أردوغان يودّع اوباما باتهامه بـ «الكذب».. ويستقبل ترامب بـ«المنطقة الآمنة»!

أردوغان يودّع اوباما باتهامه بـ «الكذب».. ويستقبل ترامب بـ«المنطقة الآمنة»!

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٦

عباس الزين - بيروت برس -
لم تكن المفاوضات الروسية-التركية المباشرة، والتي حصلت خلال الاسابيع الماضية، لا سيما تلك المتعلقة بحلب، سببًا في تفاقم الخلافات بين أنقرة وواشنطن، بل إنها نتيجة ملموسة، لما يمكن تسميته بتخلٍّ أميركي عن الحليف التركي، عبر دعم إدارة أوباما لـ"قوات سوريا الديمقراطية" ذات الأغلبية الكردية، في الشمال السوري، وعلى مقربة من الحدود التركية وصولا الى الرقة، بما يعني ذلك من رفضٍ أميركي لمنطقةٍ عازلة، تُرجِمَ ميدانيًا عبر هذا الدعم.

في المقلب الآخر، فإن ذهاب الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان، باتجاه ما يمكن تسميته بـ "الحوار الايجابي" مع كلٍّ من ايران وروسيا، يتعلق بالرؤية المستقبلية من قبله للإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، الذي أظهرأيضًا  بعض الايجابية في ما يخص الحوار مع موسكو. بناءً عليه، فإن تصريحات اردوغان الأخيرة، واتهامه واشنطن بدعم الإرهاب، لا تخلو من تلميحاتٍ تركية بامكانية التقارب أكثر مع الادارة الاميركية الجديدة، كونها تتقاطع معها في اتهام ادارة اوباما بالمشاركة في تنمية ظاهرة الإرهاب، وهذا لا ينفي طبعًا تورط تركيا بذلك، بل انه يدخل ضمن استراتيجيات الدول المستقبلية والمتبدلة، بناءً على اخفاقها او نجاحها في الميدان.

وفي السياق نفسه، فإن ادارة اوباما لن توفّر اي فرصة في ايامها الاخيرة، للرد على الاتهامات التي تطالها، بعيدًا عن اي منطق براغماتي اتبعته خلال فترة حكمها، فخلال السنوات الماضية لم تتوانَ ادارة اوباما عن ارسال مبعوثٍ من قبلها الى انقرة، عند اي خلافٍ تركي-اميركي في ما يخص الاحداث في سوريا، حتى في ذروة الدعم الاميركي للقوات الكردية. بيد ان المرحلة الحالية أظهرت تبدلاً ملحوظًا في الخطاب الاميركي، حيث وصفت واشنطن، تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأنه يملك أدلة تؤكد تقديم قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة دعما لجماعات "إرهابية" في سوريا، بـ"السخيفة". وجاء ذلك على لسان، مارك تونر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في معرض رده على تصريحات للرئيس التركي في وقت سابق من الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي في العاصمة التركية أنقرة. وكان أردوغان قد قال: "التحالف كان يقول سنواصل محاربة داعش إلى النهاية"، مضيفا "كانوا يتهموننا بدعم التنظيم والآن جميعهم تلاشوا عن الأنظار، بل على العكس فهم يدعمون التنظيمات الإرهابية، ومنها داعش ووحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي، هذا واضح جدا. لدينا أدلة مؤكدة بالصور والتسجيلات المصورة"، وفق وكالة رويترز. وتابع: "سنواصل محاربة داعش بكل حزم، سواء توفر الدعم لنا أو لم يتوفر، ولن نتراجع عن المضي قدما في هذا الطريق"، مؤكدا أن التحالف الدولي لا يلتزم في الوقت الراهن بتعهداته التي قطعها. وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده متمسكة بإنشاء منطقة آمنة بشمال سوريا قرب حدود بلاده الجنوبية.

الى ذلك، فإن اردوغان لا يزال متمسكًا بمنطقةٍ آمنة عند الحدود السورية، لها علاقة بمخاوفه من اي تمدد كردي على حساب تواجد تنظيم "داعش". الا ان مطالب اردوغان تلك، تلقى رفضًا اميركيًا، الى جانب الرفض الروسي، لكن ما يوتّر العلاقة بين انقرة وواشنطن اكثر منها مع موسكو، سببه ان الرفض الاميركي للمنطقة الآمنة يرافقه دعم للقوات الكردية. وحول ذلك، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده متمسكة بإنشاء منطقة آمنة بشمال سوريا قرب حدود بلاده الجنوبية. واتهم أردوغان، في مؤتمره الصحفي "التحالف الدولي" بقيادة واشنطن بأنه "لم يلتزم بوعوده" بخصوص الحرب ضد الإرهاب في سوريا.

من جهةٍ اخرى، تحاول القوات الكردية، المتمثلة بـ"قسد" استغلال الخلافات الاميركية-التركية قدر الامكان، لا سيما انها تأتي في وقتٍ صدّق اوباما على قانونٍ يسمح بتمديد برنامج تدريب وتسليح "المعارضة السورية المسلحة" حتى 31 كانون الأول/ديسمبر عام 2018. حيث أعربت "قوات سوريا الديمقراطية"، عن أملها في أن يسمح قرار واشنطن بتخفيف القيود عن تسليح الجماعات المقاتلة في سوريا، بحصولها على صواريخ مضادة للطائرات. وقال طلال سيلو المتحدث باسم "قوات سوريا الديمقراطية"، المدعومة من الولايات المتحدة، إنه رغم عدم امتلاك تنظيم "داعش" لطائرات حربية، إلا أن قواته تريد أنظمة مضادة للطائرات محمولة على الكتف لحماية نفسها من أي أعداء في المستقبل. ورفض سيلو توضيح ما قصده بـ "الأعداء" المحتملين في المستقبل، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا توجد حاليا أي مواجهة بين "قوات سوريا الديمقراطية" والحكومة السورية. وأضاف "حاليا لا يوجد طيران يستهدفنا، وفي المستقبل قد يستهدفنا، وعلى هذا الأساس نطالب أن تكون لدينا مضادات للطيران حماية لقواتنا في المستقبل"، مشددا على أن "قوات سوريا الديمقراطية" الحليف "رقم واحد" للولايات المتحدة على الأرض وينبغي أن تكون أول من يتلقى أسلحة منها. ويُذكر ان القانون الاميركي يشير إلى أنه يتعين على وزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين، في حال رؤيتهما أن تزويد "المعارضة السورية" بمنظومات الدفاع الجوي أمر ضروري، التوجه إلى اللجان المعنية في الكونغرس بتقرير مشترك يضم أسماء الفصائل التي تخصص لها الأسلحة، والمعلومات المفصلة عنها، بما في ذلك التقييم الاستخباراتي لأنشطتها ومواقعها على الأرض.