الاشتعال في حلب في انتظار طلقة أو تسوية مفاجئة!..أوباما يرحّل ملف «المعتدلين» والسلاح إلى خليفته

الاشتعال في حلب في انتظار طلقة أو تسوية مفاجئة!..أوباما يرحّل ملف «المعتدلين» والسلاح إلى خليفته

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٥ أكتوبر ٢٠١٦

لم تشتعل «الملحمة الكبرى» التي يروج لها «جيش الفتح»، ولا تحركت الحشود العسكرية الكبيرة للجيش السوري والحلفاء لحسم المنازلة في شرق حلب. وكأنما اشتعال الجبهات الحلبية ينتظر طلقة ما، أو تسوية مفاجئة تبدو بعيدة المنال بين موسكو وواشنطن التي تقترب من موعدها للانتخابات الرئاسية في الثامن من تشرين الثاني المقبل.
وتبدو واشنطن حتى الآن على الأقل، وكأنّها رحّلت ملفها السوري إلى الإدارة المقبلة، فيما الأنظار شاخصة إلى سير معركة الموصل، والتحرك التركي بين العراق وسوريا، المستفيد من «ضوء أخضر» أميركي في الوقت الضائع.
ولعل ما كشفته الـ»واشنطن بوست» أمس، لا يشير فقط إلى حجم التردد، ـ أو لعله العجز ـ الذي تعيشه إدارة أوباما، حول أنجح السبل لمواجهة الروس في سوريا، وإذا ما كان ذلك من الأجدى ان يتم عبر الضغط بالمزيد من العقوبات، وهو ما حذر منه نائب وزير الخارجية الروسي امس، بل إلى حجم الخشية من انزلاق اكبر في الحرب السورية. ولذلك قررت هذه الإدارة القيام بالمزيد من الدراسات، خصوصاً لجهة دور ما يسمى «المعارضة المعتدلة»، اي التريث في تسليحها وتحديد طبيعة دورها.
وكشفت صحيفة «واشنطن بوست» أن الإدارة الأميركية، وعلى رأسها الرئيس باراك أوباما، لم تقر ولم ترفض خطة لتزويد «المعارضة السورية المعتدلة»، بسلاح مضاد للطائرات، مرحّلة ملف برنامج الاستخبارات الأميركية برمته لتدريب وتسليح «المسلحين المعتدلين» إلى الإدارة المقبلة. ووسط تململ من «الحلفاء»، قال مصدر تركي رفيع إن بلاده ستبحث عن خطط بديلة خاصة بها، علماً أن مسؤولين أميركيين أكدوا للصحيفة أن الخيار الحالي الأميركي هو دراسة دقيقة في ما إذا كان هؤلاء المسلحين لا يزالون معتدلين أم لا.
«واشنطن بوست»
وكشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن الإدارة الأميركية بحثت في خطّة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) لتزويد المُعارضة السورية «المُعتدلة» بأسلحة دفاعية ضدّ المُقاتلات الروسية والمدفعية السورية، لكنّ من دون إقرارها أو رفضها.
وذكرت الصحيفة أن برنامج الاستخبارات الأميركية كان عنصراً محورياً في الاستراتيجية الأميركية الرامية إلى الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد بغية استقالته، لكن الإدارة الأميركية ناقشت خطّة التسليح، أثناء اجتماعاتها الأخيرة بشأن الأمن القومي في 14 من الشهر الحالي، ولكنّها لم تصادق عليها ولم ترفضها أيضاً، الأمر الذي يُشير إلى حالة متزايدة من الريبة في البيت الأبيض بشأن توسيع البرنامج الذي تمّ بموجبه تدريب آلاف المُسلّحين السوريين، وتزويدهم بأسلحة خلال السنوات الثلاث الماضية.
واعتبرت أن أوباما يعتزم «ترحيل هذا البرنامج إلى الرئيس الأميركي الجديد» الذي سيخلفه في البيت الأبيض.
