عاصفة إسرائيلية في ذكرى المحرقة: لا تشبهوننا بالنازية!

عاصفة إسرائيلية في ذكرى المحرقة: لا تشبهوننا بالنازية!

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٦ مايو ٢٠١٦

أثار نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال يائير غولان، عاصفةً سياسية، حينما أعلن في خطابه في احتفالات ذكرى المحرقة النازية أنه يشعر بالخوف عندما يلحظ أنه "عندنا سياقات تبعث على القشعريرة ووقعت في اوروبا بشكل عام، وفي المانيا بشكل خاص، في حينه، قبل سبعين، ثمانين، وتسعين عاماً، وتجد دليلاً لها هنا في اوساطنا في العام 2016". وقاد كلامه عن مظاهر "الحَيوَنة والوحشية وكراهية الأجنبي" إلى سجال واتهامات ومطالبات بالتراجع عن هذا الكلام حتى لا يخدم منكري المحرقة ومن يتهمون إسرائيل بالنازية.
ودعا غولان، وهو ابن عائلة ناجية من المحرقة النازية، الإسرائيليين الذين استمعوا إلى خطابه في ذكرى المحرقة الى "حساب وطني للنفس"، شارحاً أهمية "طهارة السلاح"، ومحذراً من "سياقات قد تقودنا في المستقبل الى طريق مظلم وخطير". وطالب بأن تشكل المحرقة "دعوة إلى تفكير عميق حول طبيعة الانسان، حتى عندما يكون هذا الانسان هو نحن أنفسنا"، مضيفاً أنه "ينبغي للمحرقة أن تقود الى التفكير في حياتنا العامة، بل وأكثر من ذلك، أن تقودنا الى ذلك بكل من يمكنه، وليس فقط من يريد، أن يتحمل المسؤولية العامة، إذ انه إذا كان هناك شيء يخيفني في ذكرى الكارثة، فهو ملاحظة سياقات تبعث على القشعريرة ووقعت في اوروبا بشكل عام، وفي المانيا بشكل خاص، في حينه، قبل سبعين، ثمانين وتسعين سنة، وتجد ترجمة لها هنا في اوساطنا في العام 2016. إذ ليس أسهل وأبسط من أن نكره الاجنبي، ليس أسهل وأبسط من اثارة المخاوف والرعب. ليس أسهل وابسط من الحيونة، الوحشية والمزايدة".
كما تناول غولان بتوسع السجال العام الجاري في الاسابيع الماضية حول "طهارة السلاح" بسبب قضية إطلاق الجندي اليئور أزريا النار على شاب فلسطيني جريح في الخليل. وقال إن "الحالات الشاذة في استخدام السلاح، والمس بطهارة السلاح، وقعت في تاريخ الجيش الاسرائيلي منذ تأسس. وقلق الجيش الاسرائيلي كان دوماً حول قدرتنا على التحقيق في الاحداث القاسية دون تحيز، التحقيق في السلوك الاشكالي بشجاعة وأخذ المسؤولية الكاملة عما هو جيد، ولكن ايضاً عما هو سيئ ومرفوض. لم نبرر، لم نغطِّ، لم نطمس، لم نغمز ولم نتعذر. طريقنا كانت وستكون طريق الحقيقة وتحمل المسؤولية، حتى لو كانت الحقيقة قاسية والمسؤولية ثقيلة. نحن نؤمن جداً بعدالة طريقنا، ولكن ليس كل ما نفعله عادلاً. نحن واثقون بالمستوى الاخلاقي للجيش الاسرائيلي كمنظمة، ولكننا لا نتجاهل شذوذ الافراد. نحن نطالب جنودنا بالضبط بما نطالب به أنفسنا، ونصر على أن تكون القدوة الشخصية الطبيعة الثانية لكل قائد".
