هل يشهد الغرب حركة احتجاجية واسعة ضد الحرب على سورية؟

هل يشهد الغرب حركة احتجاجية واسعة ضد الحرب على سورية؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٤ مايو ٢٠١٦

في لقاء جمع عدداً من اليساريين والقوميين، وليبراليين وإسلاميين عرب، بعضهم يعيش في بلدانهم، والآخر يعيش في بلاد المهجر منذ عقود، كان بحث معمق في الواقع العربي، وما تتعرض له البلدان العربية وشعوبها، خصوصاً سورية، من مؤامرات وحروب كونية، حيث إن نسبة الدول التي شاركت في الحرب على سورية فاقت عدد الدول التي انخرطت في الحربين العالميتين الأولى والثانية، تضاف إليها استحضار كل مراحل الظلام التي مرّتعلى الشعوب في العالم، من حروب الردة والخوارج والتكفير في أمتنا الإسلامية، إلى أساليب الإبادة البشرية التي اتُّبعت في القارة الأميركية بحق سكانها الأصليين، من قبَل المستعمرين الأوروبيين، إلى خطف هؤلاء المستعمرين الزنوج من أفريقيا واسترقاقهم في القارة الجديدة، إلى حروب المافيات وعصابات المخدرات التي كان بعضها ترعاه الدوائر الاستخباراتية الأميركية والغربية.

وإذا كان لسورية حلفاء ظلوا على مدى الحرب الظالمة أوفياء لها ومخلصين، كحال المقاومة الباسلة في لبنان، والجمهورية الإسلامية، والاتحاد الروسي، إلا أن مواجهة هذه العدوانية الهمجية التي ليس لها حدود، لم تجرِ مواجهتها بشكل صحيح على المستوى العالمي، ولم يتم فضح قوى الظلام الرجعية التي تغذي الفتن السياسية والمذهبية والطائفية على الساحة العالمية، كما لم يتم حتى فضح الدور الأميركي والغربي والصهيوني على هذه الساحة.

وبرأي هؤلاء فإن الصمود السوري الأسطوري جعل الحكومات الداعمة للعدوان تتآكل من الداخل، وتتزايد فيها الصراعات، وفضح كثيراً من الأدوار الغربية التي دعمت الإرهاب وشكّلت رافعة له، بعد أن بدأ مرحلة عودة الإرهابيين من حيث أتوا.

وعدّد هؤلاء أشكالاً من الأزمات التي تعانيها الدول المشاركة في الحرب العدوانية على سورية، ففي تركيا باتت أبسط تهمة توجَّه إلى رجب طيب أردوغان هي صفة الغدر، بعد أن أسقط عبدالله غول، وحاول أن يقتل فتح الله غولن، وها هو يُسقط بالضربة القاضية مَن حاول أن يرسم لحاله هالة بأنه "كسينجر تركيا"، وعنينا به أحمد داود أوغلو، فبعد أن كان العقل الأيديولوجي لأردوغان، ها هو أردوغان يدعسه لصالح صهره أو صديقه.. بالإضافة إلى قمعه لكل أصوات المعارضة التركية.

وهنا يصف المعلقون الأتراك، أردوغان بـ"جنون العظمة"، لدرجة أنه يحتار في أن يكون خليفة "داعش"، خصوصاً أن أحد أولاده يوصف بـ"وزير نفط داعش"، أو خليفة من زمن عتيق، حينما كانوا يسملون عيون أبنائهم أو يقتلونهم لأنهم يحبون أبناء إحدى الزوجات أو الجواري أكثر من الأخريات.. وفي النتيجة كانت أن ضاعت الإمبراطورية.

وفي السعودية، تتزايد الصراعات بين وليي العهد، في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، كما أن ما بقي من أبناء عبد العزيز لم يعودوا يحتملون التهور السعودي الذي اندفع في كل اتجاه، ووسع مساحات العداء لمملكة أبيهم، فأخذت الأصوات تتعالى بأشكال مختلفة، محذرة من مصير "الدولة الوهابية".

