نصر حلب سيشكل المنعطف الحقيقي للحرب في سورية

نصر حلب سيشكل المنعطف الحقيقي للحرب في سورية

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١٢ ديسمبر ٢٠١٦

اعتبر محللون ومراقبون أن سيطرة الجيش العربي السوري على مدينة حلب ستشكل تحولا جذريا في مسار الأزمة السورية إذ تضع الحكومة السورية على طريق تحقيق هدفها باستعادة جميع البلاد فيما سيصعب على التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة تعويض خسائرها.
ويقول الخبير في الشؤون السورية في معهد واشنطن للأبحاث فابريس بالانش وفق ما نقلت وكالة «أ ف ب» للأنباء: إن «حلب هي المنعطف الحقيقي للحرب، إنها بمثابة ستالينغراد»، في إشارة إلى المدينة الروسية التي قاومت ستة أشهر حصار القوات الألمانية فمنيت الأخيرة بخسارة فادحة غيرت مسار الحرب العالمية الثانية. واعتبر بالانش أن «الفصائل المعارضة» ستخسر الكثير بسقوط حلب بل إنها «ستفقد شرعيتها»، وأضاف: «لقد انتهت أسطورة الفصائل المعارضة المعتدلة في حلب والقادرة على تقديم بديل سياسي وعسكري».
وتمكن الجيش العربي السوري والقوى الرديفة والحليفة في هجومها الأخير الذي بدأ منتصف شهر تشرين الثاني الماضي من السيطرة على 93 بالمئة من الأحياء الشرقية لمدينة حلب التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة.
ويرى كبير الباحثين في مركز كارنيغي للشرق الأوسط يزيد الصايغ، حسبما نقلت «أ ف ب»، أن السيطرة على مدينة حلب «ستشكل إنجازاً كبيراً للنظام، وقد حقق مبتغاه فعلياً وإن لم يسيطر على كامل المدينة بسرعة».
وأضاف: «حلب لم تعد معقل المعارضة خاصة إذا بدأت قوات النظام بإحكام قبضتها على المدينة ومنع قطع الطريق الدولية المؤدية إليها». وفي حال استعاد الجيش العربي السوري السيطرة على كامل حلب وهو ما يبدو قريباً جداً، سيكون أمسك بمفاتيح مفاوضات السلام المحتملة بعد إخفاق ثلاث جولات محادثات غير مباشرة السنة الحالية بإشراف الأمم المتحدة في جنيف.
وقال الصايغ: إن السيطرة على حلب «مهمة جداً أيضاً على الصعيد السياسي» فضلاً عن أنها «ستكسر ظهر المعارضة المسلحة (…) ويصبح من الممكن أخيراً تجاوز التفكير بإمكانية الإطاحة بالنظام عسكرياً».
وسيقتصر وجود تنظيم جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية والتنظيمات المسلحة الأخرى المتحالفة معها أو المنضوية فيها، على محافظة إدلب (شمال غرب سورية)، وعلى بعض المناطق في درعا (جنوب) وفي ريف دمشق (غوطة دمشق الشرقية) حيث تراجع تواجد التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة أيضاً مع خسارة معاقلها في داريا والمعضمية وخان الشيح في ريف دمشق الغربي ومدينة التل في ريف دمشق الشمالي.
وحسب «أ ف ب» فإنه في حال استعاد الجيش السوري كافة مدينة حلب، يصبح بإمكان الحكومة السورية التباهي بسيطرتها على المدن الثلاث الرئيسية دمشق وحمص وحلب فضلاً عن غرب البلاد. أما الجزء الأكبر مما تبقى فهو عبارة عن مناطق صحراوية.
ويرى مدير أبحاث الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس أن «للسيطرة على حلب تأثير كرة الثلج»، وأوضح أنه «فور اقتناع المجموعات المسلحة أن أيام التمرد باتت معدودة، فإنها ستصبح مستعدة للتفاوض على الاستسلام». ومن شأن السيطرة على حلب أن تفسح المجال أمام 30 ألف جندي سوري لشن عمليات عسكرية جديدة على جبهات أخرى، حسب بالانش.
وبفقدان «المعارضة» السيطرة على أحياء حلب الشرقية سيفقدون بذلك المدينة الرمز التي سمحت سيطرتها على بعض أحيائها عام 2012 بأن تطرح نفسها كبديل للحكومة السورية. أما حلفاؤها في الخليج وتركيا والغرب فلم يعد لديهم الوسائل لإنقاذها. ويضيف الصايغ: إن السلطات السورية، ستثبت أنها «في وضع يمكنها من إعادة فتح الطريق الذي يربط الحدود الأردنية (جنوباً) حتى الحدود التركية تقريباً (شمالاً)».
كما يعتبر بالانش أن عمليات «الاستسلام (في صفوف المسلحين) ستتضاعف حول أنحاء دمشق، خصوصاً في الغوطة»، معقل المعارضة شرق العاصمة. موضحاً أن دوما، البلدة الرئيسية في المنطقة، «لن تعاني المصير ذاته لشرق حلب».
ووفق ما يرى المحللون فإنه يبقى أمام قوات الجيش العربي السوري خياران اثنان، التقدم شرقاً أي باتجاه مدينتي الباب والرقة حيث تنظيم داعش المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية، أو غرباً باتجاه محافظة إدلب حيث «جبهة فتح الشام».
ويرى الصايغ أن السيناريو الأول يتمثل «في توجه الجيش السوري نحو الشرق والتقدم باتجاه مدينة الرقة ليثبت مدى فعاليته للدول الغربية وروسيا في مكافحة تنظيم داعش»، أما السيناريو الثاني فيتمثل في «إحكام قبضته على حلب وخنق المعارضة في إدلب قبل بدء هجماته على أطرافها».
وقد يتحرك الجيش العربي السوري أيضاً باتجاه مدينة الباب، معقل تنظيم داعش الأخير في محافظة حلب.
ودخلت القوات التركية والتنظيمات المسلحة التابعة لميليشيا «الجيش الحر» التي تحظى بدعم من أنقرة في إطار عمليتها غير الشرعية «درع الفرات» مساء السبت مدينة الباب في إطار هجوم بري أطلقته أنقرة في 24 آب الماضي بحجة طرد تنظيم داعش من المنطقة الحدودية في شمال حلب، ومنع الأكراد من إقامة «الفيدرالية» على حدود تركيا.
وبالنسبة لبلانش فإن الجيش العربي السوري لن يترك مدينة الباب للأتراك «فهي قريبة جداً من حلب وقد تفتح الطريق أمام الفصائل المعارضة باتجاه الرقة».