"شكراً أمريكا"؛ التعاون الروسي الإيراني في أوجه

"شكراً أمريكا"؛ التعاون الروسي الإيراني في أوجه

أخبار عربية ودولية

السبت، ٤ نوفمبر ٢٠١٧

جاءت لتعاقب فعوقبت، هكذا هو حال واشنطن وإدارتها في الوقت الراهن، الدولة العظمى التي تجني على نفسها يوما بعد يوم وتتآكل سياستها الداخلية والخارجية وتفقد بريقها "إن كان لها بريق" نظرا لعدوانية رئيسها الحالي تجاه أكثر دول العالم. تكبر وغرور وفرض عقوبات وخطابات نارية تخرج في بعض الأحيان عن الأعراف الدبلوماسية، كل هذه الأمور وغيرها أغرقت بلاد العم سام بفوضى وكوارث على المستويين الداخلي والخارجي كان بطلها ومخرجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

الأسلوب الترامبي في إدارة البيت الأبيض كان له انعكاسات إيجابية على أكثر دولتين "روسيا وإيران" لا يرغب ترامب نفسه بتقديم أي مساندة لهما بل يحاول جهده بوضع حد لتقدمهما والعمل على إضعافهما بأي وسيلة ممكنة، والدليل أنه يفرض عليهما عقوبات إقتصادية بين الفينة والأخرى، ولكن وعلى عكس برنامج ترامب وخططه، شهدت العلاقات الروسية الإيرانية تطورا استراتيجيا كبيرا على جميع المستويات على مدار الأشهر القليلة الماضية وتم تتويج هذا الأمر بزيارة رسمية قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى العاصمة الإيرانية التقى فيها مع المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي ورئيس الجمهورية حسن روحاني، وجرى بحث أهم التطورات وتم الإتفاق على زيادة التعاون في المجالات كافة، وخلال الزيارة اقترح السيد علي خامنئي أمرا سيتردد صداه في أروقة البيت الأبيض إلى أجل غير مسمى، قالبا السحر على الساحر، عازلا واشنطن بعد أن كانت تلهث لعزل موسكو وطهران.

المقترح وتردداته

اقترح المرشد الأعلى للثورة، آية الله علي خامنئي، على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اللقاء الذي جمعهما يوم الأربعاء الماضي في العاصمة الإيرانية طهران، التخلي معا عن استخدام الدولار الأمريكي، والعمل معا على عزل الولايات المتحدة الأمريكية، وقال السيد خامنئي متوجها للرئيس الروسي: "نحن قادرون على صدّ العقوبات الأمريكية وعزل أمريكا، والتخلي عن الدولار واستبداله بعملات وطنية في العمليات الثنائية والمتعددة الأطراف".

وأشار قائد الثورة الاسلامية، إلى التجربة الجيدة جدا للتعاون بين ايران وروسيا في سوريا، قائلا، ان نتائج هذا التعاون اثبتت ان طهران وموسكو يمكنهما تحقيق اهداف مشتركة في ميادين صعبة، واعتبر السيد علي خامنئي أن طاقات التعاون الاقتصادي في البلدين أكبر بكثير من مستوى العلاقات الراهنة. وفي مقابل ذلك أشاد الرئيس الروسي بالتعاون مع إيران ووصفه بأنه "بناء للغاية".

هذا المقترح سيقوض من أثر العقوبات الإقتصادية على روسيا وإيران وسيوسع آفاق التعاون الإقتصادي بين البلدين ويحملها إلى مستويات أعمق بكثير، ما يجعل الأمور تتجه نحو مزيد من التقارب، خاصة أن العلاقات الإقتصادية بين طهران وموسكو في أبهى حللها، وخلال العام الحالي ارتفع حجم العلاقات الاقتصادية بين ايران وروسيا إلى 70 بالمائة، بحسب وزير الاقتصاد الايراني مسعود كرباسيان.

وفي الوقت الحالي يجري العمل على تحقيق تعاون أكبر في المجال المصرفي بين روسيا وإيران، وأشار إلى هذا الأمر السيد أبو طالب النجفي، العضو المنتدب لشركة خدمات المعلوماتية الإيرانية، الذي صرح بأن بطاقات البنك الإيرانية ستكون مقبولة على أجهزة الصراف الآلي الروسية وكذلك الأمر بالنسبة للبطاقات الروسية وسيكون هذا الأمر قيد التطبيق في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر، وتقوم الشبكة المالية الدولية حاليا بإعداد البنية التحتية للربط بين روسيا إيران في هذا المجال، وخلال هذه الفترة، يجب أن يتم النظر بموضوع التفاهمات التي يفاوض عليها البنك المركزي الإيراني مع شركات الدفع الدولية مثل UPA الصينية وJCP اليابانية، التي هي في آسيا وإلى أين وصلت المفاوضات في الوقت الحالي.

كيف يتم تحييد العقوبات

من أهم الطرق الكفيلة بتحييد العقوبات وأثر هذه العقوبات على الأسواق المالية الدولية، هي إنشاء شبكة وطنية لتبادل العملات وخاصة بين أكثر القوى فعالية مثل إيران وروسيا وإيران وتركيا وإيران والصين، وإذا كان ذلك ممكنا فإن النتائج التالية ستتحقق:

أولاً: الدول الاوروبية مثل المانيا وفرنسا وايطاليا ستتخلص من مخاوفها تجاه عقوبات الولايات المتحدة وتأثير هذا الأمر عليها، وستنجذب نحو التحالفات الجديدة التي ستعود عليها بنتائج اكثر إيجابية من وضعها الراهن.

ثانياً: سيصبح ترامب أكثر مرونة في التفاعلات المالية والأعمال التجارية مع إيران.

وغالبا مايساعد في تحقيق هذا الأمر هو أن يتم ذلك بمساعدة البنك المركزي مع البلدان، وربما يترتب على الأمر نتائج سلبية من ناحية استقرار عملات البلدان ولكنه أمر حيوي بالمقارنة مع الإجراءات النفسية والعملية الإيجابية لفتح العلاقات بين البلدان.

وحول موضوع التعاون المصرفي بين ايران وروسيا فإن الأرضية موجودة خاصة أن هناك مذكرة تفاهم بين البلدين للتعاون المصرفي في مجال مكافحة غسيل الاموال ومكافحة تمويل الارهاب والعهود النقدية وتسوية الحسابات بالعملة الصعبة المحلية، وهناك أيضا مذكّرات تفاهم تتعلق بالتعاون بين البنك التجاري الرُّوسي وبنك تنمية الصادرات الإيرانيَّة تسمح باستخدام العملة الوطنية للبلدين في حسابات توريد البضائع وتمويل الاستثمارات المتبادلة، إضافة إلى اقتراح تأسيس بنك مشترك، تكون مهمته تسهيل عمليات التبادل التجاري بين البلدين.

هذه الأمور وغيرها ستدفع عجلة الإقتصاد الروسي والإيراني نحو الأمام، وتعود بالخير للبلدين وتحقق جداراً متيناً ومحكماً في وجه أي محاولة لفرض عقوبات جديدة على البلدين، ونحن نعتقد بان ترامب في المرحلة القادمة "سيحسب ألف حساب" قبل فرض عقوبات جديدة لأن تأثيرها سيكون أقرب إلى الصفر السالب منه إلى الموجب.