وعلى الفور أثار نشر الخطاب وحدّة هذا الكلام عاصفة سياسية وسجالاً معمقاً بين مختلف الرؤى والمواقف. فقد أعلن وزير التعليم نفتالي بينت أنه "قبل أن يجعل منكرو المحرقة هذا الكلام الخاطئ إلى راية، وقبل أن يقارنوا بين جنودنا والنازيين بتسويغ من أعلى المستويات، نقول إن نائب رئيس الأركان أخطأ. وعليه تصحيح كلامه فوراً". وحمل عضو الكنيست من "البيت اليهودي" بتسلئيل سموتريتش على الجنرال غولان معلناً أن "ما يخيفني هو المقارنات عديمة الأساس والمشوهة التي تمس بذكرى المحرقة، وخصوصاً عندما تأتي من أشخاص مهمين مثل نائب رئيس الأركان". وقالت وزيرة العدل، أييلت شاكيد، إن "الأمر اختلط على نائب رئيس الأركان. إنه مبلبل بعض الشيء، وأقواله تشهد أساساً على قلة الفهم إن لم تكن استخفافا بالمحرقة". من جهته، اعتبر وزير المالية موشي كحلون أن "كلمات نائب رئيس الأركان ليست مناسِبة ولم تصغ بحرص. كنت أود ترك هذا القول من خلفنا".
لكن وزير الدفاع موشي يعلون دعم غولان، قائلاً "عندي ثقة كاملة بنائب رئيس الأركان الجنرال يائير جولان، المقاتل والقائد الذي ينال التقدير". وأضاف أن "الحملة عليه ناجمة عن تفسير مشوه ومقصود لكلامه، وهي محاولة أخرى في الحملة المقلقة والمزعجة للمس سياسياً بالجيش الإسرائيلي وضباطه. ويل لنا إن تركنا هذا يحدث. واجب كل قائد في الجيش، خاصة الكبار، لا يتلخص فقط بقيادة الجنود إلى الحرب، إنما يلزمه بأن يرسم لهم الطريق ويحدد القيم بمساعدة البوصلة والضمير".
وأعلن زعيم المعارضة اسحق هرتسوغ أن "نائب رئيس الأركان قائد شجاع. والمهووسون الذين بدأوا بالصراخ الآن ضده ينبغي لهم معرفة أنه هكذا تبدو الأخلاق والمسؤولية. ونحن لم نخف من الصراخ وقذارة الكلمات، وسنواصل تأييد الجيش وقادته". كما أن عضو الكنيست نحمان شاي، من المعسكر الصهيوني، أيد جولان قائلاً إنه قبل الصراخ عليه ينبغي "الإصغاء لكلامه. هذا تحليل محزن، لكنه حقيقي لمزاج الجمهور الإسرائيلي، كما يتبدى أيضاً في أحداث عسكرية عملياتية. ينبغي النظر في هذا الواقع ومحاربته، وليس قتل الرسول".
ولكن عضو الكنيست من "هناك مستقبل"، يائير شتيرن قال: "أعتقد أن الرسالة صائبة، لكن المكان والتوقيت غير ذلك. وقصد نائب رئيس الأركان واضح. لو كنت مكانه لاخترت توقيتاً آخر. لكن علينا ألا نحتار: يائير جولان ضابط ممتاز، محترف وقيمي، وهذا أمر يزعجه ويزعجني".
أما زعيمة حركة "ميرتس"، زهافا غالئون، فرأت أن "أقوال نائب رئيس الأركان تعبر عن عمق الأزمة الخطيرة القائمة بين المستوى القيادي في الجيش وبين المستوى السياسي الذي يزعزع قيم الجيش، ويشجع على الارتجال ويتركهم أمام جهات داعية للتمرد". وأوضحت غالئون أن "سلوك المستوى السياسي يعرض إسرائيل للخطر مرتين: مرة وجود إسرائيل كدولة ديموقراطية ومرة أخرى قدرتها على الدفاع عن نفسها".
وتحت ضغط أوساط يمينية، بينها من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على وزير الدفاع موشي يعلون، اضطر غولان أن يصدر توضيحا عبر المتحدث بلسان الجيش جاء فيه أن "نائب رئيس الأركان يود التوضيح أنه لم يقصد أبدا المقارنة بين الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل، والسياقات التي وقعت في ألمانيا قبل 70 عاماً. فمثل هذه المقارنة سخيفة وعديمة الأساس، ولم يكن هناك أي قصد بخلق مثل هذه المقارنة أو انتقاد المستوى السياسي".