تيلرسون عرضة “لإحراج” و “إذلال” ترامب.. هل يقيله قريباً؟

تيلرسون عرضة “لإحراج” و “إذلال” ترامب.. هل يقيله قريباً؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٧ نوفمبر ٢٠١٧

علاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوزير خارجيّته ريكس تيليرسون “قد تكون كُسرت بطريقة لا يمكن إصلاحها”. بهذه الكلمات، وصف الكاتب السياسيّ في مجلّة “نيويوركر” دكستر فيلكنز التوتّر الذي يسود منذ فترة العلاقة بين ترامب ووزير خارجيّته. فمنذ أيّام قليلة، أعلن الرئيس الأميركي أنّه غير متأكّد ممّا إذا كان تيلرسون سيبقى في منصبه حتى نهاية ولايته الرئاسيّة. وأبدى “عدم سروره” بكون بعض موظّفي الوزارة غير داعم لأجندة الرئيس السياسيّة. جاء كلام ترامب خلال مقابلة إعلاميّة على قناة “فوكس نيوز” يوم الخميس الماضي حين أكّد أنّ صاحب القرار الأوّل والأخير في تحديد توجّهات السياسة الخارجيّة هو الرئيس الأميركي. وعندما سئل عمّا إذا كان يريد إبقاء تيليرسون في منصبه قال: “حسناً، سنرى. لا أعلم”.

من الطبيعي أن يصبح غياب الثقة بين الرجلين سمة بارزة في العلاقة التي تجمع ترامب بوزير خارجيّته. فمنذ شهر، نقلت شبكة “أن بي سي” الأميركيّة عن مسؤولين، قولهم إنّ تيليرسون كان قاب قوسين أو أدنى من الاستقالة. وأشارت الشبكة إلى أنّ الأخير فكّر باتّخاذ القرار أواخر تمّوز الماضي قبل أن يعود عن قراره بعد تمنّي عدد من مسؤولي البيت الأبيض. وتحدّثت أيضاً عن نعت تيليرسون للرئيس بال “أحمق” على مسامع عدد من المسؤولين بعد اجتماع في البنتاغون خلال الشهر نفسه. جاء ذلك بعدما امتعض ترامب من سياسة تقليص الدول الكبرى بما فيها الولايات المتّحدة لترسانتها النوويّة.

“حماقة” و “ذكاء”
بعد تلك الأخبار، نفى تيليرسون تفكيره بتقديم قرار الاستقالة، غير أنّه تحاشى الردّ على سؤال مرتبط بالأخبار حول النعوت التي أطلقها ضدّ الرئيس الأميركي واصفاً إيّاها بأنّها “أمور تافهة”، ومشدّداً على “ذكاء” الرئيس في السياسة الخارجيّة. أمّا ترامب فوضع حينها “ثقته الكاملة” بتيليرسون مصنّفاً تلك الأخبار في خانة ال “مزيّفة”. لكن مع ذلك، يبدو أنّ ثمّة تباعداً شخصيّاً متزايداً بين الطرفين إضافة إلى التباعد السياسي. فالاختلاف في التوجّه الخارجي بينهما برز في عدد من المحطّات من بينها كوريا الشماليّة والأزمة القطريّة والملف النوويّ واتفاقية باريس للمناخ وغيرها. من هنا، يبدو إعلان ترامب عدم علمه بما إذا كان تيليرسون سيستمرّ في منصبه باباً لمرحلة جديدة بين الطرفين خصوصاً مع إصرار الرئيس الأميركي على محوريّته في صناعة القرار الخارجيّ. وكانت شبكة “سي أن أن” تحدّثت الشهر الماضي عن أنّ الخلاف بين الرجلين في أعلى مستوياته.

