هل تُسحب الثقة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟

هل تُسحب الثقة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٧ مايو ٢٠١٧

يعتقد أكثر من ثلثي الألمان أنّ ترامب لن ينجح في البقاء بمنصبه حتى نهاية فترته الرئاسية. لكنّ إجراءات “سحب الثقة” من ترامب لا يمكنها أن تبصر النور، لعدة أسباب قد يكون أهمها الأغلبية التي يتمتع بها الجمهوريون في الكونغرس.
*

في عهد الرئيس ترامب، يفضّل أن نبدأ هذا المقال بعبارة ” مع التحفظ”. لأنّ تغريدة واحدة من الرئيس ترامب على موقع تويتر قد تقلب كل شيء رأسا على عقب. والذي تقرأه هنا في هذا المقال أعد في منتصف سفرة ترامب الرئاسية الأولى، وقد تتغير التفاصيل بصورة جذرية لاحقا.

بينما يتجول الرئيس، يستمر التحقيق في الولايات المتحدة حول حملته الانتخابية. وعين وزير العدل الأميركي محققا خاصا يتابع ما إذا كانت روسيا قد أثرت على الانتخابات الأميركية التي جرت في شهر تشرين الثاني من عام 2016، وعما إذا كان هنالك تواطؤ بين فريق ترامب الانتخابي وروسيا. ومنذ ذلك الوقت بدأت تخمينات تتحدث عن أن مرحلة إبعاد الرئيس ترامب عن الرئاسة عبر عملية (Impeachment) وتعني “سحب الثقة” أو عبر طريقة أخرى، قد وصلت إلى مرحلة الغليان.
وحسب استطلاع للرأي أجري حديثا، لا يعتقد ثلثا الألمان أن الرئيس ترامب سينجح في البقاء في منصبه طيلة فترة رئاسته الحالية البالغة أربع سنوات. وفي الولايات المتحدة يفكر كثير من الساسة والقادة والخبراء بإجراءات سحب الثقة.

“سحب الثقة” .. عملية معقدة جدا
المهم في عملية سحب الثقة: بينما تنتشر الإشاعات والنقاشات عن عملية سحب الثقة، توجد هنالك القليل من المطالبات المباشرة بذلك، وتتضمن مطالبة عضو وحيد في مجلس النواب وهو العضو الديمقراطي آل غرين عن ولاية تكساس. ويحتاج مجلس النواب الأميركي لأغلبية بسيطة لتمرير “إجراءات سحب الثقة” (Impeachment). ويحتل الجمهوريون الأغلبية في مجلس النواب بـ 238 عضوا مقابل 193 عضوا من الديمقراطيين.
وفي حالة إقرار البدء بإجراءات سحب الثقة ستكون العملية تحت إشراف مجلس الشيوخ الأميركي، الذي يتمتع فيه الجمهوريون بأغلبية ضئيلة مقارنة بمجلس النواب، إذ يمثلون 52 عضوا فيه مقابل 48 للديمقراطيين. وفي مجلس الشيوخ يتعين على ثلثي أعضاء المجلس التصويت على إقالة الرئيس حتى يقر ذلك. وهذا يعني أنه يجب جمع 67 صوتا في المجلس للتصويت على إقالة ترامب. وقد صممت هذه العقبة الكبيرة عمدا. ولذلك لا يرى كثير من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين المعروفين، من بينهم جون ماكين الذي تنصل بصورة واضحة من ترامب، إشارات كافية لغاية الآن تشي بنجاح عملية سحب الثقة.

عملية سياسية
إجراءات سحب الثقة قد تجرى مثل العمليات القضائية، ومع ذلك تعد عملية سياسية، إذ تتم إدارتها وإقرارها من قبل السياسيين. والجمهوريون لا يمثلون الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ فحسب، بل أنهم يحكمون في البيت الأبيض لأول مرة منذ ثماني سنوات. وإذا قرروا الآن إبعاد الشخص الذي ينتمي إليهم عن الحكم، فهذا قد يعني حطام بأبعاد أسطورية بالنسبة للحزب.
وقال ريد غالين، وهو خبير جمهوري في الشؤون الإستراتيجية وشارك في الحملات الانتخابية لجون ماكين وأرنولد شوارزينغر وجورج بوش، إن “الجمهوريين في الكونغرس يحاولون البقاء مع الرئيس ترامب لأطول فترة ممكنة كافية لتمرير القوانين المهمة”.
فيما ذكر جون فييري الذي يعمل أيضا كخبير في الشؤون الإستراتيجية لدى قادة جمهوريين منذ نحو 20 عاما أن “أغلب الجمهوريين سيتمسكون بترامب، لأنه لا يوجد خيار آخر بالنسبة لهم”.
وتنتاب كثير من الجمهوريين مخاوف جدية من ترامب وفريق إدارته. لكن طالما يمكن لترامب مساعدتهم في تحقيق مطالبهم الأساسية، مثل تخفيض الضرائب أو إلغاء قانون “أوباما الصحي”، سيكون استعداد الجمهوريين للإطاحة به قليلا جدا. ورغم الفضائح التي لاحقت ترامب منذ توليه الرئاسة، مثل إقالته لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، لا تُدرج عملية سحب الثقة من الرئيس ترامب حتى الآن على جدول أعمال أصدقائه وزملائه في الحزب الجمهوري.

هل سيؤدي عزل كومي عن قيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى الإطاحة بترامب؟

وبهذا الصدد قال الخبير في الشؤون الإستراتيجية جون فييري “لا أعتقد إننا وصلنا الآن إلى هذا النحو”. وأضاف:” أغلب الأميركيين يفكرون ويقلقون بصورة أكبر على النظام الصحي أو على الاقتصاد، وليس على هذا الهراء الذي يغمر واشنطن”. فيما أشار الخبير في الشؤون الإستراتيجية غالين إلى أنه ما زال هنالك انقسام كبير بين الجمهوريين الذين يريدون عزل ترامب وبين الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ التي ستقر البدء بإجراءات سحب الثقة وستصوت لاحقا لسحب الثقة. وأوضح غالين أن عملية “عزل الرئيس هي مخاطرة كبيرة وقد تسبب شكوكا في العملية السياسية”.

روسيا قد تشكل حجرة عثرة في طريق ترامب
لكن هذا لا يعني أنّ كثيراً من الجمهوريين لا يؤيدون ممثلي الحزب الديمقراطي المنافس التقليدي لهم، وقد يعلن هؤلاء الأعضاء استعدادهم للتخلي عن ترامب. وفي النهاية يحمل الأعضاء الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ هدفا واحدا، وهو الحفاظ على مقاعدهم كأعضاء في المجلسين. وأوضح غالين أنه “عندما يرى الجمهوريون في الدوائر الانتخابية المتنازع عليها أن الرئيس ترامب يتصرف دون مراعاة ناخبيهم ويخشون على إعادة انتخابهم بسببه، سيقررون حينئذ الابتعاد عنه”. لكن أعضاء مجلس النواب والشيوخ الذين قد لن يدعموا ترامب، سوف لن يكونوا بصورة أوتوماتيكية الأعضاء الذين يريدون عزله عن الرئاسة.
وفي الوقت الحالي يعتقد الخبير فييري أنّ هناك سيناريو واحداً قابل للتطبيق. ويضيف:” إذا ثبت أنّ الرئيس ترامب أجرى محادثات سرية مع روسيا وكانت هذه المحادثات مخالفة للدستور، عندئذ سيكون ترامب في خطر.. ولكن وبخلاف هذا السيناريو الخاص يبقى ترامب، كما هو حاليا، رئيسا للولايات المتحدة”.