وأشارت إلى أن منتقدي برنامج تسليح المعارضة حذّروا من أنه (البرنامج) سيؤدي إلى زيادة العنف في سوريا، مضيفة أن هناك داعمين لخطّة توسيع البرنامج، وهي الخطة البديلة لمُواجهة فشل الجهود الديبلوماسية في الموضوع السوري، بمن فيهم مدير «سي آي إيه» جون برينان ووزير الدفاع اشتون كارتر، في مُقابل ارتياب مجموعة تشمل أكثر الداعمين السابقين للبرنامج، ومنهم وزير الخارجية جون كيري بحجّة أن أي تصعيد في الوقت الراهن لن يكون مُجدياً، ويُهدّد بمُواجهة مع موسكو.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن «الوقت حان لمُراجعة دقيقة في ما إذا كانت المُعارضة المدعومة من واشنطن لا تزال مُعتدلة أو إذا ما كان برنامج الوكالة قادراً على تحقيق أي إنجاز باستثناء تعزيز المجزرة السورية».
وأضاف المسؤول، الذي رفض كشف اسمه، أن القوات التي تُدرّبها وحدات الاستخبارات الأميركية «لا تُقدّم إنجازات ميدانية، فهي أمام خصم صعب، كما يُهيمن المتطرّفون عليها»، متسائلاً: «إلام تحوّل هذا البرنامج؟ وكيف سيُسجّل التاريخ هذا الجهد الأميركي؟».
ورأى أنصار توسيع البرنامج أن « الاستخبارات الأميركية ساهمت في تشكيل القوى السياسية المعتدلة في سوريا التي كانت تُمثّل تهديداً جدياً للأسد قبل السنة الماضية». وقال أحد الداعمين إن «الجيش السوري الحرّ لا يزال صامداً بعد عام كامل من القصف الروسي، وهو القوة السورية الوحيدة التي تستطيع مواصلة الحرب ودفع موسكو للتخلّي عن الأسد في إطار التسوية السياسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن «الخطة ب» تتضمّن تزويد المُعارضة السورية بأسلحة مُضادّة للطائرات الحربية فقط، ومحمولة على السيارات، ومن الصعب إخفاؤها واستخدامها ضدّ طائرات مدنية.
واستبعد مسؤولون أميركيون سقوط حلب قريباً، مشيرين إلى أن «الحرب ستمتدّ لأشهر، وإن سقطت، فإن المعارضة ستفتح جبهات أخرى ضدّ النظام، الأمر الذي سيُجبر روسيا على نشر قواتها الجوية على نطاق أوسع من الحالي».
ونقلت الصحيفة عن أعضاء في «الجيش الحرّ» ومجموعات أخرى تدعمها الولايات المتّحدة في سوريا، قولهم إنهم «أمضوا فترة طويلة من دون أن يتسلّموا أسلحة، لكنّهم خزّنوا كميات كبيرة من الأسلحة منذ العام 2014».
ورأى مسؤولو الـ»سي آي أيه» أن مُقاتلي المعارضة «أثبتوا أنهم مُقاتلو شوارع ممتازون»، لكنّهم شكّكوا في قدرة هؤلاء على الصمود مع الأضرار الواسعة للحملة الجوية.
ونقلت الصحيفة عن نائب قائد «الجيش السوري الحرّ» في حلب ملهم عكيدي قوله إن النظام السوري وحلفاءه لن يستطيعوا السيطرة على حلب بالوسائل العسكرية، فالنظام ضعيف إزاء حرب الشوارع، كما أن القصف الجوي لن يكون فعالاً بما يكفي».
وبحسب الصحيفة، فإن «الشخصيات المحورية في إدارة أوباما» أصرّت على أن المهمة الأولية يجب أن تتلخّص في محاربة «داعش» وليست في مواجهة الأسد.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض حلفاء واشنطن، بمن فيهم تركيا، أعربوا عن خيبة أملهم من التراجع المحتمل عن هذا البرنامج السرّي.
وقال مسؤول تركي رفيع المستوى إن الولايات المتّحدة ضلّلت الحكومة التركية التي بدأت بالبحث عن إجراءات أحادية الجانب لمدّ الجماعات السورية المُسلّحة المدعومة من أنقرة بالأسلحة الثقيلة.
وأضاف المسؤول التركي: «وعدونا بمزيد من الدعم، لكن يبدو أن ذلك لن يحصل. لذلك نحن نبحث خياراتنا لأنه إذا سقطت حلب، يفوز الأسد».

كيري – لافروف

اتفق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري أمس خلال اتصال هاتفي بينهما على مواصلة الخبراء من روسيا والولايات المتحدة بحث سبل تطبيع الوضع في حلب، وذلك بحسب بيان صادر عن الخارجية الروسية، أكدت فيه أن الاتصال تمّ بمبادرة اميركية.
وجاء في بيان صدر عن الخارجية الروسية أن الوزيرين ركزا على بحث الأزمة السورية، حيث «أشار لافروف إلى أن المجموعات المسلحة غير الشرعية، التي تسيطر على شرق حلب، ردت على إعلان السلطات السورية هدنة إنسانية في المنطقة، بإطلاق النار على السكان المحليين الذين حاولوا الانسحاب من المدينة، وشن هجمات جديدة على القوات الحكومية».
كما أكد لافروف على ضرورة أن تنفذ الولايات المتحدة تعهداتها بفصل مجموعات المعارضة «المعتدلة» المعتمدة على واشنطن، عن التنظيمات الإرهابية.
واتفق الطرفان الأميركي والروسي على أن يواصل الخبراء البحث عن سبل لتسوية أزمة حلب.
ريابكوف
إلى ذلك، أعتبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أمس، أن إعلان هدنةٍ «انسانية» جديدة في مدينة حلب السورية أمرٌ «غير مطروح»، وذلك في اليوم الثاني على انتهاء الهدنة التي استمرت ثلاثة أيام، ولم تسفر عن خروج مسلحين أو مدنيين من شرق حلب.
وقال ريابكوف إن «مسألة تجديد الهدنة الإنسانية غير مطروحة»، معتبراً انه من أجل إقرار هدنة جديدة «من الضروري أن يضمن خصومنا التزام المجموعات المعارضة للحكومة السورية بسلوك مقبول، بعدما حالت دون تنفيذ عمليات الإجلاء الطبية».
وانتقد موقف «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، معتبرا أن هذا «التحالف» يُفضّل انتقاد دمشق وموسكو على «ممارسة نفوذه فعلياً على المعارضة» من أجل إبقاء الهدنة. وأضاف «ما كنا بحاجة اليه خلال الأيام الثلاثة الماضية، لم يتحقق».
ورأى المسؤول الروسي أن «الظروف غير متوفّرة» لعقد اجتماع جديد بين وزيري الخارجية الأميركي والروسي، بصيغة لوزان، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في الثامن من تشرين الثاني المقبل، مشدداً على أن موسكو ودمشق تلتزمان بمسؤولياتهما في التسوية السورية.
وأشار الدبلوماسي إلى أن الادعاءات الموجهة ضد الحكومتين الروسية والسورية تهدف إلى تسخين الأوضاع، واصفا إياها بلعبة لا يقف وراءها في الواقع أي قلق من تفاقم الأوضاع الإنسانية في حلب.
وحذر الديبلوماسي الروسي من أن بلاده تستعد لاتخاذ سلسلة من الإجراءات، بما في ذلك التي قد تتخذ بشكل غير متكافئ، رداً على العقوبات التي قد تفرضها عليها الولايات المتحدة.
بدوره، أعرب المتحدث باسم الرئيس الروسي ديمتري بيسكوف عن عدم تفاؤله إزاء إمكانية الفصل بين مقاتلي «المعارضة السورية المعتدلة» والعناصر الإرهابية في حلب.
وقال «لم يتم بعد أي فصل بين الجماعات الإرهابية وفصائل ما تسمى المعارضة المعتدلة، وذلك يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا الأمر قابلاً للتحقيق، على وجه العموم»، مشيراً إلى أن «استمرار المجموعات الإرهابية في قصف المراقبين داخل المعابر وشنّ الهجمات على أهم الخطوط الإنسانية، وبالدرجة الأولى طريق الكاستيلو، لم يصب أيضاً لصالح الهدنة وعملية إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة، وتسوية الأزمة السورية عموما».
من جهته، دعا وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير إلى التوصل لاتفاق هذا الأسبوع بشأن هدنة إنسانية جديدة في سوريا.
وقال الوزير الألماني «سنحاول هذا الأسبوع التوصل إلى اتفاق بشأن هدنة إنسانية جديدة، لكي نتمكن في المستقبل من ترسيخ هدنة تستمر لفترة أطول».
ميدانياً، سيطر الجيش السوري، أمس، على تل بازو في محيط مشروع الـ 1070 جنوب غرب حلب، بعد شن غارات عنيفة على مواقع المسلحين هناك.
وقال مصدر عسكري إن «التلة كانت منذ الأمس (أمس الاول) بحكم الساقطة، بعد سيطرة الجيش السوري على كتيبة الدفاع الجوي التي مكّنت الجيش من السيطرة نارياً على تلة بازو والراشدين 5 والبريج».