خارطة المنطقة بعد سايكس بيكو.. هل انتصرت سورية وحلفاؤها؟؟

خارطة المنطقة بعد سايكس بيكو.. هل انتصرت سورية وحلفاؤها؟؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٣ يوليو ٢٠١٦

عمر معربوني - بيروت برس -
سؤال متشعب وهام لا بدّ من طرحه هذه الأيام: هل يمرّ حلف المقاومة في توقيت ذهبي ومثالي للشروع في حسم المعارك الكبرى وإنجاز النصر؟ وقد يتساءل البعض لماذا تسمية التوقيت بالذهبي والمثالي، وهو تساؤل مشروع تنتفي ضرورته متى علمنا الجواب.
تعيش أميركا حاليًا مرحلة البطة العرجاء، وهي مرحلة ستستمر لشهور حتى مطلع السنة القادمة، وهي المرحلة التي تتم فيها ادارة المسائل المطروحة بالحد الأدنى ولا يتم فيها اتخاذ قرارات حاسمة وانشغالًا في معركة الإنتخابات الرئاسية، في حين أنّ تركيا التي تعيش مرحلة ترددات الإنقلاب الزلزال ستكون منشغلة على قدر كبير في الموضوع الداخلي، حيث وصل عدد المعتقلين الى حدود الـ50 الف معتقل من مختلف قطاعات الدولة وعلى رأسها مؤسسة الجيش الذي يبدو أنّ عملية اعادة هيكلة له ستتم وفق معايير تخفف الخوف والقلق منه. وهذا التدبير برأيي سيزيد الإحساس بالإهانة لدى قيادات الجيش العليا وقادة الوحدات الميدانية، حيث أنّ اعادة الهيكلة تعني في مكان ما اعادة النظر بالأطر التنظيمية للجيش وآليات اعطاء الأوامر وتسلسلها، وكذلك اعادة النظر في عمل اجهزة المخابرات وعلى رأسها المخابرات العسكرية، وما يعنينا في المسألة هو ارتباط التدابير الجديدة بجهوزية الجيش ومهامه التي ستتركز داخليًا اكثر، واعتماد اردوغان على الأجهزة الأمنية التابعة للشرطة اضافة الى مسألة ملفتة للنظر وهي رفد الجيش بعناصر جديدة وهي على الأرجح ستكون من محازبي اردوغان ما يعني البدء بتهميش المكونات الأخرى.
في المملكة السعودية تشير المعلومات الى احتمالات حصول عمليات امنية واسعة ومتواترة ومتصاعدة، وهو موضوع بات معلومًا لدى اغلب اجهزة الإستخبارات العالمية، إضافةً الى الإخفاقات المستمرة للجيش السعودي وحليفه عبد ربه منصور هادي وعجزهم عن تحقيق اي تقدم رغم الإمكانيات الهائلة الموضوعة بتصرف المعركة.
في المقابل، فإنّ انتصارات متواصلة للجيشين السوري والعراقي وتحولات ميدانية كبرى حدثت سواء في الأنبار العراقية وما نتج عن معارك تحرير الفلوجة وبدء الجيش العراقي لمعركة الموصل من خلال تطويق الشرقاط بعد تخطيها، واستعادة قاعدة القيّارة وتحرير قرية العوسجة جنوب مدينة الموصل، ما يعني خلق تماس مباشر مع الموصل إحدى اكبر المدن المهمة التي يسيطر عليها تنظيم داعش.
في سوريا نشهد هذه الفترة تحولًا كبيرًا يتمثل في قطع الإمداد عن الأحياء الشرقية لمدينة حلب والتي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، ووضعها ضمن الطوق مع استكمال العمليات لقطع طريق الكاستيلو في عمليات لاحقة ستصل الى حريتان وعندان وحيّان وكفرحمرة، ما يعني حسمًا للميدان المباشر لمدينة حلب ورسم معالم ميدانية جديدة في الريفين الغربي والجنوبي الغربي، وهو أمر يمكننا القول من خلاله إنّ المعركة ستتجه باتجاه آخر يرتبط بفتح معركة ادلب واريافها واقتصار خيارات مسلحي حلب على خيار من اثنين، فإما الإستسلام او القتال في ظروف صعبة ستنتهي بهزيمتهم وهزيمة داعميهم.
هذا في البعد الميداني المباشر، وحيث نشهد جمودًا في عملية المفاوضات حول ايجاد تسوية للأزمة في سوريا في ظل اعتذار تركي مباشر من اردوغان للرئيس بوتين ما يعني اعتذارًا غير مباشر من الرئيس الأسد، واصرار روسي اكده الوزير لافروف ان تطور العلاقة مع تركيا مرهون بمواقف واضحة من القيادة التركية تجاه سوريا، وهو ما ستجده القيادة التركية ضروريًا في المرحلة القادمة اذا ما تعاملت مع الأمور ببعد ايجابي خصوصًا بعد الموقفين الروسي والإيراني الداعمين للشرعية التركية بحسب بيانات روسية وايرانية، ولكنه تقارب لن يحصل في المدى القريب بسبب وجود مجموعة من التعقيدات والتطمينات التي يحتاجها الأتراك من روسيا تحديدًا حول الملف الكردي الذي شكل الدعم الأميركي فيه استفزازًا لتركيا وساهم في تدحرج العلاقات بين اميركا وتركيا نحو الأسفل.
اما وان التسويات ليست امرًا قريب المنال في هذه المرحلة، فإنّ البناء يجب ان يتركز على طبيعة المواقف والتصريحات المتباينة بشكل دائم لدى الأميركيين والثابتة لدى الروس والإيرانيين وتحديدًا في الملف السوري، حيث لا زالت الرغبة في تقسيم سوريا والمنطقة قائمة في ظل مواقف روسية وايرانية ثابتة ترفض مجرد التفكير في الموضوع وهو ثبات لم يتزحزح عنه الروس والإيرانيون في اوضاع اسوأ بكثير من اوضاع المرحلة الحالية، فكيف والأمور تذهب تصاعديًا لمصلحة سوريا حيث تراكم الإنجازات الميدانية يتتابع منذ سنة تقريبًا.
الثابت حتى اللحظة أنّ ايًّا من الدول الوطنية التي نشأت بموجب اتفاقية سايكس - بيكو لم تتغير معالم الجغرافيا فيها بالبعد القانوني رغم شتات الجغرافية وتوزع السيطرة فيها، وهو الأمر الذي ترغب اميركا ببقائه في الحد الأدنى لتدوم الفوضى والتقاتل، بينما تعمل روسيا وايران على مواجهته ووضع كل الإمكانيات اللازمة لمقاومته وضربه بشكل نهائي لاحقًا من خلال تراكم الإنجازات واحداث المزيد من المتغيرات في ميزان القوى.
ورغم بقاء خطر التقسيم قائمًا بسبب متغيرات ميدانية، إلّا أنّ خرائط السيطرة الحالية وتغيرها لمصلحة المحور المقاوم قلّل من حدّة القلق والخوف من امكانية تحقق مشروع التقسيم، وسيبقي في الحد الأدنى على الدول الوطنية في صيغتها الجغرافية الحالية وربما نشهد توسعًا جغرافيًا لهذه الدول لمصلحة سوريا والعراق وعلى حساب تركيا اذا ما دخلت في الفوضى لأي من الأسباب القائمة، والتي يمكن ان تتصاعد بشكل دراماتيكي بسبب الأخطاء المتزايدة للقيادة التركية.