الاقتصاد العالمي عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: ضربة أم أزمة؟

الاقتصاد العالمي عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: ضربة أم أزمة؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢٦ يونيو ٢٠١٦

كان يوم “الجمعة الأسود” الذي شهدته الأسواق العالمية نتيجة قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الاوروبي قاسياً، وإن كانت ابعاده تذكر بأزمة مصرف ليمان براذرز. إلا أن النظام المالي العالمي لا يبدو مهدداً في الوقت الحاضر، اذ تقتصر الأزمة على البعد السياسي. ولم يشهد المستثمرون مثل هذه التقلبات منذ الأزمة المالية عام 2008 حين انهار مصرف الأعمال “ليمان براذرز”، وأزمة الديون في منطقة اليورو التي بلغت ذروتها صيف 2011.

عواقب تراجع البورصة الجمعة والغموض الاقتصادي والسياسي المرتبط بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد تستمر لبعض الوقت، إلا أنه من الصعب في المرحلة الراهنة التحدث عن أزمة مالية جديدة. وفي السياق، قال مدير ادارة العمليات في شركة “راسل انفستمنتس فرنسا” المتمركز في لندن آلان زيتوني “اننا لا نشهد موجة بيع على خلفية حركة هلع لسنا امام دوامة على غرار ما حصل في قضية ليمان براذرز، مع ترقب سلسلة تبعات وتعثر مصدري سندات الديون في السداد”. وقال الخبير الاقتصادي لدى شركة “اكسا آي ام” لوران كلافيل إن “الحركة بلغت حجماً كبيراً لكنها ليست كارثية في الوقت الحاضر”، مضيفاً أن الوضع “أقل خطورة بكثير من الانهيار الذي نجم عن ليمان، وأحداث صيف 2011”. وخلافاً لما حصل خلال أزمة مصرف ليمان، فإن ما اهتز صباح الجمعة لم يكن مصير النظام المالي.

ينطوي خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي على تحديات سياسية خطيرة للبناء الأوروبي، لا بل لمكانة السوق المالية نفسها في لندن، غير أنه لا يحمل في الوقت الحاضر على اعادة النظر في الاستقرار المالي العالمي. ويستبعد خبراء مكتب “اوكسفورد ايكونوميكس” امكانية أن يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي “لحظة شبيهة بـ (أزمة) ليمان”، معتبرين أنه “لا بد أن تتخذ امور كثيرة منحى سيئاً في الوقت نفسه” حتى يتلقى النظام برمته ضربة “لا يمكن اصلاحها”. كما أن الوقت ما زال مبكراً للحديث عن ازمة اقتصادية على النطاق العالمي، اذ تبدو الدول الكبرى جميعها باستثناء بريطانيا بمنأى عن تباطؤ اقتصادي قوي.

ولخص كلافيل الوضع بالقول “ليست هذه صدمة عالمية”، موضحاً أن الوطأة المرتقبة على الاقتصاد في منطقة اليورو ستكون سلبية حتماً، لكنها لن تكون هائلة. كما أن الانعكاسات على الاقتصاد الأميركي ستكون محدودة. وما يختلف ايضاً عن ازمتي 2008 و2011 أن السياسات النقدية تتسم الآن بليونة كبيرة، ولا سيما في منطقة اليورو حيث يعمد البنك المركزي الأوروبي الى اعادة شراء الديون بشكل مكثف. وقال زيتوني إن “الأزمة سياسية”، ما لا يشكل بالضرورة خبراً ساراً للأسواق. وقال ديكسمير “إن كان من الممكن تقدير الخسائر المالية، إلا أنه من الصعب للغاية تقدير العواقب السياسية، إننا نواجه عواقب على المدى البعيد بالمقارنة مع المدى القريب لردود فعل المستثمرين الذين فوجئوا بالوضع”. وحذر كلافيل بأن “ردود الفعل السياسية ستكون موضع متابعة عن كثب، ولا سيما في ما يتعلق بمستقبل منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي”.

كما يتحتم بحسب ديكسمير متابعة قرارات كبار المستثمرين مثل صناديق التقاعد وشركات التأمين التي “لا تبدي عادة رد فعل سريعاً”. غير أن شركة “بلاك روك” العملاقة الأميركية لادارة الأسهم حذرت بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “لا يبدل شيئاً في ادارتها لأصول عملائها في اوروبا”. لكن ان استمرت المصارف في مواجهة صعوبات في البورصة، فقد يطرح ذلك تساؤلات حول قدرتها على اقراض الاقتصاد بصورة طبيعية.

وبالتالي، فإن الاسواق قد تشهد في حال نجاتها من ازمة مالية، تقلبات قوية. وسيكون سلوكها في الأيام المقبلة مؤشراً جوهرياً. من هنا، قال ديكسمير إن “السوق تدخل فعلاً في المجهول والغموض ويمكن توقع هزات ارتدادية، لا بد لنا رغم كل شيء الحد من الانفاق”.