فرنسا: صحافي يتسلل داخل خلية إرهابية لستة أشهر

فرنسا: صحافي يتسلل داخل خلية إرهابية لستة أشهر

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢ مايو ٢٠١٦

تمكن صحافي فرنسي مجهز بآلة تصوير خفية، من التسلل طيلة ستة أشهر داخل خلية إرهابية تعمل في باريس وضواحيها، فواكب استعداداتها لارتكاب إعتداء قبل أن يلقى القبض على جميع أفرادها تقريباً في نهاية العام 2015.
وتبثّ القناة الفرنسية الخاصة "كنال +" هذا التحقيق الصحافي مساء الإثنين، ومدّته ساعة ونصف ساعة يروي كيف تمكن الصحافي المسلم في القناة سعيد رمزي (اسم مستعار) من كسب ثقة المجموعة، خصوصاً وأنّه "من نفس جيل قتلة اعتداءات الثالث عشر من تشرين الثاني الماضي.
وإذا كانت الاتصالات الأولى عبر موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" بمجموعات تدعو إلى "الجهاد" سهلة، كان لا بد من انتظار بعض الوقت للالتقاء بشخص قدم نفسه على أنّه "أمير" مجموعة من عشرة شبّان بعضهم مسلم بالولادة وبعضهم الآخر اعتنقوا الإسلام.
وتجري الأحداث في بداية الشريط، في مدينة شاتورو، وسط غربي فرنسا، في حديقة تابعة لقاعة تسلية مهجورة في الشتاء. وابتداءً من هذه المرحلة، تكشف تسجيلات الحوارات الدائرة بين أفراد المجموعة بعض دوافع هؤلاء المتجددين في "الجهاد"، الذين على الرغم من مراقبتهم من قبل أجهزة مكافحة الإرهاب يتمكنون من الالتقاء والتخطيط لارتكاب اعتداءات.
وقال سعيد رمزي لوكالة "فرانس برس" إنّ "هدفي كان محاولة فهم ما يدور في رؤوسهم، وما أستطيع أن أؤكده أنني لم أر إسلاماً في كل هذه القضية. إنّهم مجرد شبان محبطين ضائعين أصحاب ميول إنتحارية يمكن التلاعب بهم بسهولة. ومن سوء حظهم أنهم عاشوا في مرحلة ظهر فيها تنظيم داعش. الأمر محزن للغاية. إنّهم يبحثون عن قدوة وهذا ما وجدوه".
وخلال لقائهم الأوّل، حاول أمير المجموعة وهو شاب فرنسي من أصل تركي، يُدعى أسامة، إقناع الصحافي الذي لم يكن يعرفه سوى باسم أبو حمزة، بأنّ "الجنة بانتظارهم في حال قاموا بعملية انتحارية في سوريا أو فرنسا".


الجنة والحوريات
واقترب الأمير من الصحافي وقال له همساً، كاشفاً عن ابتسامة مخيفة "إن كنت تنشد الجنة إليك الطريق"، مضيفاً: "لنترافق إلى الجنة يا أخي، الحوريات بانتظارنا وسيكون الملائكة خدامنا. سيكون لك قصر وحصان مجنح تمتطيه مصنوع من الذهب والجواهر".
وخلال لقاء إمام مسجد في ستان، في ضواحي باريس، التفت عضو في المجموعة إلى طائرة تقترب من مدرج مطار بورجيه وقال: "بواسطة قاذفة صواريخ صغيرة بإمكانك أن تسقطها... تقوم بذلك وتعلن تبني الدولة (تنظيم داعش)، فترتجف فرنسا لقرن من الزمن".
وبعضهم مثل أسامة، يحاولون الوصول إلى "أرض الخلافة" في سوريا. اعتقلته الشرطة التركية وسلمته لفرنسا حيث أمضى خمسة أشهر في السجن، قبل أن يطلق سراحه. وعلى الرغم من وضعه تحت المراقبة وإجباره على المرور يومياً على مقر للشرطة، فقد تمكّن من العمل مستخدماً تطبيق "تليغرام" للتواصل وإعطاء المواعيد للتخطيط لارتكاب إعتداء في فرنسا.

ضرب قاعدة عسكرية
يقول أسامة، في أحد اللقاءات: "لا بد من ضرب قاعدة عسكرية، وعندما يتناولون الطعام، يكونون جالسين على مستوى واحد، ولن يكون علينا سوى إطلاق النار عليهم! كما بالإمكان ضرب الصحافيين مثل بي أف أم، وإي تيلي، فهم في حرب ضد الإسلام. وكما حصل مع شارلي إيبدو، لا بد من ضربهم بقوة. وإذا فاجأناهم لن يتمكنوا من الدّفاع عن أنفسهم، لأنّ الحماية المؤمنة لهم ليست قوية. لا بد من أن يموت الفرنسيون بالآلاف".
وتسارعت الأمور عندما عاد المدعو أبو سليمان، الذي لم يلتق به الصحافي على الإطلاق، وهو من الرّقة في سوريا، وأعطاه موعداً في محطة لقطار الأنفاق السريع. هناك قامت امرأة مرتدية النقاب بتسليمه رسالة تتضمن خطة إعتداء جاء فيها: استهداف ملهى ليلي وإطلاق النار بهدف القتل، وانتظار وصول قوات الأمن لتفجير الأحزمة الناسفة.
وقال أعضاء في المجموعة في أورليان (وسط غرب)، إنّهم تمكنوا من الحصول على رشاش "كلاشنيكوف"، إلاّ أنّ الخناق كان بدأ يضيق عليهم.
وهنا، بدأت الاعتقالات، وأرسل أحد أفراد المجموعة الذي أفلت من قبضة الشرطة رسالة نصية إلى هاتف الصحافي يقول له فيها: "أنت ميت أيّها الحقير".
وخلص الصحافي إلى القول: "إنّ تسللي انتهى هنا"، مضيفاً أنّ هدفه كان "الكشف عن خلفيات تنظيم يعرف كيف يصنع صورته"، وقد تحقق هدفه هذا.