لعب سعودي ـ «ائتلافي» في الوقت الضائع:إفشال «التفاهم» السوري.. وانتظار كلينتون!

لعب سعودي ـ «ائتلافي» في الوقت الضائع:إفشال «التفاهم» السوري.. وانتظار كلينتون!

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٨ سبتمبر ٢٠١٦

سباق بين لندن و«الائتلاف السوري» ورواسب «مجموعة اصدقاء سوريا»، وبين اجتماع كيري ـ لافروف في جنيف لإفشال اي تفاهم روسي اميركي. الخارجية الاميركية كانت لا تزال ليلاً غير قادرة على تأكيد اجتماع وزيرها جون كيري بالوزير الروسي سيرغي لافروف الذي اكدت وزارته في المقابل انعقاد الاجتماع، فيما يمعن الروس في التفاؤل والتعميم على اصدقائهم الانطباع انهم يعيشون مرحلة ما بعد الاتفاق مع الاميركيين، حتى قبل ان تبدأ اجتماعات اليوم والغد في جنيف.
الرهان على إفشال التفاهم المحتمل بدا لافتاً في ما قاله المنسّق العام لـ «الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب بدفع سعودي واضح لتطابقه الدائم مع ما قاله وزير الخارجية السعودية عادل الجبير من انه لا حل مع بقاء الرئيس بشار الاسد في الرئاسة، وهي رسالة سعودية للإدارة الاميركية الحالية.
حجاب الذي يدرك انه لا بد من كسب الوقت وانتظار ذهاب ادارة اوباما المتهمة بالتساهل مع الروس، رفع النبرة وقال إنه سيرفض اي اتفاق اميركي روسي لا يتوافق والرؤية الائتلافية المركبة من مراحل ثلاث، يخرج منها الرئيس بشار الاسد في مرحلتها الثانية، اما البقية فمن الكلاسيكيات غير الواقعية لـ «معارضة» الرياض. الرهان الائتلافي على حاله بدفع سعودي لإطالة الحرب في سوريا ورفض كل التسويات المعروضة على طاولات البحث، ينتظر سقوط الادارة الاميركية الحالية وصعود ادارة كلينتونية جديدة اكثر عدوانية وهجومية ازاء دمشق، تعتقد «المعارضة الائتلافية» انها ستجدد فرصتها لاستلام السلطة في سوريا. المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون لا تبدو على الايقاع الائتلافي نفسه بأي حال، فهي استبعدت في اخر تصريحاتها السورية «ارسال احد من الاميركيين الى سوريا».
التصعيد السعودي الائتلافي يتزامن مع توقعات عبَّرت عنها مصادر ديبلوماسية روسية، قالت إن الديبلوماسيين الروس يعدون لمرحلة ما بعد الاتفاق مع الاميركيين، وأن الاميركيين ابلغوهم ان ما يعرضه «الائتلاف» من رؤية ليس عقبة امام التفاهم معهم إذا ما توصلوا الى صيغة مقبولة ومعدّلة للتصور الاميركي للحل في سوريا، كما ظهرت في ما تسرب من رسالة السفير الاميركي الى «الائتلاف» السوري مايكل راتني.
وبدت المواقف شديدة التباعد خاصة أن الخطة الاميركية، كما عرضها راتني، غير متوازنة على الاطلاق لا ميدانيا ولا سياسياً، وهي تميل بشدة لمصلحة المعارضة المسلحة. وقال المصدر الديبلوماسي إن الاميركيين ابلغوا الروس انهم لن يتمسكوا بـ»الائتلاف» ولا بوفده التفاوضي إذا ما توصل الطرفان الروسي والاميركي الى تفاهم مشترك.
وقال معارضون سوريون في جنيف لـ «السفير» إن الروس اتفقوا مع الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا أن يبدأ بدعوة منصات القاهرة واستانا والرياض وموسكو في الـ 28 من هذا الشهر ليعرض عليهم خريطة الطريق الى المفاوضات التي ستبنى على التفاهمات الروسية الاميركية.
لكن التفاهمات التي بدأ البحث بها منذ شهر اذار الماضي وتصاعد الحديث عنها في لقاءات الوزير جون كيري في موسكو في تموز الماضي، لا تواجه الابتزاز الاميركي للروس فحسب بل وخوفهم من استنزافهم في سوريا إذا ما تأجل التفاهم، وذهبوا لمواجهة ادارة مقبلة اقل ميلا للتسويات في سوريا.
كما أنها لا تأخذ بالحسبان نتائج التدخل التركي الذي بات يحتل اكثر من 600 كيلومتر مربع من الاراضي السورية، والراجح ان التفاهمات ستبقى غير محتملة اذا لم تأخذ واقعة التمدد التركي. ويبدو التأجيل في التفاهمات مقصوداً للسماح للأتراك باستكمال عمليتهم العسكرية في الشمال السوري واحتواء او استئصال المشروع الكردي.
ويبدو ان التفاهم الوحيد القائم فعليا هو توزيع النفوذ في الشمال السوري مع استعادة الجيش السوري لطوق حلب وتحجيم المشروع الكردي. وكان تصريح رجب طيب اردوغان أن الاميركيين قد عرضوا عليه المشاركة في عملية الرقة ضد «داعش»، تمهيدا للتوسع في شرق الفرات والتدخل عبر ممر تل ابيض العربي الذي ضمه الاكراد الى كانتون عين العرب في تموز العام الماضي.
ويتقدم الاتراك لفصل كانتون عين العرب «كوباني» عن كانتون الحسكة، وإعادة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل عملية الضم. ويمكن القول إن اول نتائج العملية التركية، كرديا، هو تأجيل البدء بالعمل بدستور الفدرالية روج افا ـ الشمال السوري، والذي كان من المقرر ان يحول الحسكة وعين العرب وعفرين الى فدرالية تحكمها «وحدات حماية الشعب».
عوداً على بدء، لدى «الائتلاف السوري المعارض» وإلى الرؤية التي عرضتها هيئته التفاوضية على «مجموعة دعم سوريا». المجموعة التي اختارتها الرياض لتمثيل «المعارضة» السورية قدمت رؤية جديدة في اجتماع ما تبقى من «اصدقاء سوريا «، بعدما هجر اجتماعاتها اكثر من مئة دولة وآخرها مصر، لتعود الى النواة الصلبة المتبقية، والتي باتت تقتصر على اقل من عشرين بلدا ومنظمة.
الرؤية ليست محل نقاش لأنها تعيده اصلا الى نقطة الصفر، ولا تعكس حقيقة موازين القوى في سوريا التي لا تميل قطعا الى «المعارضة» المسلحة، وبنائها على خريطة سوريا الميدانية للعام 2012 وتجاهلها الكثير من الوقائع الجديدة لا سيما الانخراط الروسي العسكري المباشر الذي حطم كل احتمالات ان تدخل «المعارضة يوما ما الى دمشق ظافرة، انما حطم أيضا احتمالات ان تعود الى ضواحيها او ريفها الذي باتت محاصرة فيه، كما هي محاصرة اليوم في الجزء الشرقي لمدينة حلب.
لكن الرؤية التي الهمها السعوديون على الارجح للائتلافيين تمثل مع ذلك انتكاسة كبيرة لما بات يعد اجماعا على اعتبار بقاء الرئيس الاسد في منصبه خارج التداول، وتأجيل البت فيه الى ما بعد تحقيق خريطة التفاهم الاميركي الروسي، كما تبلورت بشكل واضح في فيينا: حكومة وحدة وطنية، وقف اطلاق للنار، فتعديلات دستورية، تليها بعد 18 شهرا انتخابات برلمانية ورئاسية.