“زمنه قصير”
قد لا تغطّي مرافقة ترامب لتيليرسون في جولته الآسيويّة هذه الاختلافات. وتوجّب على تيليرسون أن يحاول تبديد الإشاعات التي تحدّثت عن “أنّ زمنه في وزارة الخارجيّة قصير” كما أشارت إلى ذلك شبكة “أي بي سي” الإخباريّة. يضاف إلى ذلك أنّ مشرّعين جمهوريّين وديموقراطيّين في الكونغرس الأميركي قد انتقدوا ترامب لأنّه لم يقم بملء الشواغر الأساسيّة المستمرّة في وزارة الخارجيّة. أكثر من ذلك، أراد الرئيس الأميركي تقليص النفقات في الوزارة نفسها وتخفيض المساعدات الخارجيّة التي تمرّ عبر تلك الوزارة ممّا أدّى إلى إنهاء عدد من الوظائف فيها. لكنّ ذلك قد يكون من الأمور القليلة التي يتفاهم حولها الرجلان. وكتبت شبكة “سي بي أس” أنّ دايفد رانك الذي استقال من منصبه كمساعد السفير في الصين، لم يكن راضياً على طريقة ترامب في إدارة الأمور: “من المؤكّد أنّ الرئيس ترامب قادر على جعل نجاح الوزير تيليرسون في مهمته مستحيلاً”.

“مفترق طرق”
تضيف الشبكة أنّ 300 من المناصب البارزة في الوزارة ما زالت شاغرة وهنالك 48 من أصل 188 سفيراً لم يتمّ تعيينهم بعد وعلى رأسهم السفير الأميركي إلى #كوريا_الجنوبيّة. وفي وقت تحاول الولايات المتّحدة حلّ الأزمة الكوريّة المتصاعدة، قد يكون الفراغ في المنصب الأميركيّ الديبلوماسيّ الأبرز في سيول عائقاً على مستوى تكثيف الاتّصالات بين البلدين. ومع عدم قبول ترامب بجميع الأسماء التي قدّمها تيليرسون لتعيين سفير أميركيّ إلى كوريا الجنوبيّة، قد تتعقّد العلاقة الثنائيّة بين الطرفين أكثر. ويمكن أن تصل إلى “مفترق طرق” بحسب رأي فلكنز في “نيويوركر” الأميركيّة.

“إحراج”
يشير الكاتب ضمن مقال مطوّل إلى أنّ تيليرسون عانى كثيراً في مواجهة الأزمات الديبلوماسيّة لأنّ “ترامب ناقضه وحتّى أحرجه” حين كان يشدّد على انحياز واشنطن للخيار العسكري على حساب المنحى الديبلوماسي. من ناحية أخرى، أعطى الرئيس الأميركي صهره جاريد كوشنير مسؤوليّات دوليّة يفترض عادة أن تكون في عهدة وزير الخارجيّة. هذه المشكلة واجهها أيضاً مع البيت الأبيض حيث هنالك ما يقارب عشرة مسؤولين فيه قادرين على اعتراض الأسماء التي يقترحها. حتى تيليرسون لم يخفِ امتعاضاً ضمنيّاً من تصرّفات ترامب، حين قال للمجلّة: “قد يقول الرئيس شيئاً لم أتوقّع منه أن يقوله”. ويشير فيلكنز إلى أنّ علاقته مع الرئيس وأضاف أنّ وزير الخارجيّة يواجه عالماً ورئيساً “غير مستقرّين” وأنّ الرئيس الأميركيّ “يقوّض جهوده الفضلى لحلّ المشاكل بالديبلوماسيّة”.

“إذلال”
كريستيانو ليما من مجلّة “بوليتيكو” الأميركيّة رأى أنّ رفض ترامب دعم وزير خارجيّته في المقابلة على “فوكس نيوز” هو إغراق لإدارته الخاصّة في مصير مجهول. بينما أعاد بيتر بينارت من مجلّة “ذي اطلانتيك” الأميركيّة منذ حوالي شهر، توتّر العلاقات بين الرجلين إلى “إذلال” ترامب لتيليرسون، عبر “تويتر” حين دعاه إلى عدم اعتماد الحلّ الديبلوماسيّ مع كيم جونغ أون. وكان من الأفضل بحسب بينارت أن يعمد الرئيس الأميركي إلى إجراء حوار خاص مع وزير خارجيّته بعيداً عن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعيّ. ويشير إلى أنّ ترامب سعى إلى إظهار نفسه الرجل القوّي الذي يجابه كيم بينما تيليرسون الشخص الضعيف والجبان. وقال إنّ الطريقة التي يتعاطى فيها ترامب مع الرجل “مذلّة بالتأكيد” وتباع كاتباً: “ستكون (طريقة التعاطي هذه) مؤقّتة. سيأتي يوم قريباً، يحيل ترامب هذا الدور إلى شخص جديد”.