«إسرائيل» بين لعنة مفاعل ديمونا وخزانات الأمونيا..

«إسرائيل» بين لعنة مفاعل ديمونا وخزانات الأمونيا..

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٧ فبراير ٢٠١٧

عمر معربوني - بيروت برس -
"دائمًا لدينا ما نخفيه وستتفاجؤون بما نخفيه، والذي يمكن أن يغيّر مسار أي حرب".. "أدعو العدو الاسرائيلي ليس فقط الى افراغ خزان الامونيا في حيفا وإنما أيضًا الى تفكيك مفاعل ديمونا".. هذا بعض ما قاله السيد حسن نصراالله اليوم في خطابه بذكرى الشهداء القادة.
هي كلمات قليلة مقتضبة ولكنها تحمل في مضمونها طبيعة المعركة القادمة مع الكيان الصهيوني، فكما كانت نتائج عدوان تموز 2006 مرتبطة بالمفاجآت التي حصلت خلال الحرب ستكون نتائج اي معركة قادمة مرتبطة ايضًا بما تخفيه المقاومة من قدرات، وهو ما اكده السيد نصرالله.

هذا الكلام الصادر عن قائد المقاومة هو كلام تنظر اليه مواقع القرار في الكيان الصهيوني بالكثير من التخوّف، وتأخذه على محمل الجد. فأحد اهم أسس التقديرات التي تبني عليها القيادة الصهيونية قراراتها هو ما يجيء على لسان السيد حسن نصرالله، والذي لا تصنفه ابدًا في خانة الحرب النفسية رغم انه يندرج ضمن الحرب النفسية بما يرتبط بسكان الكيان الصهيوني الذين يصدقون السيد اكثر من قيادتهم.

"إسرائيل" التي اقامت مفاعل ديمونا في قلب صحراء النقب لم يكن ببالها أبدًا ان تكون أية قوة عربية قادرة على استهدافه، فحتى ما قبل الإندحار الصهيوني من جنوب لبنان سنة 2000 كانت العقيدة العسكرية الصهيونية قائمة على مبدأ الردع عبر الذراع الطويلة لسلاح الطيران الصهيوني وعلى الحرب المتحركة السريعة.

بعد اندحاره من لبنان وبعد عدوان 2006، بدأت قيادة الجيش الصهيوني تدرس التحولات الناتجة عن الحدثين عبر إنشاء عقيدة عسكرية قائمة على حماية الجبهة الداخلية والجهد الإستخباراتي، وهي عقيدة تخالف ما كان سائدًا لعقود طويلة مضت وتضع الكيان الصهيوني في دائرة الخوف الدائم. فها هي قيادة الكيان تبني جدرانًا عالية على الحدود مع لبنان، وهي برأيي اشبه بجدران وهمية لا قيمة لها حيث يمكن ان تشكل الأنفاق الوسيلة الأفضل لاختراق الحدود، ومن ثم تفجير الجدران في مناطق محددة لإحداث ممرات عبور للآليات، والتي ستكون برأيي بأغلبها من الفئة الصغيرة والتي يمكن ان تستخدم الأنفاق كممرات عبور بحيث تصبح القوات الصهيونية المنتشرة على الحدود مكشوفة الظهر، ففي استعراض القصير شاهدنا منصات كورنيت المضادة للدروع مركبة على دراجات الـATV وهي دراجات يمكنها حمل حتى ثلاثة افراد مع سلاح متوسط.

المفاجآت التي تكلم عنها السيد حسن نصرالله قد لا تكون في السلاح بقدر ما يمكن ان تكون في انماط القتال سواء كانت دفاعية او هجومية، رغم انه حدد هدفين اذا ما تم استهدافهما فيما لو اندلعت الحرب فانهما سيشكلان صدمة كبيرة للكيان الصهيوني، فالسيد الذي تكلم عن خزانات الأمونيا في فترة سابقة واعتبر أنها بمثابة قنبلة نووية جاء من يتكلم في الكيان الصهيوني عن الباخرة التي تنقل الأمونيا وقال انها تعادل خمس قنابل نووية.
أهداف اخرى لا تعد ولا تحصى داخل فلسطين المحتلة، كلها اهداف استراتيجية سواء كانت عسكرية او مدنية يمكن للمقاومة استهدافها، كمحطات الكهرباء والموانئ ومراكز القيادة والمطارات ومحطات المياه ومراكز الإتصالات ومستودعات الأسلحة، وغيرها من مقومات الجيش الصهيوني والصمود المرتبط بسكان الكيان.

