لا تمسوا الإرهابيين..

لا تمسوا الإرهابيين..

أخبار عربية ودولية

السبت، ٦ أغسطس ٢٠١٦

نشرت صحيفة “إيزفيستيا” مقالا بقلم الباحث في القضايا السياسية فياتشيسلاف ماتوزوف حول مطالبة واشنطن موسكو بوقف الهجوم على العصابات الإرهابية في سوريا. جاء في المقال:

أعلن وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري قبل أيام أن العمليات التي تقوم بها موسكو ودمشق في سوريا تثير القلق. وقال: “من الضروري جدا أن تمتنع روسيا وتمنع نظام الأسد من القيام بعمليات هجومية”.

ويجب القول إن هذه ليست هي المرة الأولى التي يطلق فيها كيري تصريحات من هذا النوع. إذ ما إن تظهر بوادر تعرض “جبهة النصرة” والمجموعات المرتبطة بها لخسائر، حتى نسمع فورا أصواتا غاضبة من السياسيين الأميركيين ومراقبي حقوق الإنسان، متهمة القوات الجو-فضائية الروسية أحيانا والقوات السورية أحيانا أخرى بقتل المدنيين وقصف المستشفيات وغيرها من الانتهاكات لحقوق المدنيين”.
ولقد تعلموا في روسيا، كيف يستمعون إلى هذا “الصراخ” بهدوء.

فهدف هذه الهستيريا هو عدم السماح بالقضاء التام على المجموعات الإرهابية في سوريا، حيث نلاحظ اليوم وضعا غريبا: الجيش السوري يحاصر المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون في حلب، ويمنعهم من توسيع نفوذهم. في هذه الأثناء، نسمع أصواتا تطالب بوقف الضربات. و”شركاؤنا” الأميركيون يطرحون مسألة ضرورة ضمان أمن السكان المدنيين في هذه المناطق من حلب وإيصال مساعدات إنسانية اليها.
ولكن المروحيةالروسية التي أُسقطت لم تكن قتالية، بل مروحية نقل، أوصلت إلى حلب مساعدات إنسانية، كتلك التي يطالب بها الجانب الأمريكي وحلفاؤه.

ومع ذلك، نحن نعلم جيدا بفتح أربعة ممرات إنسانية في حلب، ثلاثة منها للسكان المدنيين والرابع للإرهابيين الراغبين برمي السلاح. ولكن هذا لا يرضي الأمريكيين، ويتصرفون وكأنهم لا يعلمون ولم يسمعوا بهذه الممرات الإنسانية، ولا عن إسقاط أنصارهم المروحية التي أوصلت المساعدات الإنسانية.

والمثير في الأمر أن “شركاءنا” في حالات مماثلة يتصرفون على العكس تماما. ففي تلك الأيام التي طلب فيها كيري وقف الهجوم على الإرهابيين في منطقة حلب، للمحافظة “على حياة المدنيين”، نشاهد كيف بدأت الطائرات الأميركية تقصف بكثافة مدينة سرت الليبية التي تحاصرها قوات الجنرال حفتر، التي لم تبدأ بقصف المدينة حفاظا على حياة السكان المدنيين، ولكن الطائرات الأميركية أخذت على عاتقها هذه المهمة، دون أن ينبس ساسة الولايات المتحدة والمدافعين عن حقوق الإنسان بكلمة واحدة.

ونفس هذه الحالة نشاهدها في العراق في مدينة الموصل، التي تحاصرها القوات العراقية بدعم من الطائرات الأميركية؛ حيث لم نسمع أي كلمة احتجاج من منظمات حقوق الإنسان أو من السلطات الأميركية على ما يعانيه 1.5 مليون مدني محاصر داخل المدينة.

ولكن، ما إن يبدأ الجيش السوري الهجوم على موقع ما، حتى تنطلق أصوات الاحتجاج والضجيج في وسائل الاعلام وعلى مستوى رسمي. أي أن تصريحات كيري هي ضمن هذه الحرب الإعلامية.
وفي هذه الحرب يملك الأميركيون قنوات تأثير كبيرة؛ حيث توجد تحت سيطرتهم قنوات تلفزيونية عديدة تبث باللغة العربية من واشنطن ولندن وبرلين والدوحة والإمارات والقاهرة. موقف هذه القنوات ثابت: اللوم على روسيا، على روسيا وقف تقدم الجيش السوري، على روسيا وقف قصف السكان المدنيين.

إن كل موجة تعاطف من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، دليل على أن المجموعات الإرهابية في سوريا تندحر، لذلك يبدأ ممولوها في الولايات المتحدة بالشعور بالقلق وعدم الأمان.

وهذا ينطبق تماما على الوضع في حلب. لأن عملية حلب تعتبر حدثا أساسا في الحرب السورية. فإذا فرضت القوات السورية سيطرتها على المدينة، فإن ذلك يعني قرب نهاية الحرب في سوريا ومعاناة سكانها.

فحلب ثاني أكبر المدن السورية، ويسكنها 2.5 مليون نسمة، يمثلون مختلف طوائف ومذاهب وقوميات الشعب السوري. لذلك، فإن الحديث عن حمل سكان المدينة السلاح ضد السلطة بدعوة من “الإخوان المسلمين” لا صحة له مطلقا، حيث لم يكن لـ “الإخوان” أي دعم في المدينة.

الذين يحاربون الجيش السوري هم مرتزقة أجانب، لذلك فهم يضطهدون سكان المدينة، ولا يسمحون لهم بالخروج من المدينة عبر الممرات الإنسانية التي فتحتها القوات السورية.

يجب أن يفهم الجميع هذه المسألة وخاصة الأميركيين، حيث أن محاولاتهم التصنع بعدم معرفتهم أو بغياب المعلومات لديهم عن واقع الحال، هو دليل على أن واشنطن تعمل على إنقاذ المجموعات الإرهابية، لكي تستمر في استخدامها لبلوغ أهدافها الجيوسياسية.