«مقاربة» أميركية جديدة للحل اليمني

«مقاربة» أميركية جديدة للحل اليمني

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٢٦ أغسطس ٢٠١٦

لا «نيات حسنة» لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، امس، رغم اعتباره أن الحرب على اليمن «يجب أن تنتهي بأسرع وقت»، وذلك بعدما طرح خطة في جدة لا تقدم أي جديد لمسار بناء الثقة في هذا البلد، ولا تفكك في عقد نقاط الخلاف، بعد 17 شهراً من العدوان السعودي.
وتقضي الخطة الجديدة بدمج المسارين الأمني والسياسي للحل، عبر تشكيل حكومة وحدة وتسليم السلاح الحوثي في آن. وكان الحوثيون قد رفضوا خطة أممية أخيرة كانت تقضي بأن يسلموا سلاحهم قبل 45 يوماً من تشكيل الحكومة، ورفضوا جميع الاقتراحات التي كانت تطالب بتسليمهم السلاح قبل تشكيل الحكومة. وتقضي الخطة كذلك بتسليم السلاح إلى طرف ثالث، لم يذكره الوزير الأميركي.
لكن الولايات المتحدة التي كان لها أيضاً الدور الأكبر في مفاوضات الكويت، بل هي الراسمة الأولى لاستراتيجية هذه المفاوضات، بدت أمس وكأنها تدير اجتماع حرب جديدا مع الخليجيين، لا تملك فيه حتى ورقة ضغط لتخفيف «أخطاء» العدوان، وذلك على وقع مجزرةٍ جديدة نفذها «التحالف» السعودي على سوق في مديرية باقم شمالي صعدة، تزامناً مع الزيارة الأميركية.
وأنهى كيري، أمس، زيارة استمرت يومين إلى جدة، بطرح خطةٍ قديمة ـ جديدة لإنهاء الحرب على اليمن، أطلق عليها صفة «المقاربة المتجددة» للحل، معولاً على «موافقة» فريق «التحالف العربي» الذي يشن الحملة العسكرية على اليمن.
ودعا كيري الذي تتعرض بلاده لضغوط من منظمات دولية إنسانية وحقوقية لوقف تسليح السعودية، والذي أعرب عن «قلقه» من ارتفاع أعداد القتلى المدنيين في اليمن جراء ضربات «التحالف» السعودي، إلى أنهاء الحرب التي «طال أمدها»، معلناً أن المبعوث الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد سيبدأ مشاورات فورية مع أطراف النزاع لعرض الخطة.
لكن مقاربة الوزير الأميركي لا تقدم أي جديد عن الطروحات السابقة التي عرضت خلال مشاورات الكويت الأخيرة والتي رفضها طرفا النزاع. وتتضمن تشكيل حكومة وطنية مقابل انسحاب الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح من المناطق التي يسيطرون عليها خصوصا صنعاء، وتسليم أسلحتهم الثقيلة إلى طرف ثالث. وأضاف أن الخطة تقضي بتشكيل الحكومة وتنفيذ عملية الانسحاب وتسليم الأسلحة بشكل متزامن.
وتستند المقاربة إلى «مسارين أمني وسياسي يتقدمان بالتوازي لتوفير تسوية شاملة»، بحسب كيري الذي أكد أن دول الخليج التي تشارك في التحالف «وافقت بالإجماع على هذه المبادرة الجديدة».
وحذر كيري طهران من مواصلة تزويد الحوثيين بالسلاح والصواريخ البالستية، معتبراً أن ذلك لا يهدد أمن السعودية فقط، بل هو تهديد للولايات المتحدة.
وفي هذا الشأن، اعتبر أن «التهديد الذي يشكله إرسال الصواريخ وغيرها من الأسلحة المتطورة إلى اليمن من قبل إيران يمتد أبعد من اليمن بكثير، وهو ليس تهديدا للمملكة العربية السعودية والمنطقة فقط. هو تهديد للولايات المتحدة ولا يمكن أن يستمر».
وقال الوزير الأميركي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي عادل الجبير في جدة إنه «يجب أن تنتهي هذه الحرب، وأن تنتهي في اسرع ما يمكن»، وذلك اثر اختتامه لقاءً خماسياً جمعه بالإضافة إلى الجبير، بنظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، ومساعد وزير الخارجية البريطاني لشؤون الشرق الاوسط توبياس الوود، وولد الشيخ.
وأضاف كيري ان ولد الشيخ سيبدأ «فوراً» استشارات مع المعنيين بالنزاع «لوضع التفاصيل النهائية لهذه المقاربة»، التي قال انها توفر «للحوثيين فرصة للثقة بهيكلية الحكومة التي سيتم تشكيلها»، و «مشاركة في الحكم مقابل انهاء العنف وإلقاء السلاح»، معتبراً أن «أي حل يجب ان يحمي حقوق وسيادة السعودية».
وتزامنت زيارة كيري مع مطالبة الأمم المتحدة أمس بإنشاء هيئة دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان في اليمن من قبل أطراف النزاع، وهو امرٌ كانت السعودية قد أجهضته مرات عدة.
وأعلن كيري خلال مؤتمره الصحافي عن تقديم واشنطن مساعدة اضافية لليمن بقيمة 189 مليون دولار، مضيفاً ان «الاستجابة الدولية للأزمة اليمنية لم تلبِّ الاحتياجات»، فيما قال الجبير إن بلاده «حذرة جداً» في الضربات الجوية التي تنفذها في اليمن، «لئلا تتسبب بسقوط ضحايا مدنيين».
وأضاف الجبير أن السعودية والولايات المتحدة «وافقتا على سبيل للأمام للأزمة اليمنية سيتابعه المبعوث الأممي مع الأطراف»، مشيراً إلى أنه «تمكنا من الخروج برؤية ترتبط بخريطة طريق لليمن بحثها مبعوث الأمم المتحدة معنا لذلك سيكون هناك وضوح بشأن التسوية النهائية التي سيبحثها المبعوث الدولي مع الأطراف اليمنية».
وكان مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أعلن في تقرير أمس أن الضربات الجوية التي يشنها «التحالف» السعودي هي السبب الأكبر وراء مقتل 3799 مدنيا وإصابة 6711 آخرين في الحرب، بحسب ارقامه، مضيفاً ان هذا «التحالف» ارتكب انتهاكات أخرى «قد تخالف القانون الدولي».
يذكر أن وزير الخارجية الأميركي التقى أمس كذلك الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، بعدما كان عقد مساء أمس اجتماعاً مطولاً مع وليي العهد السعوديين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان.
كما عَقد أمس في مطار جدة، إثر اجتماعه الخماسي مع الجبير ونظيره الإماراتي وولد الشيخ والمسؤول البريطاني، اجتماعاً أوسع ضم هؤلاء إلى وزراء خارجية سلطنة عُمان والبحرين والكويت وقطر، بحضور الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني.