هل نفد الصبر الروسي فعلاً؟

هل نفد الصبر الروسي فعلاً؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٨ يونيو ٢٠١٦

كنان خليل اليوسف
روسيا التي اختارت الدخول المباشر على خط المواجهة السورية مع الإرهاب منذ نحو عام، كانت حريصة على التنسيق مع الشريك الأميركي في كلّ خطوة ميدانية وحتى سياسية متعلقة بالأزمة السورية. وللموضوعية كان الأميركي هو الآخر حريصاً إلى حدّ ما على وجود هذا النوع من التنسيق، هذا ما كانت تقوله التصريحات على الأقلّ، ببساطة لأنّ القوتين لا تريدان الدخول في مواجهة مباشرة، وأول أشكال هذا التنسيق كان في مجال منع التصادم الجوي بين طائرات البلدين الحربية في السماء السورية.
الطرفان إذاً لا يريدان صداماً جوياً مباشراً، لكن الواضح أنهما يفضلان نوعاً آخر من الصدام على الأرض، وهذا ما بدا واضحاً خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ففي الوقت الذي كانت تترقب فيه موسكو التحرك الأميركي ومن ورائه الفرنسي والبريطاني والألماني في الشمال السوري عبر دعم «قوات سورية الديمقراطية» في تحرّكها نحو منبج بريف حلب الشمالي الشرقي، كان الروس يعدّون العدّة لدعم الجيش السوري في معركة نحو مدينة الرقة عبر طريق أثريا الطبقة .
إلى هنا لا يبدو أنّ التنسيق قد توقف أو انتهت مفاعيله إلى أن حصل الهجوم الواسع لما يسمّى «جيش الفتح» بزعامة «جبهة النصرة» على قرى الريف الجنوبي لمدينة حلب وسيطرتهم على خلصة وزيتان وبرنة في ذلك الريف، هنا أحسّ محور الدفاع عن سورية بالصدمة وخاصة الحليف الإيراني ومعه المقاومة في حزب الله، فكانت الدعوة إلى اجتماع ثلاثي في طهران جمع وزراء دفاع كلّ من سورية وروسيا وإيران للتشاور وبحث تفاصيل المرحلة المقبلة.
ما تمّ الاتفاق عليه في طهران جرى ترسيخه بزيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى العاصمة السورية دمشق ولقائه بالرئيس الأسد وليتخذ القرار بعدها باستئناف جولة جديدة ضدّ المجموعات التكفيرية في حلب وريفها بعد توقف دام أكثر من أربعة أشهر، وكان للسيد حسن نصرالله في خطابه الأخير كلام واضح حول إعلان المعركة نحو حلب والتي بدأت فعلاً بغارات روسية سورية مشتركة استهدفت الأحياء الشرقية للمدينة.
لكن المفارقة هنا هي أنّ بدء معركة حلب قابله صمت أميركي على غير العادة لربما تقوم الإدارة الأميركية بمراجعة حساباتها، فقبل حوالي الأسبوع فقط كانت الاتصالات الهاتفية بين كيري ولافروف تكاد لا تهدأ، اليوم تبدو خطوط الاتصال متوقفة إذا لم نقل إنها مقطوعة بين الجانبين، وكأنّ قراراً روسياً ما اتخذ على خلفية المراوغة الأميركية في مسألة تصنيف الجماعات المسلحة وفصل من تسمّيهم واشنطن بالمعتدلين عن «جبهة النصرة» الأمر الذي لطالما شدّدت عليه روسيا طوال فترة التهدئة المعلنة منذ 27 شباط العام الحالي.
وعلى هذا الأساس يمكن القول إنّ الصبر الروسي نفذ فعلاً وبات البحث في خيارات التصعيد العسكري ضدّ كلّ الجماعات المسلحة في حلب وريفها خياراً لا بدّ منه ولا رجعة عنه.
البناء