هل تلتزم واشنطن بقواعد اللعبة في سورية؟

هل تلتزم واشنطن بقواعد اللعبة في سورية؟

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٧ أكتوبر ٢٠١٦


أعلنت هيئة الأركان للقوات المسلحة الروسية 25 أكتوبر/تشرين الأول، عن تمديد تعليق ضربات القوات الجوية الفضائية الروسية في محيط حلب، والذي دخل حيز التنفيذ يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول.

 وتواصل روسيا اتخاذ خطوات أحادية الجانب ترمي إلى تخفيف الأزمة الإنسانية في حلب.

وسبق للولايات المتحدة وروسيا أن قامتا بمحاولات مشتركة للتأثير على أطراف النزاع: على دمشق من جهة، وعلى فصائل المعارضة السورية من جهة أخرى. لكن تنفيذ الاتفاقات الروسية الأمريكية بهذا الشأن حمل طابعا أحاديا بقدر كبير، إذ لم تتمكن الولايات المتحدة من إقناع المعارضين بالوفاء بالاتفاقات بشكل كامل.

هدنة فبراير

في يوم 22 فبراير/شباط عام 2016، أعلنت روسيا والولايات المتحدة عن نظام وقف إطلاق نار بسوريا، دخل حيز التنفيذ يوم 27 من الشهر نفسه. وبحلول هذا الموعد، انضمت القوات السورية الحكومية إلى الهدنة.

لكن واشنطن لم تتمكن من ضمان التزام إلا جزء معين مما يسمى بـ"المعارضة المعتدلة"، بشروط الهدنة. وواصل 20 فصيلا مسلحا آخر العمليات القتالية، متجاهلة الاتفاقات الروسية الأمريكية.

وحسب بيانات من المصادر المفتوحة، سُجّل في الفترة بين 27 فبراير/شباط و1 سبتمبر/أيلول عام 2016، 2031 خرقا للهدنة، ما أدى إلى مقتل ما يربو عن 3500 عسكري من الجيش السوري وقرابة 13 ألف مدني. كما أصيب جراء تلك الهجمات قرابة 9 آلاف عسكري وما يربو عن 25.5 ألف مدني بجروح مختلفة.

في سياق تبادل المعلومات حول فصائل المعارضة بسوريا، قدم الجانب الروسي قائمة بـ47 فصيلا. أما القائمة التي قدمها الجانب الأمريكي، فضمت 138 فصيلا. ومن قائمة "المعتدلين" التابعة للعسكريين الأمريكيين، كان فصيلان اثنان يتبعان تنظيم "داعش"، و8 فصائل أخرى كانت تدخل في قوام التحالف بقيادة "جبهة النصرة".

ولم تقدم واشنطن أي معلومات حول حدود المناطق التي تنشط فيها "الفصائل المعتدلة" في قوام "جبهة النصرة"، ولم يتم الفصل بين الإرهابيين والمعارضين حتى الآن.

وخلال الفترة التي مضت على دخول الهدنة حيز التنفيذ، تمكن المسلحون من استعادة قدراتهم القتالية، وواصلوا هجماتهم على الجيش السوري والهجمات الإرهابية ضد المدنيين.

وحسب المعلومات المتوفرة، كانت القوات الجوية الفضائية الروسية توجه يوميا ما يصل إلى 150 ضربة إلى مواقع "داعش" و"جبهة النصرة"، فيما لم تتجاوز كثافة غارات التحالف بقيادة واشنطن توجيه 15 ضربة يوميا إلى مسلحي "داعش"، مع تجاهل تام من قبل طائرات التحالف لمواقع "جبهة النصرة".

وسمحت هذه التهدئة لجناح "القاعدة" السوري، بزيادة عدد الهجمات الإرهابية ضد المدنيين إلى الضعفين بالمقارنة مع عدد الأعمال الإرهابية في عام 2015.

وبمساندة القوات الجوية والفضائية الروسية، تمكن الجيش السوري من تحرير 586 مدينة وبلدة من أيدي المسلحين، فيما تم القضاء على قرابة 35 ألف إرهابي

 اتفاقات سبتمبر

في سبتمبر/أيلول عام 2016، وضع وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمريكي جون كيري حزمة جديدة من الاتفاقات الرامية إلى استئناف عملية تسوية النزاع في سوريا.

ونصت الاتفاقات الروسية الأمريكية على فتح ممر إنساني في حلب، وسحب القوات الحكومية وقوات المعارضة من طريق الكاستيلو، والتخطيط لتوجيه ضربات مشتركة إلى مواقع "داعش" و"جبهة النصرة".

على الرغم من تصريحات ممثلي التحالف الذين أكدوا أنهم يتمتعون بتأثير كبير على زعماء فصائل المعارضة، خرقت المعارضة "المعتدلة" الهدنة في الفترة 12- 19 سبتمبر/أيلول، 302 مرة، ما أدى إلى مقتل 83 مدنيا، وإصابة 252 آخرين.

كما بقي الجانب الأمريكي عاجزا عن التأثير على المعارضة من أجل تنظيم إجلاء المدنيين من حلب. وقام المسلحون بتفخيخ المخارج من المناطق الخاضعة لسيطرتهم، ولم يسمحوا للسكان المسالمين بمغادرة المدينة. كما رفض الإرهابيون السماح لقوافل المساعدات الأممية بالدخول إلى المدينة.

وواصل الطيران الروسي العملية ضد الإرهابيين، وهو كان يوجه ما يصل إلى 150 ضربة يوميا إلى مواقع "داعش" و"جبهة النصرة". أما التحالف الدولي فكان يوجه أقل من 10 ضربات يوميا إلى مواقع "داعش"، ولم يستهدف "جبهة النصرة" على الإطلاق.

على الرغم من أن البيانات المذكورة أعلاه، تدل بوضوح على عجز الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده واشنطن، عن ممارسة أي تأثير على فصائل المعارضة، وهو أمر أدى إلى تردي الوضع الإنساني في حلب، إلا أن واشنطن ألقت باللوم الكامل على موسكو.

أكثر من مرة اتهم الأمريكيون وحلفاؤهم الأوروبيون روسيا بانتهاك التزاماتها، وبالتهرب من المفاوضات، والسعي إلى إحراز الانتصار بسوريا بطرق عسكرية. وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في نهاية المطاف عن تعليق قنوات الاتصال مع روسيا بشأن سوريا، ولم تحتفظ واشنطن إلا على قنوات الحوار بين العسكريين الروس والأمريكيين من أجل منع وقوع صدامات في المجال الجوي السوري.