هل انتهى دور «العليا للمفاوضات»؟ .. علوش يسعى لرئاسة وفد جنيف

هل انتهى دور «العليا للمفاوضات»؟ .. علوش يسعى لرئاسة وفد جنيف

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٥ فبراير ٢٠١٧

عبد اللـه علي

يبدو أن الضغوط الأممية التي تكثفت مؤخراً لتشكيل وفد واحد للمعارضة السورية إلى محادثات جنيف المزمع عقدها نهاية الشهر الجاري، ما لم يتم تأجيلها، ليست الهاجس الوحيد الذي ترزح «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة تحته. فالانقسام بين الأجنحة السياسية للمعارضات، وحالة التنافس الواضحة بين المعارضات السياسية والمليشيات المسلحة، إضافة إلى المطامح الشخصية لبعض القيادات وطمعها في لعب دور أكبر مما هو موكل إليها، جميعها هواجس جدية بدأت تهدد «العليا للمفاوضات» وتثير التساؤلات حول دورها ومصيرها.
وعلمت «الوطن» من مصدر مطلع على كواليس الاجتماعات التي عقدت يوم الجمعة الماضي في أنقرة وشاركت بها «العليا للمفاوضات» ومجموعة المليشيات التي شاركت في اجتماع أستانا، أن المليشيات المسلحة أصرّت خلال الاجتماعات على توسيع تمثيلها في وفد جنيف، وألا يكون أقل من نسبة النصف من أجل تجاوز النقطة الخلافية التي بقيت عالقة بين الطرفين منذ مؤتمر الرياض للمعارضة نهاية عام 2015. وقد أثار هذا المطلب استياء وغضب المنسق العام لـ«العليا للمفاوضات» رياض حجاب، واعتبر ذلك محاولة لليّ ذراعه في ظل الضغوطات الأممية التي يتعرض لها، ما تسبب بمشادة كلامية بين الطرفين.
وما زاد الطين بلّة أن ممثل ميليشيا «جيش الإسلام» ورئيس وفد الإرهابيين إلى اجتماع أستانا محمد علوش، ألمح خلال الاجتماعات إلى تطلعه بأن يكون وفد جنيف برئاسته أيضاً.
وعلى الرغم من أن مؤتمر الرياض منح المليشيات نسبة الثلث في تشكيل «العليا للمفاوضات» لكن ذلك لم يكن كافياً لإرضائها، وظلت تشكو على الدوام من ضعف تمثيلها وأنه لا يعبر عن حقيقة الدور الذي تقوم به على الأرض.
ولم يمنع تعيين علوش باعتباره يمثل مليشيا «جيش الإسلام» بمنصب كبير المفاوضين إلى محادثات جنيف من استمرار هذه الشكاوى. كما لم يتغير الأمر على الرغم من أن نسبة التمثيل أصبحت تقارب النصف إلا قليلاً بعد انسحاب خمسة أعضاء من «العليا للمفاوضات»، ليبقى نحو خمسة وعشرين عضواً فقط من بينهم أحد عشر ممثلاً عن المليشيات. ويبدو أن المليشيات المسلحة تريد اقتناص الفرصة السانحة التي وفرها اجتماع أستانا بإعطائها صدارة المشهد من أجل العمل على تكريس هذه الصدارة وفرض نفسها على المقاعد الأمامية لأي مؤتمر أو اجتماع أو لقاء خاص بمناقشة الأزمة السورية. لكن هذا المسعى الميليشياوي قد يؤدي إلى إضفاء مزيد من التعقيد على مهمة تشكيل وفد المعارضات لاسيما أن العديد من الهيئات والأحزاب يرفض رفضاً قاطعاً أن يتولى قادة المليشيات مهمة التفاوض حول المواضيع السياسية خصوصاً قضايا جوهرية مثل شكل الحكم والدستور وهوية سورية، وقد يفضل هؤلاء عدم المشاركة في الوفد على أن يكونوا بمثابة شهود زور. ولا يخفي بعض المعارضين اعتقادهم بأن حدة الخلافات بين مكونات المعارضات السياسية بعضها مع بعض من جهة، وبينها وبين المليشيات المسلحة من جهة ثانية، قد تدفع دي مستورا إلى تنفيذ تهديده بتشكيل وفد المعارضات بنفسه. وأشار هؤلاء إلى أن هذه الصلاحية هي من حق دي مستورا بموجب القرار 2254 ولا يستطيع أحد منعه من استخدامها.
من جهة ثانية، بدأ بعض أعضاء مؤتمر الرياض يشككون في شرعية «العليا للمفاوضات» مشيرين إلى أنها تجاوزت الولاية الزمانية الممنوحة لها بموجب قرار تشكيلها الذي صدر عن مؤتمر الرياض باعتباره يمثل مرجعيتها القانونية. وكتب بسام صقر العضو في مؤتمر الرياض على صفحته في «الفيسبوك»: أنه «انتهت مدة عمل الهيئة العليا للمفاوضات والتي تقرر وقتها من قبل المؤتمرين أن تكون سنة واحدة يقيم عملهم وأدائهم بعدها»، مشدداً على أنه «لا شرعية ولا قانونية لاستمرارهم الآن»، واستغرب صقر من صمت الكتل المشاركة في مؤتمر الرياض عن هذا الأمر، معتبراً ذلك دليلاً على أن «العليا للمفاوضات» تسير بطريق الاستبداد السياسي. وأكد صقر، في حديث مع «الوطن»، أن «العليا للمفاوضات لم يعد لها شرعية وهي ترفض العودة إلى مؤتمر الرياض الذي انتخبها من أجل تقييم أدائها»، مشدداً على أن «العليا للمفاوضات تجاوزت عمرها الافتراضي المحدد بعام واحد». ووصف صقر أعضاء الهيئة بأنهم «ارتضوا لأنفسهم الارتهان لقرارات الرياض والدوحة وأنقرة متناسين شعبهم ومصالحه». وأبدى صقر تخوفه من غلبة تمثيل المليشيات المسلحة على وفد المعارضات المزمع تشكيله قائلاً: «كيف نثق بمن وضع النساء والرجال المدنيين بأقفاص حديدية» في إشارة واضحة إلى محمد علوش ممثل «جيش الإسلام».