أما في الأردن فحدّث ولا حرج عن الأزمات التي تعيشها المملكة الهاشمية، التي لم تعد تحتمل ضغوطات خصمها التاريخي اللدود في الحجاز ونجد، في ظل صراعات داخلية متفاقمة يؤججها "الإخوان" المدعمون تركياً وسعودياً وقطرياً.

هذا في المحيط الأقرب إلى سورية، أما الأبعد، فالغرب الأوروبي بدأ الخوف يدب في ركابه من عودة موجات الإرهابيين، والتي تُرجمت بشكلها الدموي في باريس وبروكسل وغيرهما.. في وقت أخذت الحرب على سورية تستهلك رؤساء جمهوريات وحكومات ووزراء غربيين، فبعد النهاية المدوية لساركوزي، ها هي شعبية هولاند، المقبل بعد عشرة أشهر على انتخابات رئاسية، في الحضيض،ولا تتجاوز الـ15 بالمئة، وفي بريطانيا بدأت روائج فضائح رئيس الحكومة تزكم الأنوف.

أما في الولايات المتحدة، ومهما كان الرئيس المقبل، فإنه لم يعد قادراً على نشر ملايين الجنود في الخارج، يكفيه الخسائر في كثير من الأمكنة، وكل المرشحين يتمنون لو أن أوباما يوفر الحل لهم مع بوتين، ليرتاحوا من هذا الهم، خصوصاً هيلاري كلينتون، التي التهمتها الحرب على سورية من وزارة الخارجية.

هذه الصور السريعة التي رسمها الواقع العربي والدولي، طرحت أمامهم مهمة: ماذا يمكن أن يفعلوا لمواجهة هذا الواقع؟

الخلاصة، هناك رأي عام عالمي واسع يمكنه أن يشكّل أكبر أدوات الضغط على الغرب، لم يجرِ استغلاله والتأثير به كما يجب، وهو المتمثل في القوى اليسارية وقوى واسعة جداً ضد العولمة، التي يُفترض استنهاضها، وجعلها تنخرط في تحرك واسع لفضح أدوار سلطاتهم في دعم الإرهاب التكفيري، وتوفير الدعم له بشتى الأشكال، من الدعم البشري، من خلال السماح لموجات من التكفير بالتوجه للقتال في سورية عبر تركيا والأردن، وفي مختلف أشكال التسلل إلى الداخل السوري، أو من خلال الدعم اللوجستي والإعلامي، حيث إن بعض الفيديوهات التي توزعها "داعش" و"النصرة" تدل على تقنية هوليودية بالغة.

فالإرهاب برأي هؤلاء الذي جمعتهم الصدفة، يدق أبواب الغرب بقوة، وهذا وحده دافع لأن تبدأ حركة واسعة على الأرض، يشارك فيها عشرات الآلاف إن لم يكن مئات الآلاف في كل مكان من أجل مواجهة أعداء سورية في كل مكان، وكشف حكومات الغرب المنحازة إلى الإرهاب في سورية.. علماً أن هناك طاقات سورية وعربية في دنيا الاغتراب يمكن أن تتحرك من أجل قضية وطنها الأم، سواء عبر الانخراط في تحرك جماهيري واسع، أو عبر رفع دعاوى جنائية في المحاكم الوطنية التي تنتشر فيها، عن قادة ووزراء في دول أيديهم ملطخة بدماء السوريين، ويذكرون كيف أن الغانية الموسادية تسيبي ليفني وقبلها معلمها اريئيل شارون، امتنعوا عن زيارة بعض الدول الأوروبية حينما تقدّمت دعاوي ضدهما بتهمة قتل الفلسطينيين.. فهل سنرى مثل هذه الحركة الواسعة في كل العالم؟