ترامب في السعودية زيارة دينية بأبعاد جيوسياسية

ترامب في السعودية زيارة دينية بأبعاد جيوسياسية

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٠ مايو ٢٠١٧

في أول زيارة له إلى الخارج، وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض، من أجل تدشين تحالفه المزدوج مع حلفائه من الدول الإسلامية ضد كل من تنظيم داعش الإرهابي ومحور المقاومة في منطقة الشرق الأوسط وهو ما أطلق عليه مراقبون «ناتو» أميركي إسلامي.
واقتنع ترامب، برأي مستشاريه، القاضي بإجراء جولة دينية، لمراكز الأديان الثلاثة السماوية، في مسعى منه لتجاوز مشاعر مؤيديه المعادية للسعودية. هذا «الحل الديني» عززه ترامب والمسؤولون السعوديون عبر دعوة ممثلي الدول المسلمة إلى قمة أميركية إسلامية.
وعشية الزيارة، كان كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» يؤكدون أن الولايات المتحدة ستشدد حملتها العسكرية ليس فقط على تنظيم داعش، بل أيضاً لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.
وقال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أمس الأول: إن ترامب أعطى أوامر لقوات التحالف الدولي المناهض لداعش بتكثيف العمليات لضرب مسلحي هذا التنظيم، مبيناً أن الإستراتيجية الأميركية الجديدة في مواجهة التنظيم المتطرف تقتضي «تصفية مسلحيه وليس طردهم من المدن والبلدات».
وشدد ماتيس على ضرورة محاربة داعش في جميع معاقله، مبيناً أن الولايات المتحدة تجهد لمحاصرة عناصر داعش في العراق وسورية لمنع تنقلهم إلى دول أخرى.
وبالترافق مع ذلك، طمأن ماتيس دول الخليج إلى أن بلاده لن تقبل بوجود قوات سورية مدعومة من إيران على الحدود السورية العراقية، عندما قال: إن الضربة الأميركية في منطقة التنف استهدفت قوات تحركها إيران. كما أكد مبعوث الرئيس الأميركي إلى التحالف الدولي بريت ماكغورك أن التحالف الدولي لن يتعاون مع الجيش السوري في الحرب على تنظيم داعش «أبداً».
وغرّد الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مرحباً بالرئيس الأميركي، وقال في تغريدته التي نشرها باللغتين العربية والإنجليزية: «نرحب بفخامة الرئيس الأميركي في المملكة». وأردف: «ستعزز زيارتكم تعاوننا الإستراتيجي، وستحقق الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم».
وفي طقس شديد الحرارة، هبط ترامب من طائرة الرئاسة مع زوجته ميلانيا. وكان الملك السعودي سلمان في استقبال ضيفه الأميركي على أرض المطار. وعزفت الموسيقا العسكرية وانطلقت المدافع لتحية الضيف وحاشيته وحلقت سبع طائرات سعودية في الأجواء لتشكل علامة النصر وتخلف وراءها خطوطاً حمراء وبيضاء وزرقاء.
وقال البيت الأبيض: إن جولة ترامب فرصة لزيارة أماكن مقدسة لدى ثلاثة من أكبر الديانات في العالم وتمنح في الوقت ذاته ترامب فرصة للقاء زعماء عرب وإسرائيليين وأوروبيين. ويخطط ترامب لدفع عملية السلام في المنطقة عبر مقترح مبتكر. وذكرت تسريبات أن الرئيس الأميركي يقترح على الفلسطينيين والإسرائيليين تسوية القضية الفلسطينية عبر إقامة دولة فلسطينية مع تبادل للأراضي بين كل من السعودية ومصر وهذه الدولة، تشمل النقب وسيناء وأجزاء من السعودية.
وجلس الزعيمان جنباً إلى جنب في قاعة كبار الزوار في المطار واحتسيا القهوة العربية. وأمكن سماع ترامب وهو يسأل الملك السعودي: «هل تمضون أوقاتاً طويلة في نيويورك؟»
وفي الطريق إلى فندق ريتز، حيث سينزل ترامب، جلس الملك سلمان مع الرئيس الأميركي في سيارة الرئاسة المدرعة شديدة التحصين التي يطلق عليها (ذا بيست).
وعلى طريق الموكب ارتفعت لافتات تحمل صوراً كبيرة لترامب والملك سلمان مع عبارة «العزم يجمعنا».
وبدا الحديث بين الملك السعودي والرئيس الأميركي مسترسلاً بلا حواجز في حوارهما عبر مترجم. وفي قصر اليمامة قلد الملك سلمان الرئيس الأميركي وسام الملك عبد العزيز، وهو أعلى وسام مدني في المملكة.
ومن المفترض أن يعقب مأدبة ملكية على شرف ترامب، محادثات خاصة بين الزعيمين، حيث سيشاركان بعدها في مراسم توقيع عدد من الاتفاقات بين الجانبين منها صفقة شراء أسلحة أميركية بقيمة 100 مليار دولار.
ومن بين الصفقات التي شهدها الزعميان، اتفاق سلاح أميركي سعودي يتضمن تعهداً بتجميع 150 طائرة هليكوبتر لشركة لوكهيد مارتن من نوع بلاكهوك في السعودية. كما وقعت شركة آرامكو أمس صفقات بقيمة 50 مليار دولار مع شركات أميركية في إطار حملة لتنويع مصادر الدخل السعودي بعيداً عن الصادرات النفطية. وسيلقي ترامب كلمة في الرياض اليوم بهدف كسب تأييد المسلمين لمحاربة الجماعات الإسلامية المتشددة. وقبل الزيارة، قال البيت الأبيض: إن ترامب يتوقع نتائج ملموسة من جانب السعودية في مجال مكافحة التطرف الإسلامي.
وسعى ترامب بعد قليل من توليه منصبه لمنع أبناء سبع دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة، غير أن محاكم اتحادية منعت تنفيذ القرار.
وفي خطوة ذات مغزى لتأكيد تفاهمهما بخصوص إيران، أدرجت كل من الولايات المتحدة والسعودية الرجل الثالث في حزب اللـه اللبناني هاشم صفي الدين على لائحتهما للتنظيمات الإرهابية.
في غضون ذلك، تواصل توافد قادة وممثلي الدول العربية والإسلامية إلى العاصمة السعودية للمشاركة في القمة العربية الإسلامية الأميركية التي تنطلق اليوم. ومن أبزر الواصلين رئيسا مصر عبد الفتاح السيسي، وطاجيكستان أمام علي رحمن.
كما وصل ممثلاً عن السودان الفريق طه الحسين وزير الدولة ومدير مكتب الرئيس السوداني عمر البشير.
واعتذر البشير، الجمعة، عن عدم حضور القمة الإسلامية الأميركية المرتقبة في الرياض «لأسباب خاصة»، حسب وكالة أنباء السودان الرسمية. وكانت واشنطن، أعلنت الأربعاء الماضي، «معارضتها» لمشاركة البشير، المُلاحق من المحكمة الجنائية الدولية منذ 2009، بتهم ارتكاب «جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية وإبادة جماعية» في إقليم دارفور، غربي البلاد.
وتستضيف المملكة قمة تشاورية خليجية، و3 قمم ستجمع ترامب مع الملك السعودي، وقادة دول الخليج، وزعماء دول عربية وإسلامية. ويرتقب مشاركة 55 قائداً وممثلاً عن دول العالم الإسلامي في القمم الثلاث، إضافة إلى ترامب.