أنقرة تحاول اللحاق بهدف «الآمنة» قبل أن يفوتها قطار الميدان

أنقرة تحاول اللحاق بهدف «الآمنة» قبل أن يفوتها قطار الميدان

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٣١ مايو ٢٠١٦

دفعت التطورات الميدانية الأخيرة في شمال سورية تركيا إلى إعلان استعدادها للقيام بعملية خاصة مشتركة على الجهاديين في سورية لا يشارك فيها الأكراد الذين تصفهم أنقرة بـ«الإرهابيين».
وبدأت الإثنين الماضي «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) بغطاء جوي من طيران «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، عملية عسكرية لتحرير شمال الرقة من تنظيم داعش المدرج على لائحة الإرهاب الدولي، ما دفع التنظيم لقلب الموازين والخطط الأميركية بعملية مباغتة حاصر من خلالها مدينة مارع، واقترب من بلدة إعزاز حيث الممر الحدودي المهم مع تركيا، وهدفه الأساسي القضاء على المعارضة المسلحة هناك لفرض صفقة على الأميركان وحلفائهم مفادها «إعزاز مقابل الرقة».
التطورات السابقة دفعت وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو إلى القول: «ما نتحدث بشأنه مع الأميركيين هو إغلاق جيب منبج في أقرب وقت ممكن (…) وفتح جبهة ثانية»، في إشارة إلى المناطق التي سيطر عليها داعش شمال حلب.
وأضاف المسؤول التركي: «إذا جمعنا قواتنا، فلديهم (الأميركيون) قواتهم الخاصة ولدينا قواتنا الخاصة». وتابع: «نحن نقول نعم يجب فتح جبهة جديدة ولكن ليس بمشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي»، الذي تعتبر وحدات حماية الشعب ذات الأغلبية الكردية الجناح العسكري للحزب وتتهمها أنقرة بأنها «إرهابية»، حيث وصف تعاون واشنطن مع «الديمقراطي بأنه «خطوة خاطئة لا تندرج ضمن إطار القيم الإنسانية»، لأن هدف الحزب بحسب زعمه هو «الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من المساحات في سورية»
ورغبة منه في تسويق الفكرة التي طرحها وتقليل أهمية التقدم الذي تحققه (قسد) في شمال الرقة اعتبر جاوش أوغلو أن «معارضين سوريين عرباً مسلحين ومدعومين من القوات الخاصة التركية والأميركية وكذلك من دول أخرى حليفة مثل ألمانيا وفرنسا، يمكنهم «بسهولة» التقدم باتجاه مدينة الرقة (شمال) التي يسيطر عليها داعش، معبراً عن أسفه لأن «الولايات المتحدة لا تفي بوعودها»، بتسليم تركيا البطاريات المضادة للصواريخ التي وعدتها بها.
ويبدو أن تقدم داعش باتجاه مارع هدد مخططات أنقرة ومجموعات المعارضة المسلحة التي تدعمها بحجة أنها «معارضة معتدلة» لأن سيطرة التنظيم على مارع وإعزاز تنهي أحلام تركيا بفرض منطقة آمنة في الشمال السوري، وهو الهدف الذي سعت إليه أنقرة طويلاً، ومن ناحية أخرى لأن سيطرة داعش إذا ما تحققت تعطي تسويغاً فرضته القرارات الدولية باستهداف التنظيم من الغارات الروسية والسورية ولعل أنقرة لا ترغب وبشدة في اقتراب الطائرات الروسية مجدداً من حدودها إذ لا تزال أنقرة ترزح تحت الآثار السلبية التي سببها إسقاط طائرة الـ«سو 24» الروسية شمال سورية في تشرين الثاني الماضي والتي سببت توتراً في علاقات البلدين لم ينته حتى اليوم، وهو ما دفع جاويش أوغلو للرد على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً التي أبدى فيها استعداده لتحسين العلاقات مع تركيا شرط أن تُقدم الأخيرة على خطوات من أجل ذلك، بالقول: «إن الإقدام على مثل هذه الخطوات يتطلب تأسيس مجموعة عمل بين الدولتين، تقوم بمناقشة نقاط الخلاف وتعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها، من أجل التوصل إلى حل ينهي الخلاف القائم»، ما يعني أن أنقرة ليست مستعدة لتسعير الخلاف مع الروس مجدداً.
أمر ثالث تخشاه تركيا وهو التطورات السياسية التي شهدتها أمس الأول معارضة الرياض بانسحاب كبير مفاوضي وفدها إلى جنيف محمد علوش وأنباء عن استبعاد رئيس الوفد أسعد الزعبي ما يعني إعادة تشكيل وفد جديد لمعارضة الرياض لا تعترض عليه موسكو ودمشق ولا يحوي ممثلين عمن يسمونهم «تنظيمات إرهابية» كجيش الإسلام وأحرار الشام اللذين تعتبرهما أنقرة وواشنطن «معارضة معتدلة»، ومن ثم تخسر تركيا بعضاً من وزنها الأساسي في وفد مجموعة الرياض ناهيك عن إمكانية فرض تمثيل للأكراد داخل وفود المعارضة أو وفد المعارضة الموحد إن حصل وبخاصة «الاتحاد الديمقراطي» الذي لا يزال الفيتو التركي يمنع مشاركته.
ومن أجل أن تحقق تركيا أهدافها حاولت الدفاع عما تبقى لها من حلفاء في مارع وإعزاز حيث قتلت مدفعيتها 28 من مقاتلي داعش شمالي مدينة حلب، بموازاة استهداف مواقع لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق.
ولكن الموقف المقابل لا يبدو حتى الآن مرحباً بالمبادرة التركية مع عودة طائرات التحالف الدولي إلى أجواء مدينة منبج بعد شهر من غيابها، وأغارت على مواقع التنظيم، بعدما استهدفت غاراتها خلال الأيام الماضية مواقع «المعتدلة» بدل داعش في مارع.