكرون ساعي بريد في «الحوار» الروسي ــ الأميركي

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٤ أبريل ٢٠١٨

بينما يستغل شركاء واشنطن الغربيين كل فرصة لحشد الجهود ضد موسكو، وبخاصة في الملف السوري، تبدو باريس منهمكة في نقل الرسائل بين الطرفين الأميركي والروسي في هذا الشأن
تعمّق انخراط باريس في مهمة تمثيل المصالح الأميركية، في واحدة من ذرى «الجفاء» الأميركي ــ الروسي، وبخاصة في الملف السوري. الجليد بين العاصمتين شكّل ساحة واسعة للعب الفرنسيين دور «ساعي البريد» بينهما، وتبنيهم «إقناع» الرئيس دونالد ترامب بإبقاء قواته في سوريا لفترة أطول. وبينما ترصّ الولايات المتحدة صفوف معسكرها في وجه روسيا، بدءاً من مجلس الأمن وليس انتهاءً بالعقوبات الاقتصادية الأحادية، ينهمك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في سلسلة لقاءات واتصالات مع مسؤولي الدول المعنية بالملف السوري. إذ وصل أمس إلى الولايات المتحدة، في زيارة رسمية لنظيره الأميركي، واستبق تلك الزيارة باتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تضمن نقاطاً عدّة أبرزها الملف السوري. كما يفترض أيضاً، أن يزور ماكرون موسكو، خلال شهر أيار المقبل. بيان كل من الرئاستين، الروسية والفرنسية، حول الاتصال، وإن تضمن الإشارة إلى ضرورة دفع المحادثات السياسية، فقد تطرق إلى نقاش الضربة العسكرية الأخيرة ضد سوريا، بمقاربتين مختلفتين. إذ نوّه بيان «الكرملين» إلى اعتبار بوتين أن تلك الضربات المخالفة للقانون الدولي، عقّدت الوضع في سوريا، في حين لفت بيان «الإليزيه» إلى قانونية تلك الضربات ومشروعيتها. هذا التباين في الموقفين الروسي والغربي، تبلور في شكل آخر ــ أكثر حدة ــ في كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي رأى في التصريحات الفرنسية عن ضرورة بقاء القوات الأجنبية على الأرض السورية «موقفاً استعمارياً»، مضيفاً أن بلاده سوف تطلب توضيحات من باريس بهذا الخصوص.
اللافت في تصريحات لافروف، كان إشارته إلى ضرورة «الاستعداد لاحتمال تكرار هذه الاستفزازات» في إشارة إلى الضربات العسكرية الثلاثية، موضحاً أن بلاده حذّرت «زملاءنا الأميركيين والأوروبيين المشاركين في هذه المغامرة». وجاء ذلك بالتوازي مع تأكيده أن بلاده لم تقرر بعد إذا ما كانت ستسلّم منظمة الدفاع الجوي «S 300» إلى سوريا، مضيفاً أنها حين تقرر التسليم سوف تعلنه في شكل واضح. كلام الوزير جاء بعدما نقلت صحيفة «كوميرسانت» الروسية، ما مفاده أن تسليم المنظمة سوف يبدأ في وقت قريب، مشيرة في الوقت نفسه إلى احتمال إرسال عسكريين روس إلى مواقع نشر المنظومة، للإشراف على عملها. ويأتي هذا الحديث في وقت يرتفع التوتر بين إسرائيل وإيران في سوريا، مع تهديدات إسرائيلية متكررة تحذّر إيران من أي تحرك عسكري انطلاقاً من هناك. وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أمس، أن قائد المنطقة المركزية الوسطى الأميركية، جوزف فوتيل، زار إسرائيل والتقى كبار المسؤولين العسكريين فيها، لبحث تطورات المنطقة وتحديداً في سوريا. وفي المقابل، استقبلت دمشق أمس، كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري، الذي التقى الرئيس بشار الأسد. وهي الزيارة الثانية لمسؤول إيراني رفيع المستوى خلال أسبوعين، وتأتي بعد لقاء أنصاري، المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، قبل أيام في طهران.
وعلى الأرض، تواصلت المعارك ضد تنظيم «داعش» جنوب شرقي دمشق، مع محاولة الجيش السوري عزل الجيب الذي يضم مخيم اليرموك وحيي الحجر الأسود والقدم. وبينما يكثّف الجيش استهدافه المدفعي والجوي لعدد من مواقع المسلحين، تتقدم القوات البرية ببطء في المنطقة السكنية، التي تتضمن تحصينات هامة بنيت خلال سنوات الحرب على أطراف المخيم، وضمنه في المعارك الداخلية بين الفصائل. ويتركز الجهد الميداني على أطراف حي التضامن من الشمال، وعلى المنطقة الفاصلة بين يلدا والحجر الأسود. وفي بلدات القلمون الشرقي، وبعد خروج دفعتين من المسلحين والمدنيين الرافضين لتوقيع تسوية من الجانب الحكومي، قرر عدد من أبناء تلك البلدات البقاء في المنطقة وتسوية أوضاعهم، بعدما كانوا قد سجلوا أسماءهم للرحيل نحو الشمال. وفي ريفي حمص وحماة، تسخن المعارك في شكل تدريجي على أطراف الجيب المحيط بمدينة الرستن، حيث استهدف الجيش مواقع المسلحين أمس، في قرى عيدون والسطحيات والعامرية، في ريف حماة الجنوبي، وسط اشتباكات على محور قرية الحمرات.
وبينما ينتظر انطلاق أعمال مؤتمر بروكسيل الثاني، الخاص بالقضية السورية والهادف إلى جمع نحو ستة مليارات دولار لتخصيصها للمساعدات الإنسانية، بقي احتمال حضور وزير الخارجية الروسي من عدمه، معلّقاً، بغياب تصريح رسمي من موسكو. وعلى رغم اللهجة العدائية التي خرجت عن اجتماع وزراء خارجية «الدول السبع» في مونتريال الكندية، تجاه روسيا، فقد أكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أن «وثيقة البيان الختامي تؤكد أن لا حل سياسي في سوريا من دون روسيا». وهو ما كرّره الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وإن بصيغة مختلفة، إذ اعتبر أن «من السذاجة» الاعتقاد بأن الأمم المتحدة قادرة على حل الأزمة السورية «بشكل سحري»، مضيفاً أن «الأحداث في سوريا خلال السنوات الأخيرة مؤشر على عودة الحرب الباردة، وفي السابق كان العالم ثنائي القطب، وكانت روسيا والولايات المتحدة، تتمكنان من السيطرة على حلفائهما... أما في الحرب الباردة الحالية لا يستطيع هذان البلدان السيطرة على الجميع... فهناك تركيا والسعودية وإيران وغيرها».