حرب بين الكونغرس وترامب

حرب بين الكونغرس وترامب

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٦ أغسطس ٢٠١٧

أعلن المشترعون الأميركيون في الكونغرس استياءهم من إخفاق الرئيس في جبه مسؤوليات السياسة الخارجية الأميركية في مسائل ايران وكوريا الشمالية وروسيا، حين أصدروا مشروع عقوبات ضخمة جديدة، ووجهوه الى الرئيس دونالد ترامب. ومشروع القرار هو مسعى للإمساك بمقاليد الأمن القومي واستعادتها من الرئيس. والهدف الفعلي والحقيقي من العقوبات هو ارساء اجراءات مالية تقيّد روسيا. فمجموعة العقوبات الجديدة تقتص من موسكو جزاء تدخلها في العملية الديموقراطية (الانتخابات) في اميركا، وأعمالها العدائية في أوروبا والشرق الأوسط. والعقوبات الجديدة هذه على روسيا ترسخ العقوبات التي سبق اقرارها، وتحول دون ان يلغيها الرئيس ويستغني عنها، من جهة، وتقوض أرباح روسيا وتدخلها الخارجي في قطاعات الدفاع والاستخبارات والطاقة والقطاع المصرفي وقطاع سكك الحديد والتنقيب والمعادن، من جهة أخرى. والعقوبات تجبه كذلك تدخل روسيا السيبري (السيبرنيطيقي)، ودعم موسكو النظام السوري.

والحق يقال يحمل مشروع القانون هذا جديداً: فهو يقيد يد الرئيس في مسألة العقوبات، ويرسي أواليات تدقيق يحول دون إطاحة العقوبات على روسيا وتغيير السياسة في ملفها. وكأن الكونغرس لا يترك العقال للرئيس على غاربه. وانتزاع شطر من صلاحيات الرئيس اليوم يعيد الى الأذهان إقرار الكونغرس في 1973 قانون «قوى الحرب» لتقييد قدرة السلطة التنفيذية على دخول نزاعات مسلحة من دون الرجوع الى السلطة التشريعية. ولكن ثمن التمسك بهذا الحق التشريعي باهظ. فالكونغرس يخطو خطوات لا عودة عنها لتقويض أبرز ادوات السياسة الخارجية في أميركا: تقويض مرونة العقوبات.
وهذه لن تعود في المتناول ساعة تشاء السلطة التنفيذية، فتضعف دالة واشنطن على الخصوم لحملهم على تغيير سياساتهم الخطرة. ويساهم عاملان في تفسير تقويض مشروع قانون روسيا نجاعة العقوبات أداةً من أدوات إدارة الدولة،

أولهما ان الكونغرس غير مؤهل لإدارة فرض العقوبات من كثب على أمد مستدام. فهو يفتقر الى جهاز استخباراتي وبنية بيروقراطية وقدرات قانونية تخوله هذا النوع من الإدارة والمراقبة. والكونغرس من طريق هذا القانون يساهم في إبطاء عملية حمل الخصم على تغيير سياسته، فلا تعود العقوبات ملائمة، ويغلب عليها طابع القصاص وغياب المرونة.

وثانيهما هو تقويض نجاعة العقوبات. فهذا القانون يخرج صورة العقوبات على انها عقاب وليست على انها باعث على التغيير. وسيتعثر الكونغرس في تنسيق سياساته وتخفيف العقوبات عن روسيا حين تغير الظروف السياسية. ولا يسع الرئيس الروسي المفاوضة على العقوبات مع الكونغرس كله. وفي عالم تعمّه الأخطار الأمنية، من الخطر تقويض مرونة السياسة الخارجية وأدواتها. وبعضهم في الكونغرس يدرك جسامة الخطوة هذه ويرغب في معالجة ذيولها ومترتبها في وقت لاحق. ولكن لا يخفى ان تأييد المشرعين مشروع العقوبات الجديدة هو مرآة ما يرونه من أخطار في ترك السياسة الروسية في يد الرئيس. ومشروع العقوبات هو جولة من جولات النزاع. فالإدارة الأميركية ستفاقم الشقاق في الكونغرس، وتجد سبلاً للرد، منها على سبيل المثل الإخفاق في التزام العقوبات الجديدة.