إسرائيل تُقّر: سلاح الجوّ لن يحسم المعركة وسلاح البريّة ليس جاهزًا وقادرًا وكلّ بقعةٍ باتت بمرمى صواريخ حزب الله

إسرائيل تُقّر: سلاح الجوّ لن يحسم المعركة وسلاح البريّة ليس جاهزًا وقادرًا وكلّ بقعةٍ باتت بمرمى صواريخ حزب الله

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٩ يناير ٢٠١٨

زهير أندراوس:
لا يختف عاقلان بأنّ إسرائيل لا يُمكنها أنْ تتعايش على المدى البعيد، أيْ الإستراتيجيّ، مع التهديد الذي تُشكّله منظمة حزب الله، “جريرة إيران”، على الأمن القوميّ للدولة العبريّة، ولكن بالمُقابل، منذ أنْ وضعت حرب لبنان الثانية أوزارها في آب (أغسطس) من العام 2006، توقّفت الحروب بين الطرفين، وتمكّنت المقاومة من تغيير قواعد اللعبة والاشتباك، على حدٍّ سواء، وباتت إسرائيل تتكلّم كثيرًا وتفعل قليلاً، ومع ذلك، من خلال تتبّع شؤون الكيان فإنّ الحرب الإسرائيليّة على لبنان غير منتفيةٍ.
علاوةً على ذلك، من الواضح أنّ جزءً كبيرًا جدًا من المواقف والتصريحات الإسرائيلية، تهويلات تهدف إلى تضخيم نتائج الحرب، بهدف منعها ومنع ما من شأنه أنْ يسبّبها، في مقابل مستوى آخر من التصريحات، محدود جدًا، يقدّر فعليًا ماهية الحرب والسيناريوهات والنتائج، وما يُمكن أن يتخللها عمليًا.
وعلى سبيل الذكر، فإنّ إعادة لبنان إلى العصر الحجريّ، يهدف إلى توليد خشية في الوعي الجمعيّ لدى اللبنانيين، علّها تضغط على المقاومة، على أمل منعها من تفعيل قدراتها العسكرية الدفاعيّة في وجه إسرائيل، أوْ علّها تؤدي إلى ردع المقاومة عن تعزيز قدراتها.
أمّا تقدير وتوصيف الحرب نفسها والسيناريوهات، فهي خارجة إلى حدٍّ كبيرٍ عن التقديرات، وتحديدًا تلك القطعية منها، وإنْ كان ذلك ممكنًا نظريًا. كما أنّ حجم إمكانات الطرفين على التدمير هائلة، وهي إمكانات تفرض نفسها كبحًا في الاتجاهين، قبل المعركة وخلالها، إنْ حصلت.
وباعتراف إسرائيليٍّ رسميٍّ فإنّ قدرة التدمير لدى المقاومة قد لا تصل إلى حدّ إعادة إسرائيل إلى العصر الحجريّ، لكنّها قادرة بلا جدال على ألّا تُبقي إسرائيل كما هي عليه الآن، وهذا الأمر هو ما يؤثر على صنّاع القرار في تل أبيب ويمنعهم من تفعيل خياراتهم العدائية، وهو ما يُسّمى أيضًا الردع المتبادل، بصرف النظر عن مستوى وحجم القوّة الماديّة العسكريّة التي أدّت إلى الردع المتبادل.
ولا يتناقض مع ما تقدّم أن لإسرائيل أيضًا قدرات عسكريّة، وهي أعلى ممّا لدى المقاومة، وعلى الرغم من ذلك، فإنّ وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، صاحب التهديدات الرنانة (قصف السدّ العالي في مصر) ودعوات القتل (تصفية قادة حماس) والمواقف المتطرفة (تهجير عرب المثلث)، قال في سياق تعليقه على الحرب المقبلة مع حزب الله إنّه لا قدّر الله إنْ وقعت الحرب في الشمال، فإنّها لن تكون كما كانت عليه حروب الماضي، بحسب موقع (WALLA) العبريّ. تعبير ليبرمان كافٍ بذاته للدلالة على موقف إسرائيل الفعليّ من الساحة اللبنانيّة، وخشيتها منها، ومن شأنه أيضًا أنْ يُفسّر امتناعها عنها.
إضافةً إلى قدرة التدمير للمقاومة، التي تمنع بدورها إسرائيل من المبادرة إلى الحروب، فقد كشفت صحيفة (معاريف) النقاب عن اتجاهٍ تبلور في الجيش الإسرائيليّ مؤخرًا، يدعو إلى تعزيز القدرة الصاروخيّة على حساب سلاح الجوّ، وهي إستراتيجيّة بناء للقوّة وتفعيلها، مبنية على الخشية من نتائج المخاطرة بالطائرات الهجوميّة وإمكان إسقاطها وسقوط طياريها في الأسر.
على هذه الخلفية، أيْ تقليص الاعتماد على سلاح الجو والابتعاد عن المخاطرة، أصدر ليبرمان تعليماته الأسبوع الماضي، بتأمين أول رزمة تمويل لشراء الصواريخ الدقيقة، وهي ستُخصص لعمليات الدائرة الأولى المحيطة بإسرائيل، وفي مقدمتها الساحتان اللبنانيّة والسوريّة.
معطىً آخر ومهم، ورد في تقرير (معاريف) أمس، وأكّد على أنّ ليبرمان وقيادة الجيش الإسرائيليّ غير مقتنعين بقدرات ذراع البرّ الموجودة لديهم. حيث شدّدّت الصحيفة على أنّ وزير الأمن غير مقتنع، كما قيادة الجيش، بأنّ ذراع البر جاهزة فعلاً لمواجهة التحديات الماثلة أمامه، إذا افتتحت المعركة في الجبهة الشماليّة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ ما ينتظرنا في الشمال سيكون مغايرًا كليًا. وأوضح أيضًا: لن يكون نصر الله وحده هناك في المعركة، بل إلى جانبه الجيش العربيّ السوريّ، وكذلك قوات الحرس الثوريّ والفصائل المرتبطة به، التي تملأ المنطقة، كما أكّدت الصحيفة العبريّة.
بناءً على ما تقدّم، يُمكن الجزم إنّ أربعة عوامل مؤثرة ورادعة ضمن عوامل أخرى، ستكون حاضرةً على طاولة صنّاع القرار في إسرائيل، وهي كذلك، لدى طرح الخيارات المتطرّفة تجّاه الساحة اللبنانيّة: قوة التدمير لدى حزب الله، يُضاف إليها منظومات دفاع جويّ، وحرب متعددة الجهات، وعدم جاهزية ذراع البر الإسرائيليّة لخوض الحروب. واختتمت (معاريف) تقريرها بالقول الفصل: مع كلّ الاحترام للجميع، من دون أيّ مناورةٍ بريّةٍ لجنود على الأرض، لا يمكن الانتصار في الحروب، بحسب تعبيرها.
وبقى أنْ نذكر في هذه العُجالة أنّه باعترافٍ رسميٍّ إسرائيليٍّ فإنّ كلّ بقعةً في الدولة العبريّة باتت في مرمى صواريخ المُقاومة، بما في ذلك مفاعل ديمونا النووي، وجميع المنشآت الحساسّة في إسرائيل، ذلك أنّه وفق التقديرات الأخيرة، فإنّ الحزب يمتلك أكثر من 150 ألف صاروخ، والقسم الأكبر منها بات دقيقًا للغاية ومًتطوّرًا جدًا.