لا أحد طبعًا يستطيع ان يعرف ما تخفيه المقاومة وهو الجزء الأهم في عقيدتها القتالية القائمة على السرية، وهو العامل الهام في اي حرب حيث بات واضحًا منذ سنة 2000 ان الجيش الصهيوني تراجع استخباراتيًا بشكل كبير وأصبح عاجزًا عن وضع تقارير تصف قوة المقاومة وقدراتها، وهذا يعني ان لا بنك اهداف دقيق على المستوى العسكري يمكن أن تستهدف "إسرائيل" من خلاله المقاومة المتخفية، إلّا اذا قام الجيش الصهيوني باستهداف التجمعات السكنية والبنية التحتية كوسيلة ضغط لا يملك غيرها.
هذا الخيار لن يكون نافعًا كما في المرات السابقة، بفارق انه سيشكل لعنة على مستخدميه في اي حرب قادمة، فالمقاومة سنة 2011 لم تكن تملك ما يكفي من صواريخ متوسطة وبعيدة المدى وهي الآن تملك الآلاف منها.

وإن كنا لا نستطيع التحدث عمّا تخفيه المقاومة لعدم معرفتنا به، فإننا بالتأكيد نستطيع التحدث عما بات معروفًا وهو ما سنقسمه الى أقسام مختلفة:
1-    العامل العقائدي الذي سيبقى عامل التفوق الأول لمصلحة المقاومة، فبين مقاتلي المقاومة والجندي الصهيوني فارق كبير وهوّة اكبر في الإقدام والشجاعة والثبات والصبر والتحمل.
2-    مستوى التدريب والخبرة، وهو ما يعترف به قادة الجيش الصهيوني حيث يختبر مقاتلو المقاومة الميدان في عمليات حقيقية منذ سنوات في سوريا، وهي عمليات تشارك فيها اغلب وحدات المقاومة عبر المشاركة التطوعية وهو ما أكسب الوحدات المتفرغة وقوات التعبئة قدرات اضافية تتجاوز قدرات اي جيش في المنطقة، سواء في انماط القتال الدفاعي او الهجومي وحتى في استخدام اسلحة الميدان المختلفة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة والقتال في بيئات مختلفة تتراوح بين القتال الصحراوي وقتال الجبال والغابات وقتال المدن وفي ظروف الميدان المثالية والمعقدة.
3-    امتلاك منظومة واسعة من اسلحة الميدان المباشر سواء منظومات المضاد للدروع او القناصات واستخدام الكاميرات الحرارية ووسائط الإستطلاع والمراقبة المختلفة، وقدرات التنسيق العالية بين وحدات الميدان الصغيرة منها والكبيرة وتراكم الخبرة الناتجة عن التعامل مع العبوات والكمائن وغيرها من المسائل.
4-    امتلاك المقاومة لمنظومة صاروخية يمكنها استهداف اي هدف على كامل تراب فلسطين المحتلة، وهي تشمل اكثر من 150 الف صاروخ بين مدى 8 الى 42 كلم وآلاف الصواريخ بين مدى 75 و400 كلم، وبرؤوس متفجرة تتراوح بين 90 و800 كلغ قادرة على احداث دمار كبير في مختلف المنشآت العسكرية والمدنية الصهيونية بما فيها الموانئ والمطارات.
5-    امتلاك المقاومة لمنظومة صواريخ ارض – بحر، وهي يبدو انها كافية لإخراج سلاح البحرية الصهيوني من التأثير في المعركة، وهي من المؤكد انها تضم صواريخ C-802 وربما صواريخ ياخونت والتي يمكنها اصابة اي هدف بحري على بعد 300 كلم اصابة دقيقة ومحققة، مع امكانية امتلاك المقاومة لزوارق طوربيد وغواصات صغيرة تحمل حتى مقاتلين.
6-    امتلاك المقاومة لصواريخ ارض – جو غير تلك التي يمكن إطلاقها عن الكتف، وهو ما اشار له بعض الطيارين الصهاينة من أنّ عمليات اغلاق رادارية لثوانٍ تعرّضوا لها فوق السماء اللبنانية، وهذا يعني ربما منظومات كال بانتسير وغيرها، وهي صواريخ قادرة على التعامل مع اهداف جوية على ارتفاعات ومسافات متوسطة ما يعني اقله اجبار الطائرات الصهيونية على البقاء مرتفعة واجبارها على استخدام ذخائر ذكية ذات الكلفة العالية، وهو ما يحد من قدرة الإستهداف الجوي الصهيوني.
7-    امتلاك طائرات بدون طيار مختلفة الطرازات ومتعددة الأغراض من الإستطلاع الى الإستهداف، سواء عبر اطلاق الصواريخ او من خلال استخدام الطائرة بحد ذاتها كقنبلة.

أمام هذا الوضع ستكون القيادة الصهيونية مجبرة على التريث والتفكير مطولًا قبل الإقدام على فتح اي مواجهة، وعليها ان تحسب كثيرًا لنتائج هذه المواجهة التي ستكون كلفتها عالية ومكلفة، وبانتظار اي مواجهة محتملة نحن بالتأكيد في مرحلة توازن الرعب وتنامي قدرات الردع لدى المقاومة وداعميها.