هل يتجاوز الاردن كمائن المناطق الآمنة وتداعياتها الخطيرة؟!

هل يتجاوز الاردن كمائن المناطق الآمنة وتداعياتها الخطيرة؟!

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٥ فبراير ٢٠١٧

 قد تسعى الاردن لدور في الاقليم، عبر تدخلات في ملفات وأزمات المنطقة، وهذا من حقها، ما دامت دول الاقليم منخرطة في معركة ولعبة الادوار، لكن، الخطورة في عبور مسالك ومسارات خطيرة قد يرتد السعي لانجاز مكاسب، الى تقهقر لحصد فشل وخيبة.
ان الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان أن الولايات المتحدة هي التي تحرك العصابات الارهابية في سوريا وغيرها من الساحات، أحيانا تضعفها، واحيانا اخرى تقويها، حسب أجندة واشنطن، في منطقة، أكدت صراحة ومرارا، أنها سترسم لها خارطة جديدة، ورسم الخرائط قد يلحق أذى بالمتعاونين مع أمريكا، ومهما تعدد رعاة الارهاب واختلفت جنسياتهم، فان الادارة الامريكية تبقى هي المحرك، والرعاة هم مجرد أدوات.
وبشأن الأزمة السورية، فمنذ اندلاعها قبل ست سنوات، أي لحظة شن الحرب الارهابية الكونية على الشعب السوري، تغيرت معادلات ومفاهيم وحدثت متغيرات واقيمت تحالفات وشطبت أخرى، لكن، الدولة السورية بقيت في عافية، صمد شعب سوريا وصمدت قيادته وأثبت جيشه قوة ارادته واصراره، وهذا، أفشل مخططات عدوانية شريرة وبربرية، وسقطت برامج وسياسات، رغم عدم اعتراف أصحابها ومنفذيها وواضعيها بذلك، فكان اللجوء الى ما يسمى بـ (المناطق الامنة) ، وهو المصطلح الرديف للتقسيم، مصطلح يجري تداوله في أكثر من عاصمة ومن جانب أكثر من نظام، في ظل تموضع جديد للعصابات الارهابية، وتقدم على المسار السياسي للأزمة.
لكن، ومع كل هذه المتغيرات والحقائق، وسقوط حسابات، يبدو أن عمليات التقييم واعادة الحسابات لا تتم بصورة سليمة، وربما لنقص الادوات وقلة خبرتها، أو بفعل الغباء الذي يميز بعض الانمة، بمعنى أن مصطلح المناطق الامنة فتح شهية الكثير من العواصم، ودفعها الى "الاستنجاد" بالعصابات الارهابية، مع أن اعتماد هذه الوسيلة غير مضمون النجاح، وفيه الكثير من المخاطرة، وغالبا ما تكون نتائجها قاتلة.
في جنوب سوريا وشرقها، نرى تحركات غريبة باحثة عن الأدوار مساً بسوريا دولة وشعبا، اتضح من خلالها أن هناك مجموعات ارهابية تحت رعاية الاردن، وأن الوقت قد حان لاستخدامها مسارا لقطف الفوائد والثمار مع أن "الجفاف يلف الاشجار"، ولم ينفض يده من هذه العصابات، وان اتجه مؤخرا لتحجيم احداها وهي عصابة داعش، وهذا لا يعني رغبة في اقتلاعها، وانما اضعافها في مكان، وتقويتها في مكان آخر، والطلب منها الانتقال الى هناك، وحيث يرغب الراعي الامريكي، أي أن رعاية الاردن لمجموعات ارهابية، هي غير خالصة وغير مأمونة، ومن منطلق الحرص، انطلقت تحذيرات للاردن، بعدم الانزلاق الى لعبة المناطق الامنة، مهما كان حجم الاغراءات أو التهديدات، وسلامة الهيئات الاستشارية، فالارهاب لا دين له، ويضرب حيثما استطاع وتمكن من الوصول.
ان التحرك من أجل اقامة مناطق آمنة جنوب وشرق سوريا، ستكون اسرائيل شريكة في التحرك من أجل تحقيقها، أي أن الاردن ستدخل طوق الشراكة هذه، وهذا مسيء لها على المدى القصير والبعيد، هذا اذا افترضنا جدلا أن المخطط يملك مقومات النجاح والتمرير، مع أن فرص تحقيقه ضئيلة للغاية، حيث المعادلة تحتضن أرقاما أخرى، تقف في وجه هذا المخطط، وتعمل على اجهاضه، وهنا، فان الخطورة هو حجم الارتداد الارهابي على الاردن، اذا لم تتراجع عن المشاركة في المخطط المذكور، خاصة وأن هناك حاضنة للارهابيين فوق الاراضي الاردنية، ثم أن المملكة الوهابية السعودية ومشيخة قطر وتركيا، لن تترك الساحة لصالح الاردن وفق ميزان الربح والخسارة، وبالتالي سيكون هناك انقلاب ارهابي على الاردن، تموله وفرة الاموال النفطية لشراء المجموعات التي ترعاها عمان.
يبقى من الافضل للاردن قيادة وشعبا، الابتعاد عما يخطط له وعدم الانزلاق الى كمائن قاتلة، الساحة الاردنية في غنى عن أخطارها وويلاتها، وبالتالي، الاسلم للاردن هو تطوير علاقاتها مع الدولة السورية اجتثاثا للارهاب عصاباته ومجموعاته، والنجاة من أنياب نظام تضليلي في الرياض، وادارة عدوانية في واشنطن، والانتباه الى الحدود الشرقية، وما تخطط له اسرائيل من عبث في الساحة الاردنية، عبر تنفيذ برامج ومخططات موضوعة منذ سنوات طويلة، تم اكتشافها والتحذير منها مرات عديدة، وحتى لا تصبح هذه الساحة ثمنا لحل تصفوي لقضية فلسطين.
ان الاهم والأقوى للاردن وما نتمناه لها، هو أن تكون على رأس القوى والدول الداعمة للدولة السورية وشعب سوريا، وانخراطها القوي في الحرب على الارهاب