جولة الاحتلال التركي الثانية: أنقرة «تسوّر» عفرين من الجنوب

جولة الاحتلال التركي الثانية: أنقرة «تسوّر» عفرين من الجنوب

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٤ أكتوبر ٢٠١٧

فرضت أنقرة وجودها العسكري ضمن جيب آخر من أراضي الشمال السوري، عبر دخول وحداتها العسكرية إلى ريف حلب الغربي تحت غطاء «اتفاق أستانا»، على أن تستكمل الانتشار تدريجاً في باقي «نقاط المراقبة» المتفق عليها، في إدلب ومحيطها

بدأت تركيا عمليتها العسكرية الثانية ضمن الأراضي السورية، بعد «درع الفرات»، مع دخول وحدات من قواتها الخاصة خلال الساعات الأخيرة من ليل أول من أمس، إلى نقاط في ريف حلب الغربي، كخطوة أولى لانتشار أوسع يشمل مناطق إدلب ومحيطها ضمن اتفاق «تخفيف التصعيد» المقر خلال محادثات أستانا.

التحرك أتى بعدما تم التمهيد له على الأرض لأكثر من أسبوعين، عبر حشود عسكرية ضخمة على طول الشريط الحدودي، ووفود «استطلاعية» دخلت مناطق التماس مع «وحدات حماية الشعب» الكردية. وسبقَ ذلك كله، محادثات طويلة غير معلنة مع «هيئة تحرير الشام»، لتجنب أي اشتباك معها، وتحييد وجودها عن واجهة المشهد في إدلب على حساب «إدارة مدنية» يجري الترتيب لها.
ووفق ما كان متوقعاً، توجهت الدفعة الأولى من وحدات الجيش التركي إلى المناطق المحاذية لمنطقة عفرين. وتمركزت ــ وفق ما نقلت مواقع معارضة ــ في عدة مواقع بين جبل الشيخ بركات المحاذي لبلدة دارة عزة، وقريتي فدرة وسلوة في ريف حلب الغربي. وضمت نحو 100 من أفراد الوحدات الخاصة التركية، مع قرابة 30 عربة مدرعة وعسكرية. وأعلنت رئاسة الأركان التركية في بيان رسمي، أن قواتها بدأت في إنشاء نقاط مراقبة داخل منطقة «تخفيف التصعيد» في منطقة إدلب، التي تم الاتفاق عليها في خلال محادثات أستانا. وأوضحت وكالة «الأناضول» أن هذا التحرك هو المرحلة الأولى من الانتشار، الذي سوف يشمل لاحقاً نقاطاً (نحو 10 مواقع) في ريفي حلب وإدلب نحو الجنوب، على أن يستكمل تعزيز النقاط في محيط عفرين بشكل تدريجي. ومن المتوقع أن تقيم القوات الروسية في موازاة هذا الانتشار التركي، نقاط مراقبة في محيط منطقة «تخفيف التصعيد».
وترافق التحرك مع إعلان رسمي جاء عن طريق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي قال خلال مشاركته في اجتماع رؤساء أفرع «حزب العدالة والتنمية»، أمس، إنه «كما قلنا سابقاً من الممكن أن نأتي فجأة (إلى إدلب)، بدأت قواتنا المسلحة ــ هذه الليلة ــ مع الجيش السوري الحر بتنفيذ العملية». وأضاف أن «إدلب محافظة حدودية مع تركيا، ولنا حدود مع سوريا تمتد على طول 911 كيلومتراً، ونحن من يتعرض للتهديد في كل لحظة، لذلك لا يحق لأحد أن يحاسبنا على اتخاذنا التدابير الأمنية». وفي تلميح واضح إلى الولايات المتحدة الأميركية، عبّر أردوغان عن انزعاج بلاده من «أولئك الذين يُظهرون (داعش) كأكبر هدف لهم في مكافحة الإرهاب، ويتعاونون مع منظمات إرهابية أخرى مثل (ب ي د ــ حزب الاتحاد الديموقراطي) و(ي ب ك ــ وحدات حماية الشعب)». وبالتوازي، قام رئيس هيئة الأركان التركية، خلوصي أكار، بزيارة تفقدية لعدد من المخافر الحدودية والوحدات العسكرية المنتشرة في منطقة الريحانية ومعبر باب الهوى. وكان لافتاً ما نقله مراسل وكالة «فرانس برس» عن إجراءات اتخذتها «هيئة تحرير الشام» لمنع أي تحرك من قرى ريف حلب الغربي باتجاه نقاط تمركز القوات التركية، في ما بدا أنه طوق أمني لعزل وحماية مواقع تلك القوات، ولا سيما أن القافلة العسكرية التركية تحركت من محيط بلدة كفرلوسين إلى مواقعها النهائية بمواكبة من مسلحي «تحرير الشام».
ومع غياب أي دور لقوات من فصائل «درع الفرات» في الدفعة الأولى من الوحدات التركية التي انتشرت في محيط عفرين، خرج العقيد المنشق رياض الأسعد، المرشح لتولي مهمات عسكرية قيادية ضمن الإدارة الجديدة المرتقبة في إدلب، ليوضح في حديث الى صحيفة «يني شفق» التركية، أن «معظم السكان في إدلب لا يريدون دخول جماعات (الجيش الحر)، التي شاركت في عملية (درع الفرات)، إلى مناطقهم»، مضيفاً أن «عليهم أن يبقوا في منطقتهم (ريف حلب الشمالي) ويحاربوا ضد (ب ي د)، ونحن سنحمي إدلب بدعم من تركيا». الرفض الذي أورده الأسعد على أنه مطلب «غالبية» سكان إدلب، كان أحد الشروط التي فرضتها «هيئة تحرير الشام» ضمن مفاوضاتها مع الجانب التركي لتأمين «دخول آمن» للوحدات العسكرية إلى نقاط المراقبة، وفق ما نقلت عدة مواقع معارضة سابقاً. وحول دور الفصائل المسلحة في إدلب ومحيطها خلال المرحلة المقبلة، اعتبر الأسعد أنها سوف «تتمكن من قتال (ب ي د) والنظام بشكل أفضل تحت قيادة مدنية ومنظومة عسكرية مرتبطة بها»، لافتاً إلى أن «(هيئة تحرير الشام) ستحل نفسها بعد إنشاء الإدارة المدنية، والوجود العسكري للهيئة ستتولاه الإدارة المدنية». ولفت إلى أن «تركيا ستكون أقوى بعد قيام الإدارة المدنية، لأن (ب ي د) سيضعف في عفرين ولن يشكل أي تهديد».