ماذا بعد تحرير الفلوجة من داعش؟

ماذا بعد تحرير الفلوجة من داعش؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٧ يونيو ٢٠١٦

 بعد أن أعلنت قيادة عمليات الجيش بالفلوجة، انتهاء العمليات العسكرية، رفع رئيس الوزراء علم العراق في الفلوجة معلنا تحريرها من داعش، ووعد بأن يرفعه في نينوى أيضا.
وقد وجه العبادي في كلمة متلفزة من الفلوجة،عدة رسائل سياسية إلى أطراف داخل وخارج العملية السياسية، مما يدل على أهمية معركة الفلوجة التي حملت معها تحديات سبقتها ولاتزال تداعياتها سياسيا وإنسانيا وأمنيا وقانونيا.
ومن رسائل العبادي هذه كانت واحدة ربما إلى سلفه نوري المالكي، الذي سقطت في عهده ثلث مساحة العراق بيد داعش، وإلى مسؤولي محافظة الأنبار في 2014، الذين سقطت محافظتهم بيد داعش حينها أيضا.
ومن رسائل العبادي الفلوجية، كانت واحدة إلى من ارتكب انتهاكات بحق المدنييين والممتلكات أثناء معركة الفلوجة، وإلى من ضخَّم من هذه الانتهاكات وسماهم دواعش السياسة والإعلام.
ومن الرسائل من كانت موجهة ربما إلى مقتدى الصدر، الذي اقتحم أنصاره المنطقة الخضراء مرتين قبل بدء معركة الفلوجة، وتعطل بسبب ذلك عمل الحكومة والبرلمان.
ففي رسالته ربما لسلفه نوري المالكي، ولمسؤولي محافظة الأنبار في 2014، قال العبادي، "لا مكان بيننا اليوم، لمن كانوا مسؤولين عن تلك الخسائر التي حدثت في معارك المدن التي احتلها تنظيم داعش الإرهابي".
وأضاف العبادي، أن "بعض المتصدين الذين أوصلونا إلى هذا المستوى تسببوا بضياع المناطق نتيجة خلافاتهم ومناهجهم الخاطئة"، مشيرا إلى "أننا لن نسمح لدواعش السياسة بأن يوصلونا إلى نقطة مأساوية عبر تدمير الإنسان وتدمير البنى التحتية والمدن".
وقال العبادي، في رسالته الأخرى، التي يبدو أنه وجهها لأطراف العملية السياسية ببغداد، وبعد أن دعا العراقيين للفرح والاحتفال بهذه المناسبة، "إن الفلوجة لأبنائها، وأنه لامجال إلا بمصالحة مجتمعية ووطنية، ولا عودة لداعش من جديد، وأن المواقع الرسمية في الدولة هي للمواطن وليس للصراع عليها بين أطراف سياسية متنازعة على الكراسي".
وفي رسالة العبادي الفلوجية الثالثة، فكانت كما هو واضح أنها موجهة لمقتدى الصدر إذ قال "إن هناك من حاول أن يجد معارك جانبية في المدن العراقية مع القوات الأمنية، لكنه فشل"، لافتا إلى أن "البعض أراد من جهل أو علم تجميد عمل الحكومة ومجلس النواب لعرقلة تحرير الفلوجة لكن النصر تحقق".
وعلى رسالة العبادي الأخيرة، جاء الرد من الصدر الذي عاد مجددا، وفي خطوة متزامنة مع انتهاء معركة الفلوجة، فدعا مرة أخرى، الحكومة العراقية إلى تقديم استقالتها، وهدد بالانضمام للمطالبين بإقالة الرئاسات الثلاث.
وقال الصدر في بيان له السبت 25 يونيو/حزيران، وقد استغل حادث استقالة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد تصويت البريطانيين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "أدعوا الحكومة العراقية الحالية إلى تقديم استقالتها، وإلا فإننا سننضم إلى الأصوات المطالبة باستقالة الرئاسات الثلاث".
وتأتي دعوة زعيم التيار الصدري هذه، قبل خمسة أيام من انتهاء اعتكافه الذي سينتهي يوم الثلاثين من يونيو/حزيران الجاري، وكان اعتكافه قد بدأ في الثلاثين من أبريل/نيسان الماضي، يوم اقتحم أنصاره المنطقة الخضراء أول مرة.
والسؤال هنا، لماذا تزامنت دعوة الصدر مع انتهاء معركة الفلوجة؟، مثلما تزامن اعتكافه مع حادث اقتحام المنطقة الخضراء في 30 نيسان الماضي؟.
وهل انتهاء معركة الفلوجة، التي منحت الحكومة متنفسا سياسيا، يشير إلى عودة الاحتقان السياسي مرة أخرى؟، خاصة وقد سبق بداية معركة الفلوجة اقتحام ثان للخضراء كاد أن يؤدي إلى اقتتال بين أطراف مسلحة تابعة للتحالف الوطني.
في هذا الاثناء، شدد الصدر هجومه على بعض فصائل الحشد الشعبي، بعد انتهاء معركة الفلوجة، فقال، إن "من حرر المناطق المغتصبة، من تنظيم داعش هو الجيش العراقي حصراً".
وهو يشير هنا بشكل غير مباشر إلى هادي العامري زعيم منظمة بدر إحدى أكبر فصائل الحشد الشعبي، الذي صرح، أثناء معركة الفلوجة، بأن "سحب قطعات عسكرية من الفلوجة إلى نينوى خيانة لدماء الشهداء".
وفيما شدد هادي العامري على أنه "إذا أردنا حسم معركة تحرير العراق هذا العام وتقليل التضحيات والسرعة في الإنجاز، لا بد من خوض المعركة موحدين يشد أحدنا عضد الآخر"، وأكد رئيس كتلة بدر النيابية وعضو لجنة الأمن والدفاع قاسم الأعرجي، بعقلية استقطابية، أنه "وبعد معركة تحرير الفلوجة لا يوجد اليوم أمام دواعش السياسة إلا واحدا من اثنين، إما يكونوا مع الحشد الشعبي أو يكونوا مع داعش والبعث والإرهاب".
من جهته، وفي ذات الاتجاه لكن من زاوية أخرى وبواقعية، أكد عضو لجنة الأمن النيابية علي المتيوتي، الاثنين، دعم لجنته لتشريع أي قانون يساهم بحفظ حقوق منتسبي الحشد الشعبي، فيما لفت إلى أن مصير الحشد الشعبي بعد انتهاء معارك التحرير للحكومة الاتحادية والمرجعية الدينية.
وقال المتيوتي، إن "هيئة الحشد الشعبي جهة رسمية، وإذا شرع لها قانون ستكون أسوة بالجيش والشرطة"، مؤكدا أن "نواب لجنة الأمن والدفاع النيابية داعمين ومساندين لتشريع أي قانون يساهم بحفظ حقوق منتسبي الحشد".
والمتيوني يشير ربما، إلى قانون الحرس الوطني المؤجل ويؤكد، أن "الحشد الشعبي لا زال بدون تشريع، رغم التصريح بأنه جهة تابعة لمجلس الوزراء، وله موازنة ضمن ميزانية الدولة".
لقد شبع العراقيون من خطب ساخنة وأخرى باردة، ولم يجدوا لها من رصيدا سوى مزيد من احتراب وفوضى.
وهاهم يرون أن فورة معركة الفلوجة قد بردت، ولم تزل الأسباب التي قدَّمتها على معركة نينوى، وهربت الحكومة إليها من صراعات كادت تودي بها، تُطلُّ برأسها مثل رأس تنين. والعراقيون يعلمون، أن داعش قد ظهر بعد طرد القاعدة، لأنه لم يترافق مع زوال القاعدة حل سياسي.
وأن الهروب إلى الأمام لا يغني ولا يسمن من حاجة الواقع العراقي إلى حل يلامس جروحه، وأن لم يترافق طرد داعش من الفلوجة ونينوى بعد حين مع حل سياسي، فإن جيلا ثالثا بعد داعش على وشك الولادة.