بيونغ يانغ تنفذ تجربة نووية.. كيف جرّ "جونغ اون" "ترامب" إلى الفخ مجددا؟

بيونغ يانغ تنفذ تجربة نووية.. كيف جرّ "جونغ اون" "ترامب" إلى الفخ مجددا؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٤ سبتمبر ٢٠١٧

تهوّر ترامب ولم يتمالك نفسه فسقط مجددا في نفس الفخ الذي احترفت بيونغ يانغ صنعته. الفخ هذه المرة من النوع الذي إن سقط فيه فلا خروج منه بعد الآن. كيف ذلك؟ سؤال يطرح نفسه. سنحاول في معرض مقالنا هذا أن نتناول الأزمة الكورية الشمالية القديمة المتجددة والتي تؤثر اليوم على الواقع الدولي وتشكل قلقا لكبرى دول العالم وعلى رأسها أمريكا. وسنعالج الجانب المتعلق بكيفية إدارة هذه الأزمة من قبل الزعيم كيم جونغ اون وكيف تمكن من جرّ الأمريكيين إلى مستنقع لا يعلمون كيفية الخروج منه اليوم.

نعم ما إن انتشر خبر التجربة النووية الكورية الشمالية السادسة صباح يوم أمس الأحد حتى انبرى سيد البيت الأبيض للتعليق على هذه التجربة التي اعتبرها تؤكد أن بيونغ يانغ لا تعلم إلا لغة واحدة في إشارة إلى لغة القوة. وهنا مكمن الفخ. كيف ذلك؟

منذ الأيام الأولى لحكم دونالد ترامب اتخذت بيونغ يانغ نهجا يمكن وصفه بالعدواني والتصعيدي، فما فتأت تنفذ التجربة بعد الأخرى في سير تصاعدي بدأ بتجارب صاروخية بالستية متوسطة المدى لتصل إلى صواريخ بالستية يصل مداها إلى عشرة آلاف كيلومتر تستطيع ضرب معظم سواحل أمريكا.

ترافقت هذه التجارب مع تصعيد وتوتير أمريكي وصل إلى حد التهديد الصريح بالحرب الشاملة واستجرار أسطول وصفه ترامب في حينها بـ"أرمادا" لتدمير كوريا الشمالية ووقفها عند حدها حسب تعبيره.

أما اللافت في الأمر أن بيونغ يانغ كانت تمتلك كلمة السرّ، وتُدرك حقيقة أن الأمريكي لا يمتلك سوى سلاح التصريحات الفارغة والتهديد الخاوي. وهو أضعف من الدخول في أي حرب قد تكون العالمية الثالثة من ناحية وسعتها والأسلحة التي ستستخدم فيها. فما كان من بيونغ يانغ إلا التقدم وتوريط الأمريكيين أكثر فأكثر في التهديد بالحرب تارة وسحب التهديد والحديث عن الحل السياسي طورا آخر.

العجيب أن الأمريكيين وقعوا في الفخ أكثر من مرة وهم من يعتبرون أنفسهم أدهى ساسة العالم وحكام المعمورة. في بداية الأزمة كانت الصحافة والإعلام الأجنبي يتفاعل مع التهديد الأمريكي بشكل أكبر بكثير. حتى أن التحليلات في بداية عهد ترامب تحدثت عن حرب حتمية أمريكية مع كوريا الشمالية. اليوم وبعد حوالي التسعة أشهر من وصول ترامب باتت تصريحاته وتهديداته لا تحمل نفس الوزن السابق. حيث أن الملاحظ أن الصحافة الغربية والأمريكية وبدل أن تتحدث عن حرب حتمية ضد بيونغ يانغ باتت تحذر من مغبة أي تورط أمريكي وتؤكد أن الخيار العسكري لم يعد مطروحا بالمطلق. وكل ذلك بفضل الوقوع الأمريكي في الفخ وعدم الأخذ بعين الاعتبار قيمة التهديدات الفارغة التي لا يتم تنفيذها.

اليوم وبعد التجربة النووية الجديدة والقنبلة الهيدروجينية التي كشفت عنها بيونغ يانغ، إضافة إلى الصواريخ البالستية التي عبرت أجواء اليابان منذ أيام لتسقط على بعد 10 آلاف كيلومتر بات من المؤكد أن الأمريكيين قد فوتوا الفرصة (إذا كانت موجودة بالأصل) في منع بيونغ يانغ من تهديد أراضيهم بشكل مباشر.

الفخ الأكبر وقع فيه الأمريكيون البارحة حيث ردوا بما يحلو لبيونغ يانغ سماعه وهو التهديد الفارغ من أي حقيقة وقدرة عملية. فقد كان حري من واشنطن منذ أشهر أن تقدم على تنفيذ تهديداتها لو استطاعت. فهل يصدق عاقل اليوم أن واشنطن يمكن لها مهاجمة كوريا الشمالية. نعم في حالة واحدة يمكن لها أن تبادر للهجوم وهو من خلال قرار مجنون ومتهور من قبل سيد البيت الأبيض الذي لا يمتلك من دهاء السياسة سوى أمرا واحدا وهو طريقة ابتزاز الضعفاء لا الأقوياء.

الزمن الأمريكي ولىّ ومؤشراته تظهر الواحد تلو الآخر. فلو نظرنا بتمعن على مساحة الكرة الأرضية سنجد فشلا أمريكيا وضعفا في إدارة اللعبة في مختلف أصقاع الدنيا من الشرق الأوسط مرورا بالشرق الأدنى وآسيا الوسطى وصولا إلى أمريكا اللاتينية دون أن ننسى أوروبا (القارة العجوز) التي تنتظر الفرصة لتنقلب بشكل كامل على اللعبة الأمريكية سعيا وراء مصالحها الضائعة.