السفير فورد .. أشعلوا الأضواء انتهت حفلة “الصيد”

السفير فورد .. أشعلوا الأضواء انتهت حفلة “الصيد”

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ١ نوفمبر ٢٠١٧

كامل صقر
أدّعي أنني أعرف السفير الأمريكي روبرت فورد عن قرب، التقيته عدة مرات كمراسل صحفي، كان آخرها خلال زيارة ميدانية مشتركة للمراسلين الصحفيين والسفراء الأجانب نظمتها قيادة الجيش السوري لمشاهدة المجزرة التي حصلت في حزيران من العام 2011 بحق مفرزة الأمن العسكري بجسر الشغور.
لكنني، أجزم أيضاً أن فورد هو أكثر مسؤولي واشنطن السابقين والحاليين غوصاً بالوضع السوري. السفير فورد هو الذي أقنع العالم بأسره بأن “نظام الأسد” لن يصمد عدة أشهر، وهو مَن همس بأذن أوباما بعبارة: أيام الأسد باتت معدودة، فورد هو الذي اقترح على إدارته مطلع العام 2012 تسليح المعارضة السورية وأقنع تلك الإدارة بأن هذا الأمر كفيل بإسقاط الأسد، السفير الثعلب أبرز عرّابي “الثورة السورية” وأول مَن باع الوهم للحالمين بالوصول إلى قصر الشعب، وحمل أغصان الزيتون معه إلى ساحة العاصي في حماه.
في جسر الشغور.
وتحت لهيب شمس حزيران من العام 2011 وبينما كانت رائحة الغدر تفوح في المكان الممتلئ بجثث شهداء المجزرة المروعة، كان السفير الأمريكي وأصحابه من سفراء غربيين وعرب يحدثون أنفسهم أن تكرار هكذا مجزرة سيُنهي القوات المسلحة السورية ويجعلها مؤسسة مفككة، خاب ظنهم، وبقيت المؤسسة العسكرية راسخة أقوى من التراب.
في جسر الشغور، أذكر أنني كنت أراقب السفير فورد بفضول صحفي أكثر مما أراقب المشهد الدامي الذي جئت من دمشق لمعاينته. عبثاً .. لم أسترق من ملامح وجهه الجاف أي تعبير أو تلميح لشعوره حيال ما يشاهده على الأرض.
سألته وهو الذي يُجيد العربية: ماذا ستكتب في تقريرك للوزيرة هيلاري كلنتون والرئيس أوباما عمّا حصل في جسر الشغور. فأجابني بالقول: “لم أفكّر حتى الآن، عندما أصل إلى دمشق سأرى ماذا سأكتب”. حاولت التكهن بما سيتكتُبه، فخطر في بالي أن سيُبرق إلى واشنطن بعبارة تقول: كونوا مطمئنين الوضع يزداد سوءاً كما نتمنى ونخطط.
أبرز عرّابي الثورة السورية، يُخبرنا اليوم “بشكل غير مباشر” أن واشنطن لن تستطيع منع سيطرة الجيش السوري على كامل الجغرافيا السورية، قد تؤخر تلك السيطرة وتعرقلها وتجعلها صعبة المنال، لكنها لا تستطيع إيقافها. ليس هذا فقط، بل ينصح السفير فورد إدارته بمغادرة الأراضي السورية.
يقول منطق السياسة بالتجربة والبرهان أن أمام واشنطن احتمالين لا ثالث لهما: إما أن تغادر القوات الأمريكية التراب السوري باتفاق سياسي وبجدول زمني محدد، أو أن نسخة محدّثة من عملية تفجير المارينز التي وقعت في 1982 في بيروت ستحصل في شرقي سورية.. لاشك أن فورد نصح فريق ترامب بالذهاب في الاحتمال الأول لأنه الأقل كلفة على واشنطن.