أميركا و«اسرائيل».. إختلال بالرؤية الاستراتيجية للتهديدات في الشرق الأوسط

أميركا و«اسرائيل».. إختلال بالرؤية الاستراتيجية للتهديدات في الشرق الأوسط

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٤ مايو ٢٠١٦

كتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية مقالًا عن المحادثات التي تتعلق بالمساعدات الامنية الامريكية الى "اسرائيل"، والخلافات التي ما زالت قائمة بين الطرفين حولها ما يمنع الاتفاق على هذه المساعدات، فأشارت الصحيفة الى "ان رسالة الـ 83 سناتورا، الذين يبدون الاستعداد لتأييد اتفاق بعيد المدى تزيد بشكل كبير المساعدات الامنية لـ"اسرائيل"، وهي خطوة هامة لمجرد كونها من الحزبين وتعكس التأييد الواسع "للكيان الصهيوني" في مجلس الشيوخ". ومع ذلك اضافت الصحيفة انه من المهم ان نفهم بأن الاختلال لا يتركز على حسابات الارقام بل في الرؤية الاستراتيجية للتهديدات في الشرق الاوسط، في فكر وتقديرات ومواقف الطرفين. وقد اشارت الى الاختلافات المركزية الثمانية:

• الاختلاف في الرؤية الاستراتيجية: في فكر "اسرائيل"، فإن الاتفاق مع ايران أضر بأمنها وبالتالي يجدر بالولايات المتحدة، التي قادت الاتفاق، ان تساعدها على مواجهة ما فيه من مخاطر. ومن الجهة الاخرى، ترى ادارة اوباما في الاتفاق انجازا استراتيجيا سيقلص التهديد النووي على "اسرائيل".

•الاختلاف الايديولوجي: ترى الادارة الامريكية ان المسيرة السلمية، هي الحل الافضل لأمن "اسرائيل"، بينما ترى "تل ابيب" مخاطر أمنية هامة ستنشأ بالذات في أعقاب اتفاق السلام. اضافة الى ذلك، تشكك الادارة في تماثل القيم والمصالح عند "الكيان"، التي شكلت اساسا للمساعدة السخية لإسرائيل في السنوات الماضية.

•الاختلاف في التوقعات: توقعت "اسرائيل" زيادة مليار دولار في السنة على الاقل في المساعدات. اما الادارة فتعرض ارتفاعا بنسبة 20% فقط عن المبلغ السنوي المقدم، لتصل قيمة المساعدات الى 3.7 مليارات دولار. وحقيقة أن العلاوات التي خصصها الكونغرس والمعدة للدفاع ضد الصواريخ أدخلتها الادارة في أساس المساعدات، مما يجعل العلاوة العامة هامشية عمليا. وتطلب الادارة من "اسرائيل" التزاما بعدم طلب علاوات خاصة من الكونغرس تتجاوز المساعدات التي يتفق عليها.

•الاختلاف في فهم القيود المالية في ميزانية الولايات المتحدة: تشير الادارة الامريكية الى التقليص في ميزانية البنتاغون والى الصعوبة تقديم المساعدات الامنية لحلفائها. "اسرائيل" تتلقى اكثر من نصف المساعدات الخارجية الامريكية، اما "اسرائيل" بالمقابل فتشير الى التأييد الاستثنائي لها في الكونغرس والى المنافع الامنية للولايات المتحدة كنتيجة لتعزيز قوتها.

•الاختلاف في تقدير سياسة الادارة التالية: تشير ادارة اوباما الى المصاعب التي ستكون لكل ادارة مستقبلية، جمهورية كانت أم ديمقراطية،  لزيادة المساعدات لـ"إسرائيل". أما في "اسرائيل" في المقابل، فيقدر الكثيرون بان كل ادارة مستقبلية تقريبا ستغير الموقف السلبي لاوباما تجاه الشرق الاوسط وسترى في تعزيز "اسرائيل" جزءاً لا يتجزأ من هذه الاستراتيجية.

•الاختلاف حول التركيبة الداخلية للرزمة: منذ الغاء مشروع طائرة "هلفي" الاسرائيلية، في نهاية الثمانينيات، سمح لإسرائيل بان تستبدل نحو ربع المال الذي تتلقاه بالدولار بالشيكل العملة "الاسرائيلية" لغرض مشتريات من الصناعات الامنية الاسرائيلية، وهذا الامر سبق ان لحقت به أضرار. اما الادارة الحالية في البيت الابيض فتؤيد الغاء هذا الترتيب في رزمة المساعدات، حتى وان كان بالتدريج. ويدور الحديث عن اضرار شديدة بالصناعات الامنية الاسرائيلية المحلية وعبء بمقدار 3 مليارات شيكل على ميزانية الحرب الصهيونية.

•الربط بالموضوع الفلسطيني: يخشى "نتنياهو" من أنه اذا منح اوباما فرصة لان يثبت مرة اخرى تأييده الذي لا جدال فيه لأمن "اسرائيل" من خلال الاتفاق مع الفلسطينيين، فان الامر سيسهل على الادارة الامريكية العمل في الساحة الفلسطينية حتى في مواضيع لا يوجد فيها اتفاق مع "اسرائيل".

•الاختلاف في موضوع الثقة الشخصية: العلاقات بين اوباما و"نتنياهو" تعاني من نقص اساسي في الثقة نشأ مع السنين وبلغ ذروته في المواجهة بين الرجلين بعد الاتفاق النووي مع ايران. ويجعل انعدام الثقة صعبا على قدرة الزعيمين في الوصول الى لقاء قمة يحسمان فيه المسائل المركزية للمساعدات الامنية.

الجدير بالذكر ان الحكومة "الاسرائيلية" اتخذت في صيف 2015 نهجا كيديا حيال الادارة وابدت عدم اكتراث للاقتراحات الامريكية لاعطاء جواب أمني شامل للمخاطر النابعة من الاتفاق مع ايران. اما رفض البحث مع وزير الحرب في موضوع التعويض لـ"إسرائيل" قبل اقرار الاتفاق والتصويت عليه، وكذلك الخطاب الاستفزازي في الكونغرس، فقد اضعفا موقف اسرائيل جدا.  تجد اسرائيل نفسها في بحث احادي البعد عن المساعدات وليس في بحث شامل في جملة المسائل الهامة لأمنها، وذلك امام ادارة اكثر تصلبا في مواقفها عن سابقاتها.