حرائق «إسرائيل» مقدّمة لزوالها.. أو فرصة صهيونية لتهويدها؟

حرائق «إسرائيل» مقدّمة لزوالها.. أو فرصة صهيونية لتهويدها؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٥ ديسمبر ٢٠١٦

يلفّ الغموض حقيقة الحرائق التي وقعت في الكيان الصهيوني وفي مناطق فلسطينبة واقعة تحت سيطرة الاحتلال. وذلك، عشية جملة أحداث ومتغيّرات كالتالي:

ـ انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح ورفض قيادتها إعادة دحلان.

ـ مزاعم «إسرائيل» أنها قتلت عددا من «الدواعش» في جنوب سورية، في محاولة للإيحاء بأنها تحارب الإرهاب. فيما هي وواشنطن، ممّن صنّعوا ودعموا وموّلوا ودرّبوا ومرّروا وعالجوا الإرهابيين.

ـ وبالتزامن مع عودة العمليات الحربية الروسية السورية. وانتهاء الهدنة التي منحتها سورية وروسيا، للجماعات الإرهابية في حلب، للانسحاب منها وترك المدنيين يخرجون منها. وما حققته سورية وحلفاؤها من تقدّم على الأرض، في كلّ الجبهات. وظهور مقدمات فشل قيام دول مذهبية وإثنية في المنطقة.

ـ وبعد رفض سورية عرض الممثل الأممي منح شرق حلب حكماً ذاتياً. وتأكد رفض أميركا وحلفها، بشكل قاطع ونهائي، تحقيق السلام في سورية وإصرارها على منح جماعات إرهابية فرصاً إضافية وتعطيل الحوار السوري – السوري.

ـ وفلسطينياً، ذهاب الكيان الصهيوني بعيداً في كلّ شيء، رغم كلّ العروض المغرية التي قدّمتها وتقدّمها، الرجعيتان العربية والعثمانية، للكيان الصهيوني وما بينهما من أواصر تعاون تحت الطاولة وفوقها. وأخيراً وليس آخراً، كان منع الأذان من على مآذن القدس.

ـ التضامن الفلسطيني الشعبي المسيحي الإسلامي، بمواجهة الصلف الصهيوني بمنع الأذان. ورفعه في الكنائس المسيحية ومن على أسقف منازل المسيحيين، في القدس والناصرة وغيرهما. في الوقت الذي استنكر فيه بعض مشايخ الفتن في الخارج ذلك واعتبره غير جائز؟

ـ اتضاح أمرين متباينين، فبالنسبة لـ«إسرائيل» بات واضحاً أنّ السلطة و«حماس» ومجمل الوضع الفلسطيني الرسمي بات عاجزاً عن تحقيق شيء، سواء باتجاه التصعيد ضدّ تل أبيب، أو تحقيق «سلام». فيما زمام المبادرة بات بيد الشعب الفلسطيني، وفق مبادرات لا تملك قيادة ما ضبطها. وبالتالي، لا بدّ من التعامل بطريقة مختلفة واستغلال الانشغال العربي والعالمي في مناطق الصراع العديدة.

كما بات واضحاً فلسطينياً رسمياً وشعبياً أن لا افق لقيام سلام، أيّ سلام، مهما كان متدني الشروط. وأنّ العدو الإسرائيلي ماض الى مزيد من التصعيد واجتثاث الشعب الفلسطيني، من فلسطين التاريخية، حضارة وتراثاً وبشراً ووجوداً. وقد ولد هذا الشعور استكانة رسمية فلسطينية و«تمرّداً» شعبياً، بضرورة اجتراح أساليب نضالية تبطل مفاعيل الوضع المتردّي القائم، لا يمكن توقعها أو احتسابها. وتغيير هذه الأساليب باستمرار، مع فترات توقف للراحة والتمويه وتحقيق عنصر المفاجأة وجعل العدو «الإسرائيلي» في حالة ارتباك وتفاجؤ واستنفار مستدام.

وبهذا المعنى ونتاج كلّ ما سبق، يُحتمل أن تكون الحرائق من نوع ما حاول نتنياهو تشويهه، بأنه «إرهاب الحرائق». رغم أنّ كيانه الصهيوني هو منشئ الإرهاب الأول في المنطقة العربية، قبل وبعد قيام هذا الكيان.

لكن شمول الحرائق الشجر والحجر، في مناطق واسعة في آن وفي مدن مختلطة من العرب والصهاينة وفي الوقت ذاته، تمدّدها مكانياً وزمنياً، إلى حدّ أن تطلب تل أبيب مساعدة دول في إطفاء الحرائق وما أعلن عنه نتنياهو عن عزم كيانه العدواني إقامة مؤسسة دولية لمكافحة الحرائق، في الكيان الصهيوني، يجعلنا أمام أحد احتمالين: إما أنّ الشعب الفلسطيني بات يمتلك قدرات متزامنة غير منظورة، خارج إطار مؤسساته الرسمية واتخذ قراره بإيقاع أفدح الخسائر بالعدو الصهيوني، دون هوادة. وقد تكون هذه البداية لما هو أعظم.

وإما أن تكون الحرائق مفتلعة بالأساس، من قبل الصهاينة. فاليهود اقترفوا، على مدى التاريخ، ما يؤلب المجتمعات التي كانوا يعيشون بين ظهرانيها، في اوروبا، مما يستفز تلك المجتمعات وصولاً إلى اتخاذ إجراءآت انتقامية مكلفة ضدهم، تحقق لهم الوحدة وعدم الاندماج والتقوقع على الذات. بمعنى، أنّ أكلاف استراتيجياتهم لم تكن لتعنيهم، مهما بلغ حجمها. وبهذا المعنى، لن يكون صهاينة أيامنا خارج المعنى التقليدي لقيادات اليهود التاريخية.

ويحقق هذا، تأليب العالم على العنصر العربي، الذي ما زال يقيم في فلسطين المحتلة سنة 1948. بهذا المعنى تكون الحرائق ضرورية. ويكون اشتراك دول أخرى في إطفائها ضرورياً لتحقيق ذات الغرض. وأكثر من ذلك، إقامة تلك المؤسسة الدولية لمكافحة الحرائق في الكيان الصهيوني وصولاً إلى طرد من تبقى من العرب مواطني فلسطين الأصليين. وبالتالي، تهويد «اسرائيل» بالكامل.

من الصعب، الآن، الجزم بالمطلق، أي الاحتمالين أدق، لكن من المتوقع أن تحاول تل أبيب تجيير الحرائق لصالحها، بتحميل عرب 1948 مسؤولية إشعالها، حتى في حال لم يكونوا هم من أقدم عليها، للسير في مخطط تهويد «إسرائيل».خصوصا بعد تأكد فشل إقامة دول مذهبية وطائفية وإثنية في المنطقة، تبرّر وتشرعن يهودية «إسرائيل» ونقائها. ما يستدعي من وجهة صهيونية البحث في مبرّرات أخرى، قد تحقق الحرائق للكيان الصهيوني، قيام «دولة يهودية نقية».

ومهما يكن من أمر، لا ينبغي أن يدفع ذلك الشعب الفلسطيني إلى الإحباط، بل عليه اجتراح أساليب نضالية جديدة باستمرار. وإفشال محاولات الكيان الصهيوني إسقاط نضال الحرائق، أو تحويلها إلى فرصة لتحقيق يهودية الدولة، بل جعلها مقدّمة لزوال هذا الكيان الغاصب العنصري التوسعي العدواني الإرهابي.