"أزمة الحريري" بين تيلرسون وكوشنير

"أزمة الحريري" بين تيلرسون وكوشنير

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٧

 كشف تقرير إخباري أمريكي أن الأحداث المحيطة باستقالة رئيس الوزراء اللبناني، صبت زيتا إضافيا على نار الخلافات المشتعلة تحت السطح في واشنطن بين مركزين لصنع سياستها الخارجية.

وأفاد الكاتب مارك بيري في مقال نشر في مجلة "The American Conservative" ، استنادا إلى معلومات حصل عليها من دبلوماسيين ومسؤولين أمريكيين، أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون "أصيب بصدمة كاملة" من إعلان الحريري عن استقالته من الرياض في 4 تشرين الثاني في خطوة بدا أنها من إخراج سعودي.

وفي هذا السياق، نقل بيري عن دبلوماسي أمريكي اعتقاده، أن سياسات الحريري على رأس الحكومة اللبنانية باتت تثير حفيظة السعوديين، خاصة بعد أن تمكن خلال زيارته إلى واشنطن في آيار الماضي، من إقناعها بتخفيف العقوبات المخطط فرضها على مؤسسات مالية لبنانية يشتبه بعلاقتها مع حزب الله، مبينا أن ذلك كان سيعرض للخطر الاقتصاد اللبناني الهش بأسره.

ووفق الدبلوماسي، فإن ذلك أصبح بمثابة شعرة قصمت ظهر البعير بالنسبة للسعوديين، الذين اعتبروا أن الحريري خضع لإيران، وقرروا استبدال شقيقه الأكبر بهاء به في رئاسة تيار المستقبل والحكومة اللبنانية.
ووفقا لدبلوماسي رفيع، فأن ما أغضب تيلرسون ليس فقط فشل الرياض في إبلاغ واشنطن مسبقا بتحرك خطير لها في المنطقة، وذلك للمرة الثانية خلال نصف السنة، بعد قرار قطع العلاقات مع قطر في حزيران الماضي، بل اشتبه تيلرسون بأن البيت الأبيض، وتحديدا صهر الرئيس ومستشاره جاريد كوشنير، كان على علم بما حدث من دون أن يتقاسم هذه المعلومة معه.

ورفض الدبلوماسي الافتراض أن السعوديين لم يحيطوا كوشنير علما حول ما خططوا للحريري، مؤكدا أن كوشنير ومحمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، "ليسا قريبين لبعضهما فحسب، بل قريبين جدا جدا". يذكر أن كوشنير قد قام بعدة زيارات إلى السعودية خلال العام الجاري، آخرها في تشرين الأول.

كما أن هناك سبب آخر لتفضيل السعوديين كوشنير على تيلرسون، وهو اعتقادهم أن زوج إيفانكا، بنت ترامب، يتمتع بتأثير أقوى على الرئيس.

وتابع صاحب التقرير، أنه بالرغم مما واجهه تيلرسون من اتهامات بالنأي بالنفس عن أزمة الحريري، العكس تمام هو صحيح، بحسب شهادات دبلوماسيين.
بدأ تيلرسون، كما اعتاد عليه، بالعمل الهادئ بعيدا عن الأضواء على جمع المعلومات وإجراء الاتصالات، حيث عقد لقاء مطولا مع نظيره السعودي عادل الجبير في 7 تشرين الثاني، في حين تحدث سفراؤه ومبعوثوه إلى بيروت والرياض مع المسؤولين هناك.

وفي 10 تشرين الثاني، بدأ تيلسون بهجوم، عندما أصدرت الخارجية الأمريكية بيانا باسمه، تضمن تأكيدا على دعم الحريري الذي وصفه بـ"الشريك القوي للولايات المتحدة"، وانتقادا ضمنيا لكل من إيران والسعودية، حيث قال البيان: "تحذر الولايات المتحدة أي طرف داخل لبنان أو خارجه" من استخدام لبنان كساحة للصراعات بالوكالة أو المساهمة بأي شكل في زعزعة الاستقرار في ذلك البلد".

وفي اليوم نفسه أجرى ديفيد ساترفيلد، مساعد تيلرسون في شؤون الشرق الأدنى، لقاء وصفت أجواؤها بالمشحونة والبشعة في واشنطن مع ثامر السهبان وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي والمستشار المقرب من الأمير محمد، حيث وضع المسؤول الأمريكي ضيفه أمام مجموعة من الحقائق، منها: أمريكا لا تؤيد المبادرة السعودية، وتعتبر حركات الرياض مزعزعة للاستقرار، وتجدد دعمها سعد الحريري وترفض أن يشغل بهاء محله.

وشهدت الأيام القليلة التالية بوادر انفراج للأزمة تتوجت بعودة الحريري إلى بيروت في 21 تشرين الثاني.
ولفت صاحب المقال، إلى أن تيلرسون يظهر تباينا حادا مع رأي البيت الأبيض الذي يميل إلى عدم التشكيك في الطروحات السعودية، وهو ما كان واضحا خلال الأزمة القطرية، عندما "هدم السعوديون عمدا الجبهة السنية الموحدة للعالم العربي ضد إيران، وأصبح حتى أكثر وضوحا الآن في خضم أزمة الحريري".

وفيما يخص مصير التنافس بين سياستين خارجيتين لأمريكا واحدة للخارجية يديرها تيلرسون والأخرى للبيت الأبيض يقودها كوشنير، يقول الدبلوماسي الأمريكي مازحا "إن تيلرسون سيكون وزيرا حتى يستقيل أو يقال، في حين ربما سيبقى كوشنير صهرا للرئيس الى الأبد".

تجدر الشارة إلى أن الشرخ بين تيلرسون والبيت الأبيض الذي كان كوشنير قد أسس له على مدى أشهر والذي كانت أزمة الحريري إحدى محطاته، ساهمت زوجته إبفانكا مؤخرا في تعميقه، عندما تقرر أن ترأس الوفد الأمريكي إلى منتدى عالمي كبير في الهند، ما دفع تيلرسون إلى منع كبار دبلوماسييه من المشاركة في الوفد، بحسب الإعلام الأمريكي.