كم يصمد ترامب في البيت الأبيض؟

كم يصمد ترامب في البيت الأبيض؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ١٦ يوليو ٢٠١٧

لم تعد مسألة بقاء الرئيس دونالد ترامب في منصبه موضوع تساؤل، بل طغى على ألسنة غالبية الأميركيين السؤال عن موعد خروج الرئيس من البيت الابيض، بعد تكاثر الأدلة التي تشير، بشكل قطعي، إلى تورطه ومساعديه مع الاستخبارات الروسية، على الأقل في محاولة سرقة معلومات من الحزب الديموقراطي المنافس واستخدامها لإلحاق الأذية بمرشحة الديموقراطيين للرئاسة هيلاري كلينتون.

آخر تطورات تورط ترامب مع موسكو ترتبط باللقاء الذي عقده نجله دونالد جونيور مع ناتاليا فاسيلنتسكايا، المحامية الروسية المقرّبة من الكرملين، للحصول منها على معلومات «فضائحية» ضد كلينتون. انكشاف أمر اللقاء، الذي كان أول من أوردت تفاصيله صحيفة «نيويورك تايمز»، وكيفية تعامل ترامب الاب والابن مع التقارير الاعلامية حول اللقاء – الفضيحة، يشي بأن ترامب أصبح في موقف ضعيف جداً، خصوصاً أمام القانون الاميركي.

ويشي خروج تفاصيل لقاء ترامب الابن والمحامية الروسية إلى العلن، تباعاً، بأن إحدى وكالات الاستخبارات الأميركية تقف وراء التسريب، الذي بدا ممنهجاً ومعتمداً على ردود فعل البيت الأبيض وترامب الابن. للوهلة الأولى، نفى ترامب الابن حدوث اللقاء، ثم حاول التقليل من أهميته وقال إنه لم يكن يعرف هوية المحامية، ثم اضاف انه لم يحصل على أي معلومات منها على كل حال.

لكن في ردوده المرتبكة، ظهر ترامب الابن وكأنه يحاول التستر على تفاصيل اللقاء. ثم يبدو أن البيت الأبيض تبنى الحكمة «الواشنطونية» القائلة إنه في حال انتشار أخبار فضيحة ما، فإن أفضل ما يمكن لصاحب الفضيحة القيام به هو إغراق الإعلام بكل التفاصيل الممكنة، وهو ما فعله ترامب الابن، الذي نشر المراسلات التي تم التحضير بموجبها للقاء.

وأظهرت المراسلات انه على عكس ما ادعى سابقاً، كان ترامب الابن يعلم أن المحامية روسية، وانها مرتبطة بالكرملين، ومع ذلك وافق اللقاء بها، في خطوة تبدو وكأنها «تآمر» من مواطن أميركي مع مواطنين غرباء ضد أبناء جلدته من الأميركيين.

ثم أطل ترامب الابن، في مقابلة عبر قناة «فوكس نيوز» اليمينية المتطرفة قدمها أحد المقربين جداً من ترامب الاب الاعلامي شون هانيتي، الذي فتح بدوره الأثير لترامب الابن ليبرر اللقاء ويقدم كل التفاصيل الممكنة. لكن يبدو أن الوكالات الأمنية تلاعبت بشكل بارع بترامب والبيت الابيض، فبعد أن فرغ ترامب الابن من تقديم كل التفاصيل التي ادعى انها بجعبته، حصلت شبكة «ان بي سي» على تسريب مفاده ان الحاضرين في اللقاء لم يقتصروا على ترامب الابن والمحامية وصهر الرئيس جاريد كوشنر ومدير حملته بول مانوفورت، بل ان من الحاضرين كان رينات اخمتشين، وهو مواطن روسي – أميركي حاصل على رخصة مزاولة مهنة «اللوبي»، وهو يعمل بالتعاون مع المحامية لمصلحة الكرملين.

وذكرت التقارير الأميركية أن اخمتشين سبق ان خدم في الجيش السوفياتي، وانه معروف لدى وكالات الاستخبارات الأميركية على انه «عميل خارجي».

هكذا، في أقل من أسبوع، بث ترامب الابن كذبتين: الأولى قال فيها انه لم يكن يعرف هوية المحامية الروسية، وهو ما اتضح بطلانه، والثانية تغاضى فيها عن كشف هوية كل الحاضرين، خصوصاً عميل الاستخبارات الروسية اخمتشين.

وتالياً، أصبح ترامب الابن عرضة للمساءلة القانونية وربما المحاكمة، بتهمة التعامل مع مواطنين وحكومات أجنبية للتآمر ضد مواطنين أميركيين، في وقت أدى انكشاف التفاصيل التي حاول ترامب الابن سترها إلى إظهاره «متآمراً» في عيون غالبية الأميركيين.

وترافق ارتباك ترامب الابن مع قيام كوشنر، قبل أسبوعين من خروج تفاصيل اللقاء إلى العلن، بتعديل بيان لقاءاته الذي يقدمه للأمن الاميركي من اجل الحصول على رخصة الاطلاع على أسرار الدولة. وسبق لكوشنر أن أغفل ذكر اللقاء، قبل أن يقوم قبل أسبوعين بتعديل بياناته لاضافة اللقاء المذكور، في خطوة اعتبرها البعض وكأن كوشنر إما متآمر على ترامب الابن وقام بتسريب أخبار اللقاء لإنقاذ نفسه، وإما أنه يحاول القفز من سفينة عائلة ترامب، التي يبدو بشكل مؤكد أنها في طريقها للغرق.

* تساؤلات عن موعد وكيفية خروجه مع توالي الفضائح.

في هذه الأثناء، لفت المراقبون الأميركيون إلى أن ترامب الأب عدّل من نبرته، وتخلى عن وصف الاعلام الاميركي بالمزيف، ويحاول أن يبدو على أنه الرئيس الرصين الذي يتصدى للأزمات بهدوء.

وكان ترامب حاول، الأسبوع الماضي، الظهور بمظهر الرئيس الاميركي الذي التقى نظيره الروسي فلاديمير بوتين وأنّبه وفتح صفحة جديدة معه بإعلان نيتهما إقامة لجنة للأمن الالكتروني مشتركة. إلا أن ردة الفعل العنيفة من المشرعين الجمهوريين حملت البيت الأبيض على التراجع عن فكرة اللجنة، ونفي أنه تم التطرق اليها.

ومع تقهقر ترامب، ساد الحديث بين الأميركيين عن موعد وكيفية خروجه، وصار الحديث عن خلعه متداولاً عبر غالبية القنوات التلفزيونية وشبكات الراديو. ويعتقد بعض الأميركيين أن الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ستصوت لخلع ترامب إذا بدأت شعبيته تتراجع في دوائرهم الانتخابية.

ورجح بعض المراقبين ألا يعمد مجلس الشيوخ إلى خلع ترامب، لكن ذلك سيكلف الجمهوريين الغالبية في الكونغرس في الانتخابات النصفية العام المقبل، وهو ما يعني انه إما يخلع الكونغرس المقبل الرئيس الحالي، وإما ينتظر حتى يستبدله الأميركيون برئيس جديد في العام 2020.