وصفة ترامب لأفغانستان: حرب مستمرة والعين على الصين وروسيا

وصفة ترامب لأفغانستان: حرب مستمرة والعين على الصين وروسيا

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢٧ أغسطس ٢٠١٧

 بعد طول انتظار وترقب، صادق الرئيس ترامب على "توصية" المؤسسة العسكرية بزيادة عديد القوات العسكرية الأميركية وطواقم الدعم والإسناد لإبقاء نيران ساحات المعارك مشتعلة في أفغانستان، والترويج لها بنسخة جديد خاصة بالادارة الراهنة.

مهّد ترامب لقراره بالإشارة إلى تناقضه مع قناعاته الذاتية إذ أن "الحدس يدفعني للإنسحاب" من أفغانستان، فضلاً عن وعود متكررة بذلك؛ وقرار إتخذه بعد التشاور والإستعراض مع "فريق الأمن القومي" في منتجع كامب ديفيد "بتعزيز التواجد الأميركي لمنع حركة طالبان من الإطاحة بالحكومة التي تدعمها" أميركا.
قرار ترامب  جاء تجسيداً لوعوده ما بعد المرحلة الانتخابية بأنه سيترك الأمر الفصل بيد "الجنرالات" لتقديم سلسلة خيارات لإدارته فيما يخص أفغانستان. النتيجة أن العسكريين لم يقدموا أي خيارات محددة باستثناء المعتمد الراهن، والذي تعود أصوله الى عهد الرئيس السابق باراك اوباما: البقاء والنزيف.
مؤسسة راند البحثية النافذة علقت على خطاب الرئيس ترامب بأنه طبعه "بنكهته الخاصة .." واقترنت من الآن حرب أفغانستان بإسمه. وأضافت أنه لا ينطوي على جديد ملموس إذ "كان باستطاعة (المرشحة) هيلاري كلينتون اصدار" قرار مماثل لو تسنى لها تسلم المنصب الرئاسي.

تمحور حديث ترامب في "خطابه للأمة" حول "خطة للنصر" عمادها وثبة جديدة ترفد بموجبها نحو 4،000 عسكري وطواقم إسناد اخرى لا يجري تداول أعدادها ، كما أوضح قائد القوات الأميركية في أفغانستان جون نيكولسون. النسبة المعتمدة، وفق البنتاغون، هي واحد الى ثلاثة: لكل جندي هناك ثلاثة أفراد توفر الدعم والخدمات.

 

وسائل الإعلام الأميركية الرئيسة "تعتقد" أن مجموع القوات الأميركية الحالي في أفغانستان يتراوح بين "11،000 الى 12،000" فرد، بين جنود تحت الخدمة وطواقم "المتعاقدين؛" شبكة إن بي سي للتلفزة، 23 آب الجاري. بينما إحصائيات وزارة الدفاع لشهر تموز/يوليو الماضي أشارت الى ما يربو عن 35،000 من الجنود والمتعاقدين الأميركيين حصراً في افغانستان.

تقرير البنتاغون فصّل التوزيع كما يلي: 9،400 عسكري أميركي؛ 24،000 متعاقد؛ 9،000 عسكري من جنسيات أخرى؛ و 5،200 موظف محلي. "المتعاقدون" هم بغالبيتهم جنود وضباط سابقين خرجوا من الخدمة العسكرية ليمارسوا مهام عسكرية موازية بملابس مدنية ورواتب مجزية.

تسويق الهزيمة
أضحى من المسلمات في واشنطن إدراك منظومة المؤسسة العسكرية والاستخباراتية أن المعركة في أفغانستان باتت دون أفق "أو هدف محدد،" منذ زمن بعيد، واتكأت على مؤسسة الرئاسة والكونغرس لضمان تدفق الموارد المالية، كما يعتقد ضباط سابقين في الاستخبارات.

 

المؤسسة العسكرية بمجموعها "تتفادى" التسليم بالمكشوف وإعلان خسارتها حرب أخرى، مما يتيح لها هامش مناورة سياسي كبير في الداخل الاميركي، وذريعة إضافية لمصانع السلاح باستمرار تدفق الأموال؛ يعمل الجانبين بتوافق كبير في عسكرة وتسليح وإشعال ساحات وميادين وبسط الهيمنة على امتداد العالم.

 

ميزانية البنتاغون المعلنة تمثل 5% من الناتج القومي الإجمالي، وهي الأعلى بين دول العالم. يضاف الى الميزانية المعلنة بند إنفاق "اختياري" يفوّض الكونغرس بموجبه صرف أموالٍ دون قيود من خارج بنود الميزانية الرسمية لظروف تحددها "المصالح الأميركية."

 

إعلان ترامب "لخطة الانتصار" تفادى تعريف ما يعتبر نصراً بمفردات بسيطة، وحدد مفهوم إدارته له بأنه رديف "لعدم الفشل؛" وحصره بحرمان حركة طالبان من تحقيق النصر.

وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، أوضح "مفهومه" لتحقيق الانتصار في  أفغانستان أمام لجنة من لجان الكونغرس، 13 حزيران / يونيو 2017، بأن خصائصه تتميز "باشتباكات متكررة" متدنية الشدة، تتيح للحكومة الأفغانية إدارة المعارك بدعم "القوات الأميركية والحلفاء،" بسلاح الطيران والقوات الخاصة.

 

أما حقيقة التواجد الأميركي، في ظل هذه الوصفة المتجددة، فقد أوضحها قائد القوات الأميركية في أفغانستان، جون نيكولسون، بأن خطاب ترامب "يؤشر على التزام (أميركي) طويل الأمد .. الإستراتيجية الجديدة تعني أن طالبان لن تنتصر عسكريا؛" داعياً أو متوسلاً مقاتلي حركة طالبان "الموافقة للإنخراط في محادثات سلام .. وحان الأوان لنبذ العنف والتصالح."

 

تغيير ترامب لموقفه من الانسحاب الفوري من افغانستان له أبعاد مركبة، منها الذاتي ومنها الموضوعي. أبرزها في البعد الذاتي، قبول ترامب لإرشادات المؤسسة العسكرية والاستخباراتية بعد نجاحها في "محاصرته" سياسيا رغبة منه في التشبث بالسلطة.

 

بقاء القوات الأميركية في أفغانستان هو من صلب "الاستراتيجية" الاميركية وهدف "الليبراليين الجدد" لمحاصرة الصين وروسيا، تحديداً، ودق إسفين لحرمانهما من تحقيق الاندماج الإقتصادي البديل عن السوق الغربية.

 

إعلان الرئيس ترامب تبنى استراتيجية "مؤسسة الأمن القومي" بالكامل لضمان حيويتها في المسرح الأفغاني، من ناحية، وقطع الطريق على ما تعتقده الغاء العامل الأميركي في أي تقارب بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في المستقبل.