حكومة نتنياهو: الاستيطان أولاً

حكومة نتنياهو: الاستيطان أولاً

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٦ يناير ٢٠١٧

من الصعب الفصل بين مسارعة نتنياهو ــ ليبرمان إلى المصادقة على بناء وتخطيط حوالى 2500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، وتبدّل الادارة الاميركية وتسلّم الرئيس دونالد ترامب، من دون أن يلغي ذلك حقيقة أن كل الحكومات الاسرائيلية كانت حكومات استيطانية بامتياز... على تفاوت في الزخم والأسلوب
 
لعلّ التزامن بين قرار بناء ودفع مئات الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية، وتبدل الإدارة الأميركية، يؤكد التكتيك الاسرائيلي الدائم باستغلال الظروف لمصلحة أولوية الاستيطان الحيوية بالنسبة إلى الكيان الاسرائيلي. فهي تمثّل هدفاً قائماً بذاته، وجزءاً من استراتيجية تهويد فلسطين، وترجمة لمخطط قطع الطريق على إقامة دولة فلسطينية، وتجسيداً لتكتيك فرض الوقائع بما يدفع الأطراف الدولية والإقليمية نحو التكيّف، لا أكثر. ويهدف أيضاً إلى دفع الفلسطينيين نحو البحث عن حلول خارج إطار فلسطين، تحت شعار الواقعية في الطروحات والاهداف.

في المقابل، اعتمد صانع القرار في تل أبيب على "المرحلية" في تنفيذ مخططاته الاستيطانية، التزاماً بمبدأ الواقعية "النضالية" بما يخدم هدف التوسع الاستيطاني، لا كما تفعل الكثير من الجهات العربية وبعض الجهات الفلسطينية، عبر اعتماد الواقعية لكن الانبطاحية.
مع أن إدارة باراك أوباما كان لها وجهة نظر مختلفة عن اليمين الاسرائيلي في ما يتعلق بسياسة الاستيطان، إلا أنّها لم تقدم على أي خطوة جدية تكبح إسرائيل عن تنفيذ سياسة التوسع الاستيطاني، من دون أن يلغي ذلك اضطرار تل أبيب في بعض المحطات الى مراعاة الموقف الأميركي الذي فرض عليها تغييراً في التكتيك ليس إلا.
ويبدو أن إسرائيل وجدت في تولي ترامب فرصة تاريخية للانقضاض على ما تبقى من أراض فلسطينية، وقد برز أول مفاعيل ذلك في امتناع البيت الأبيض عن التعليق على القرار الاسرائيلي المُعلن أول من أمس، بخصوص بناء مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة. لذا لم يكن مفاجئاً أن يبادر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الاعلان: "نحن سنبني، وسنواصل البناء"، فيما رأى وزير الامن أفيغدور ليبرمان أن القرار الاستيطاني "يهدف إلى توفير ردّ لاحتياجات الاسكان ومواصلة روتين الحياة"، مضيفاً: "نحن نعود الى الحياة الطبيعية في الضفة الغربية".
وأتى هذا الاعلان الاستيطاني بعد يومين من مصادقة نتنياهو على استمرار البناء في القدس الشرقية، وتأكيده أنه ينوي مواصلة البناء في الضفة الغربية. وتجدر الاشارة الى أن غالبية الوحدات الاستيطانية هي في الكتل الاستيطانية، وفق مكتب وزير الامن الاسرائيلي، ما يعني أنها ضمن الكتل التي يوجد حولها شبه إجماع إسرائيلي على أن تكون جزءاً من دولة إسرائيل في أي تسوية نهائية مفترضة مع السلطة الفلسطينية.
وتهدف إسرائيل الى تسليط الضوء على هذه النقطة بالذات للإيحاء بأنها لا تبني في الاماكن التي ستقام عليها الدولة الفلسطينية، لكنها تتجاوز حقيقة أن كون هذه الكتل جزءاً من دولة إسرائيل مستقبلاً لم يتبلور في إطار المفاوضات، بل هو قرار أحادي ترى إسرائيل أن على الطرف الفلسطيني التسليم به، وذلك إلى جانب أنها تأتي ترجمة لاستراتيجية إسرائيلية تقوم على الاستفادة من تعثر المفاوضات عبر فرض المزيد من الوقائع الاستيطانية التي تتحول لاحقاً الى أنها جزء من الواقع الذي لا يمكن القفز عنه.
في التفصيل، ذكرت "هآرتس" أنه تمت المصادقة على تسويق أراض لبناء 909 وحدات استيطانية فوراً، ودفع إجراءات التخطيط في لجان التنظيم لبناء 1642 وحدة أخرى. وفي هذا الاطار، تمت المصادقة على بناء 552 وحدة في مستوطنة "جبعات زئيف"، و78 في "الفي منشيه"، و87 في "بيتار عيليت"، و90 في "معاليه أدوميم"، و63 في "اريئيل"، و21 في "افرات" و18 في "إلكناه". أما وحدات البناء التي سيتم دفع مخططاتها في لجان التنظيم، فتضم 81 في "عيتس افرايم"، 100 في "جبعات زئيف"، 86 في "كوخاب يعقوب"، 4 في "هار جيلو" (جبل ابو غنيم)، 292 في "تسوفيم"، 154 في "اورانيت"، 899 في "اريئيل"، 6 في "شعاري هتكفا" و20 في "بيت إيل".
وفي السياق، أدان الاتحاد الأوروبي القرار الاستيطاني، واصفاً إياه بأنه يدمر فرص التوصل الى "حل الدولتين". وعبّر عن أسفه لكون إسرائيل تواصل هذه السياسة، رغم "التخوف والمعارضة الدولية التي طرحت أمام كل المستويات". وجاء في البيان، أيضاً، أن "توسيع المستوطنات يخرق القانون الدولي ويتناقص مع سياسة الاتحاد الاوروبي وتوصيات الرباعية، وأن حل الدولتين المتفق عليه هو الطريق الوحيد لتحقيق الطموحات المشروعة للجانبين في تحقيق السلام". في المقابل، امتنع البيت الابيض عن إدانة القرار وتهرّب الناطق باسمه، شون سبايسر، من الإجابة عن سؤال حول الموضوع. ولم يظهر، لا دعم القرار أو التحفظ عليه، وقال فقط إن إسرائيل هي حليف مقرّب من الولايات المتحدة، وإن الموضوع سيناقش خلال اللقاء القريب بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس دونالد ترامب.
أما مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، فقد واصل تكتيكه بمواصلة الضغط على حكومة نتنياهو، معتبراً أن القرار "مخيّب"، ومدّعياً أن البناء الذي صودق عليه "لا يلبّي الاحتياجات"