لماذا وضعت أمريكا "جوائز مالية" مقابل معلومات عن قياديين في حزب الله؟

لماذا وضعت أمريكا "جوائز مالية" مقابل معلومات عن قياديين في حزب الله؟

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٣ أكتوبر ٢٠١٧

رصدت أمريكا جوائز ماليّة تصل إلى 12 مليون دولار أمريكي، لمن يدلي بمعلومات تساعد في إلقاء القبض على اثنين من قادة جماعة حزب الله اللبنانية، وهما طلال حمية وفؤاد شكر.

وفي حين قدّمت واشنطن في بيان الخارجيّة معلومات عن القياديين في حزب الله، حاولت أمريكا من خلال بيانها الموسوم بـ"معلومات تحضر إلى العدالة" أن تقدّم الرجلين على أنّهما فارين من "العدالة"، فضلاً عن محاولة ربط حزب الله بالإرهاب على الصعيد العالمي في أحدث خطواتها التصعيدية تجاه الحزب.

لم تكن خطوة الجوائز المالية بريئة أبداً، بل إن أهدافها أبعد من العقوبات، كونها تذكر العالم بجوائر وضعتها أمريكا حول أسامة بن لادن وأبو بكر البغدادي. هناك محاولات أمريكية واضحة لربط إسم حزب الله، الذي سطع نجمه في مواجهة داعش، بالإرهاب، وإقناع الجانب الأوروبي الذي رفض مؤخراً الزجّ باليونيفل ضد الحزب، بضرورة مواجهته.

هناك أسباب عدّة تقف خلف الخطوة الأمريكية الأخيرة، خاصّة أن الخارجية تُصدر للمرّة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات لائحة للملاحقة تتضمّن 2 من كبار قياديين حزب الله، لا القاعدة ولا تنظيم داعش الإرهابيين، ويمكن الإشارة إليها في عدّة نقاط، نذكر منها:

أوّلاً: إن نجاح حزب الله في إسقاط المشاريع الأمريكية من الشرق الأوسط الكبير الذي تحدّثت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، إلى المشروع الأمريكي لتقسيم سوريا عبر تنظيم داعش الإرهابي تقف خلف الخطوة الأمريكية. لو عدنا 10 أعوام إلى الخلف لوجدنا تصعيداً أمريكياً مماثلاً بغية تشويه سمعة حزب الله بسبب اسقاطه للمشروع الأمريكي الذي قادته رايس، واليوم تعمد واشنطن إلى خطوة مماثلة بعد إسقاط الحزب لمشروع داعش الأمريكي في سوريا، وهذا ما يفسّر الهجمة الأمريكية. في الحقيقة، إن ارتفاع حدّة الهجوم الأمريكي تؤكد تعزيز قدرات حزب الله الإقليمية، فليس بإمكان واشنطن سوى تشويه صورة الحزب.

ثانياً: تهدف الخطوة لتشويه صورة حزب الله بشكل رئيسي. أي إن واشنطن التي اعترف مساعد وزيرة خارجيّتها، السفير الأسبق في لبنان، جيفري فيلتمان امام الكونغرس الامريكي بانفاق 500 مليون دولار لتشويه صورة المقاومة، ستنفق اليوم أضعاف هذا المبلغ للهدف ذاته. هناك مشروع لتسقيط قيادات حزب الله، ففي حين اتُهم الشهيد القائد مصطفى بدر الدين الذي استشهد في سوريا في عام 2016 بالقرار الظني في اغتيال الحريري عام 2010، أي بعد عامين على استشهاد القائد العسكري السابق لحزب الله، عماد مغنية، الذي استشهد في دمشق في انفجار سيارة مفخخة في عام 2008، والذي كان متّهما باغتيال رفيق الحريري من دون علم السيد نصرالله، هناك محاولات جديدة لاستهداف القيادة العسكرية للحزب.

ثالثاً: لا يمكن فصل الخطوة الأمريكية الأخيرة عن اطار العقوبات ومشروع الحصار الأمريكي الاقتصادي على حزب الله. يأتي بيان الخارجيّة بعد أقلّ من أسبوع على تمرير مجلس الشيوخ الأميركي، مشروع قانون العقوبات ضد حزب الله الذي أقرته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب بغية "تعزيز وتوسيع نطاق العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضها قانون منع تمويل الإرهاب الدولي الصادر عام 2015". وفي حين قدمت مجلة فورين أفيرز الأمريكية مؤخراً اقتراحاً للكونغرس لعزل الحزب (استخدام المادة 311 لفرض عقوبات على منطقة جغرافية فرعية)، ادّعت أنّه في حال تُرجم على أرض الواقع مستقبلاً سيكون له عواقب خطيرة، ادّعى المدير الوطني لمكافحة الإرهاب في ​الولايات المتحدة​ "نكولاس راسموسن" أن حزب الله لا يشكل فقط خطرا على الولايات المتحدة، بل على لبنان ومنطقة الشرق الأوسط والخليج"، موضحا أن "واشنطن تعمل مع شركائها لتتبع أي نشاط له".

رابعاً: يوعز بعض الخبراء الخطوة الأمريكية الأخيرة، أو بالأحرى أحد أهم أسبابها، لأهداف أمنية تتعلّق بجمع معلومات استخباراتيّة حول قيادة حزب الله العسكريّة والأمنيّة، خاصّة في ظل امتلاك واشنطن سيطرة شبه تامّة على وسائل التواصل الاجتماعي. البعض الذي يعرف أيّ معلومة قد تكون غير مهمة، في نظره، عن أي "قشّة" ترتبط بالرجلين، ويستخدمها على وسائل التوصل ستكون مادّة دسمة للاستخبارات الأمريكية التي ستعمد إلى تشكيل ملفات جديدة عن الرجلين عبر تقاطع المعلومات.

يدرك الجميع أن السبب الرئيسي لكافّة الخطوات الامريكية تجاه حزب الله تتلخّص بالمصالح الإسرائيلية، ومن خلفها المصالح الأمريكية في المنطقة، هذا ما كتب فحواها قبل فترة الكاتب الصحفي الشهير روبرت فيسك في مقاله المنشور عبر صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، حيث اعتبر أن رئيس أمريكا "المجنون" قد يسبب مشاكل حقيقية في لبنان في إشارة إلى الضغط الأمريكي على قوات اليونيفل لمواجهة حزب الله حمايةً للمصالح الإسرائيلية.

إذاً، الخطوة في طابعها العام إعلاميّة اكثر منها فعلية، وقد يراها البعض رسالة قوّة، إلا أن واقعها هو العكس تماماً إذ تعدّ رسالة ضعف وعجز أمام الحزب الذي أسقط مشاريع أمريكية كبرى في المنطقة. يعلّق أحدهم على الخطوة الأمريكية بالقول: إذا كانت السفارة الأمريكية في لبنان هي من قادت الحملة على حزب الله قبل عشر سنوات، واليوم باتت وزارة الخارجيّة الأمريكية هي المسؤولة المباشرة عن هذه الحملة، أعتقد أنه في العشر سنوات القادمة سيتولّى البيت الأبيض الدخول في صراع مع الحزب.. قبل سنوات كان دور حزب الله داخلياً (لبنانياً)، اليوم إقليمياً، فهل سيصبح عالمياً بعد عشر سنوات؟