وأوضح حجاب أن المرحلة الاولى «عبارة عن عملية تفاوضية تمتد ستة أشهر تستند الى بيان جنيف لعام 2012، يلتزم فيها طرفا التفاوض بهدنة مؤقتة»، مشيراً الى ان هذه المرحلة يجب ان تتضمن «وقف الاعمال القتالية وجميع انواع القصف المدفعي والجوي وفك الحصار عن جميع المناطق والبلدات والافراج عن المعتقلين وعودة النازحين واللاجئين الى ديارهم ووقف عمليات التهجير القسري». اما المرحلة الثانية فتمتد 18 شهراً و»تبدأ فور توافق طرفي التفاوض على المبادئ الأساسية للعملية الانتقالية وتوقيع اتفاق يضع هذه المرحلة ضمن اطار دستوري جامع»، وتتضمن ايضا «وقفا شاملا ودائما لإطلاق النار وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي تستوجب رحيل بشار الاسد وزمرته، ويتم العمل على صياغة دستور جديد واصدار القوانين لإجراء انتخابات ادارية وتشريعية ورئاسية»، كما شددت الخطة على ضرورة ان «تتمتع هيئة الحكم الانتقالية بسلطات تنفيذية كاملة».
وحددت الخطة مهام «الهيئة الانتقالية» في اطار المرحلة الثانية، وهي «سلطات تنفيذية كاملة تتضمن: اصدار اعلان دستوري مؤقت يتم تطبيقه على امتداد المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة تصريف اعمال وانشاء مجلس عسكري مشترك ومحكمة دستورية عليا وهيئة لإعادة الاعمار وهيئة للمصالحة الوطنية وعقد مؤتمر وطني جامع واعادة هيكلة القطاع الامني».
ووصف حجاب المرحلة الثالثة للخطة بأنها «تمثل انتقالاً نهائياً عبر اجراء انتخابات محلية وتشريعية ورئاسية تحت اشراف الامم المتحدة». وأشار إلى أن التحدي الأكبر في سبيل تحقيق الانتقال السياسي يأتي من المجتمع الدولي، مشيراً إلى الحرس الثوري الإيراني وفصائل مسلحة إقليمية أخرى وقبل كل ذلك روسيا لحمايتها للأسد.
بوريس جونسون
من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن مقترحات «الهيئة» تقدم أول صورة يمكن التعويل عليها لسوريا يعمها السلام من دون الأسد.
وكتب جونسون في مقالة في صحيفة «التايمز»: «لا تزال هناك فرصة لإنجاح هذه الرؤية، إذا ما تمكن الروس والأميركيون من التوصل لوقف إطلاق النار يمكن حينها استئناف المحادثات في جنيف».
أشتون كارتر
وقال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر إن ديبلوماسيين أميركيين يحاولون إقناع روسيا باتخاذ خطوات نحو الاتفاق على وقف حقيقي لإطلاق النار في سوريا ودفع دمشق باتجاه التحول السياسي لكن الأنباء الواردة من سوريا «غير مشجعة». وقال امام طلاب في جامعة «أوكسفورد»: «الخيار لروسيا والعواقب هي التي ستتحمل مسؤوليتها.»
أردوغان
من جهته، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده مستعدة لقبول اقتراح واشنطن حول إجراء عملية مشتركة لتحرير الرقة السورية من أيدي تنظيم «داعش».
ونقلت صحيفة «حرييت» عن أردوغان قوله: «قال لي الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه يريد أن يتعاون معنا بشأن الرقة، ونحن قلنا إنه لا مانع من جانبنا، واقترحنا عقد لقاء بين العسكريين لبحث هذا الموضوع وكيف يمكننا أن نفعل ذلك».
موسكو
من جهة ثانية، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها البالغ من توغل القوات التركية وفصائل «المعارضة» في عمق الأراضي السورية.
وأوضحت في بيان أن هذه العمليات العسكرية تجري بلا تنسيق مع السلطات السورية الشرعية ومن دون تفويض من مجلس الأمن الدولي.
إيران وفرنسا
من جهة ثانية، قال رئیس «مرکز الابحاث الاستراتیجیة» في مجمع تشخیص مصلحة النظام في ايران علي اکبر ولایتي إن بلاده سعت مع فرنسا إلی إیجاد صیغ موحدة لمكافحة الإرهاب ووضع حد للحروب المدمرة في المنطقة.
وقال خلال استقباله رئیس «الجمعیة الوطنیة الفرنسیة» کلود بارتولون في طهران، «نأمل بأن نتمكن من انهاء الارهاب في منطقة غرب اسیا من خلال تضافر الجهود بیننا وبینكم وسائر الدول المناهضة للارهاب».