التفوق الروسي والهستيريا الأورو – أميركية

التفوق الروسي والهستيريا الأورو – أميركية

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٤ ديسمبر ٢٠١٦

كشفت مشروعات القوانين الصادرة مؤخرا عن مجلس النواب الأميركي ومن قبله البرلمان الأوروبي، ليس فقط عن تصاعد الرعب الأورو – أميركي من تزايد التفوق والنفوذ الروسي في العالم، بل عن وصوله حد الهستيريا.

فأول أمس، صادق مجلس النواب الأميركي، بأغلبية 390 صوتا، على مشروع قانون تمويل أنشطة المخابرات لعام 2017، والذي يقضي بتشكيل لجنة تكون مهمتها التصدي لما وصفته بالمساعي الروسية لفرض نفوذها وسيطرتها على شعوب وحكومات العالم!

سبق ذلك بأيام، اعتماد البرلمان الأوروبي قراراً حول مواجهة وسائل الإعلام الروسية، والذي وصفت فيه كلا من وكالة “سبوتنيك”، وقناة “آر تي” بأنهما “الأكثر خطورة”، وتمثلان أحد التهديدات الإعلامية الأساسية على الاتحاد الأوروبي وشركائه في شرق أوروبا، ضاربين بكل ما يتشدقون به عن حرية الإعلام عرض الحائط، ناهيك -عزيزي القارئ- عن حزم العقوبات المفروضة في السابق.
وبتحليل عميق لمشروعي القانونين، نلحظ حجم القلق الأورو – أميركي من روسيا وما تسببه لهم من “فوبيا”. فبرغم ما يتم إنفاقه من مليارات الدولارات، وما يتم تجييشه من محطات تلفزيونية وإذاعات وصحف ومواقع إلكترونية بغية ترسيخ رؤية أحادية كاذبة في أذهان المشاهدين، ونقل الأحداث بعيون أميركية، ومحاولة تجميلها بمؤثرات وتقنيات متقدمة، فشلت أميركا في تحقيق مآربها، فكانت وسائل الإعلام الروسية لأهدافهم الخبيثة بالمرصاد، حيث أخذت على عاتقها مسؤولية نقل الجانب الآخر من الصورة لتكملها، فحققت في غضون بضع سنوات انتشارا قياسيا بكل المقاييس بشهادتهم، حيث أشار تقرير مشترك لمعهد الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، ومركز دراسة الديمقراطية في صوفيا، إلى أن روسيا تنتزع المزيد من السيطرة على الإعلام في العالم من خلال وكالة “سبوتنيك” وقناة “آر تي”.

وفي المنطقة العربية حيث يجري تزييف الواقع وقلب الحقائق على أشده، أسهمت وسائل الإعلام الروسية في توصيل الحقيقة للمشاهد العربي، ما أسهم في كشف أبعاد المؤامرة الغربية على بلدان المنطقة، وفضح مخططات التقسيم وإثارة الفتن والصراعات وصولا للهيمنة الكاملة في سوريا وليبيا واليمن، ومن أجل سرقة ثروات تلك الشعوب. سياسيا يتعاظم النفوذ الروسي يوما بعد يوم، الأمر الذي يزعج الغرب ويؤرقه.

وللقلق الغربي الكثير مما يبرره، فاليوم لا مجال لمنافسة روسيا في الأمور التالية:
* الأولى، لن توجد علاقة تحالف تضاهي في متانتها علاقة روسيا بحلفائها، فروسيا تصنع تحالفاتها بالشراكة لا بالتبعية، وهو ما أكده لي -بحكم عملي كمراسل صحفي- أحد أهم الخبراء الاستراتيجيين، حيث قال إن روسيا تحترم حلفاءها وتنقل لهم الخبرات والتكنولوجيا وتقدم لهم كل الدعم الممكن، تبني علاقة صداقة وشراكة مع الدول، حكومات وشعوب، على العكس من أميركا التي تشبه في علاقتها بحلفائها علاقة السيد بالخادم.

* أما الثانية، فالتفوق العسكري الروسي جعلها قبلة العالم للتزود بأحدث الأسلحة، ولاسيما منظومات الدفاع الجوي الصاروخي، والطائرات الحربية، والمدرعات والمركبات.

* في الشرق الأوسط، وهو أكثر مناطق العالم سخونة، لو نظرت إلى خريطة التحالفات ستجد أن روسيا صاغت أقواها، راهنت على الشعوب والجيوش الوطنية وكسبت الرهان، حاربت الإرهاب بجدية فدحرته وكسبت المعارك، وفي القريب سيكون حلفاء روسيا الإقليميون (مصر- إيران – سوريا – ليبيا – اليمن وغيرهم) هم الأقوى، وهم من يشكلون مستقبل المنطقة.

بقي أن أقول إن ما أدهشني أكثر من تلك القرارات الأورو – أميركية ضد روسيا، هو الرد الرسمي القوي الواثق من القادة الروس وعلى رأسهم الزعيم “بوتين”، والذي يخرج دائما في حينه المناسب ليستمر التفوق الروسي يقذف الرعب والقلق في نفوسهم.