درس خمس سنوات من رئاسة بوتين ونتيجتها الرئيسة

درس خمس سنوات من رئاسة بوتين ونتيجتها الرئيسة

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٦ مارس ٢٠١٧

في الرابع من آذار الجاري، انقضت 5 سنوات على انتخاب فلاديمير بوتين رئيسا للبلاد، وبهذه المناسبة تطرقت صحيفة “فزغلياد” إلى أهم العبر والنتائج، التي يمكن استخلاصها من هذه الفترة.
*

نصف عقد من الزمن هو مدة كافية من أجل استخلاص أهم الاستنتاجات، حتى لو أن بعضا منها يحمل طابعا زمنيا مرحليا. وتكمن المسألة هنا في أن روسيا شهدت تغييرات على نطاق واسع خلال الفترة الأخيرة. لذا، فإن استخدام الطرق التقليدية في التقييم والمقارنة لن يفضي إلى المغزى المطلوب. والأفضل في هذه الحالة الابتعاد عن النمط التقليدي في قراءة هذه الفترة الزمنية من رئاسة بوتين.

وبناء على ذلك، فإن المعضلة الكبرى في تلخيص النتائج الأساسية للسنوات الخمس الأخيرة، تكمن في صعوبة المتابعة التقليدية وإجراء مقارنة بفترات سبقت، وغير ذلك من العمليات القياسية الأخرى.

وبالطبع، فإن ذلك ممكن من الناحية الشكلية، لكنه لن يُظهر تجليات الصورة في جوهرها. وهذا يعني ألا معنى في هذه الحالة للحديث عن العوامل التقليدية مثل المؤشرات الاقتصادية الكلية (هبوط الناتج المحلي الإجمالي بسبب الأزمة الاقتصادية الخطيرة، الانخفاض الكبير في حجم هجرة رؤوس الأموال إلى الخارج، الإبقاء على التضخم ضمن الحدود المقبولة) أو الجانب الديمغرافي (الاحتفاظ بنمو مطرد في عدد السكان بما يشمل النمو الطبيعي).

* المرحلة الحالية التي تواجهها البلاد الآن تسمى في تاريخ المراحل الزمنية نقطة تحول، أو مرحلة مصيرية.

ولإستيعاب ضخامة التغييرات التي حدثت، تكفينا محاولة لإلقاء نظرة على أهم عناوين الأحداث آنذاك، بدءا بذلك اليوم 04 آذار 2012. فإلى جانب حدث الانتخابات الرئاسية، كان هناك خبر الاحتجاجات واسعة النطاق التي بدأت في كانون الأول من العام الذي سبقه. ولكن هل يمكن من السنوات الخمس، على سبيل المثال استذكار الأخبار التالية؟

1ـ روسيا تبني جسرا يجب أن يوصل شبه جزيرة القرم بعموم الاتحاد الروسي عبر الأراضي البرية.

2ـ موضوع “التدخل الروسي” في النظام السياسي للولايات المتحدة الأميركية، والذي يعدُّ موضوعا أساسيا في الصراع السياسي الداخلي للبلاد وحملة الرئاسة الانتخابية على امتداد الأشهر الأخيرة.

3ـ أوكرانيا، وللعام الثالث تقاتل في “الحرب الروسية – الأوكرانية”، على الرغم من ألا وجود لروسيا حتى الآن في هذه الحرب، وتحذير وزير الخارجية الروسي من أن موسكو لن تلغي العقوبات المفروضة على الغرب، إذا لم يتم تنفيذ خطة التسوية بين كييف والجمهوريتين المعلنتين من طرف واحد في شرق أوكرانيا.

4ـ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أبلغ الرئيس بوتين أن مدينة تدمر السورية تم تحريرها مرة أخرى من الإرهابيين بمساندة القوة الجو-فضائية الروسية وقوات العمليات الخاصة.

ولو كانت هذه الأخبار قد وردت يوم 04 آذار 2012 لبدت ضربا من الخيال غير العلمي، الذي لا علاقة لروسيا به قط. ولعل هذا هو الدرس الرئيس الذي تعلمه المجتمع الروسي خلال السنوات الخمس الماضية.

لقد أصبح من المتعارف عليه، ربط أهم إنجازات الرئيس بوتين في فترة السنوات الخمس الماضية بالسياسة الخارجية. وبالطبع، إن النجاحات الروسية الأكثر إثارة للاهتمام حدثت على الساحة الدولية: بدءا من الشرق الأوسط (حيث أصبحت روسيا لأول مرة بعد عشرات السنين مجددا لاعبا رئيسا في المنطقة)، إلى الإنجازات الراسخة للمشروعات العديدة في مجال النقل والطاقة (على الرغم من المقاومة التي واجهتها روسيا، ووضع العقبات العديدة والمختلفة).

وبشكل جوهري، استعادت روسيا خلال السنوات الاخيرة – أو استعادت تقريبا مكانتها كقوة عظمى عالمية.

ولكن الإنجاز الرئيس لهذه السنوات الخمس من فترة رئاسة بوتين يبقى في الواقع الفعلي، مرتبطا بالوضع السياسي الروسي – الداخلي، والذي تمثل في إدراك المجتمع الروسي حقيقة مهمة للغاية، وهي: أن عمليات التغيير تستغرق وقتا، وأن البطء في التغيير لا يعني الفشل.

وفي الوقت الراهن، وبعد إصلاحات مختلفة استغرقت العديد من السنين، حصلت روسيا على جيش ليس هو مفخرة لشعبه وحسب، بل إن الخدمة فيه أصبحت من الأعمال المرموقة جدا، وهذا ما كان غائبا على مدى العشرات من السنين بما يشمل الحقبة السوفياتية. هذا إضافة إلى امتلاك البلاد مطارا فضائيا جديد.

وهكذا، وفي جميع المجالات الأخرى – التغلب على الأزمة الاقتصادية، استبدال الواردات، تحديث الإدارة، مكافحة الفساد، إصلاح الصحة والتعليم، تطوير البنية التحتية، الإعداد لنهائيات كأس العالم بكرة القدم، وغيره، ومن الممكن أن يترافق إنجازها مع العقبات والإخفاقات. ولكن، وعلى الرغم من هذا، فإن روسيا تواصل المضي إلى الأمام، وتحصل على المزيد من البراهين بأن الجهد الذي يبذل، سوف يعود بمردود إيجابي، حتى لو بدا في بعض الأحيان غير كاف.

إن هذا هو الاستنتاج الرئيس لخمس سنوات من فترة الرئاسة الحالية لفلاديمير بوتين، ولعل هذا هو الدرس الأكثر قيمة، والذي يمكن أن تحصل عليه البلاد، مع اقتراب اليوبيل المئوي الأول لثورتيها.