سورية : الحوار صار متوازيًا مع النار

سورية : الحوار صار متوازيًا مع النار

أخبار عربية ودولية

الأحد، ١٤ فبراير ٢٠١٦

رفعت البدوي*

كثرت في الآونة الاخيرة المواقف والتصريحات المتباينة حول امكانية تدخل قوات سعودية تركية مع ما يسمى "التحالف الاسلامي" في الحرب الدائرة على الارض السورية والحجة هي محاربة الارهاب.

الاعلان عن مثل هذا الامر وترجمته على أرض الواقع ليس بالأمر السهل ونتائجه ليست مضمونة وعواقب فشله فيما لو تم التدخل  ستكون بالطبع وخيمة على الصعيدين الداخلي لكل من تركيا والسعودية وبالطبع على الصعيد الاقليمي ما يترك آثاراً سلبية في العلاقات الدولية خاصة ان دولة كبرى مثل روسيا هي المعنية بموضوع التدخل المحتمل بعيدا عن كل الانفعالات والمواقف المندفعة لنأخذ الموضوع من جوانب عدة اهمها، الاسباب، القانون الدولي، الاحتمالات والنتائج.....

في الاسباب نرى ان الازمة السورية دخلت عامها الخامس وسفك فيها الكثير من الدماء ومورس خلالها الدمار والتهجير ولم يتحرك اي من تركيا ولا السعودية لنجدة الشعب السوري بل حصل العكس تماما فكانت السعودية وتركيا وقطر في مقدمة البلدان التي قدمت شتى انواع الدعم العسكري والمالي والسياسي لما وصف بالارهابيين في سوريا فلماذا بعد مرور الخمس سنوات جاءت الصحوة السعودية التركية القطرية؟

لنصل الى السبب الرئيس وهو انقلاب المشهد الميداني بمساندة الغطاء الجوي الروسي والدعم الواضح من المقاومة اللبنانية وبعض المستشارين الايرانيين ما اسهم بالتقدم الواضح للجيش العربي السوري واستعادة المساحات الواسعة من المدن والجغرافيا واعادتها لحضن الدولة السورية ما اخلّ في الميزان الميداني لصالح الجيش السوري ومحور المقاومة، بالاضافة الى خسارة الحلم الذي راود اردوغان باقامة المنطقة العازلة داخل الاراضي السورية وخروج كل من تركيا والسعودية وقطر من اللعبة بخسارة مدوية وفقدان اي من الاوراق المؤثرة.

أما في القرارات الدولية واذا ما اردنا الدخول في قرارات الامم المتحدة، فاننا سنجد القرار رقم 2231  الذي حرم تدخل دولة بشؤون دولة اخرى وتحت اي ذريعة كانت، لكن في الوقت عينه فان محاربة الارهاب اباحت للدول التدخل بحجة منع انتشار الارهاب واخماده في مكانه في اي دولة، وجود هذا الأمر استعمل للتلطي والتخفي خلفه لذلك ما تم الإعلان عنه عن النية التركية السعودية القطرية الاماراتية البحرينية للتدخل يأتي تحت عنوان محاربة الارهاب، لكن في حقيقة الامر فان التدخل المزمع تنفيذه سيكون محاولة يائسة لوقف تقدم محور المقاومة في الميدان العسكري وانقاذ ما يمكن انقاذه والسعي للحصول على وقف لاطلاق النار ليصبح التفاوض بعيدا عن تأثير المدافع او بواسطة النار..

اما ماذا عن الاحتمالات

اما الاحتمالات تبدو ضعيفة ومتعثرة جدا للقيام بمثل هذا التدخل حتى الان، لانه ورغم انعقاد مؤتمر جنيف 3 واليوم مؤتمر دولي في ميونخ ايضا، وحتى امكانية استئناف المحادثات في 25 من الشهر الحالي في جنيف يعتبر غير كاف لانه حتى اللحظة لم يتم تحديد المنظمات الارهابية التي يراد محاربتها، وهناك اختلاف كبير بين روسيا وامريكا وبين مختلف الافرقاء لجهة تسمية التنظيمات الارهابية وهذا الامر كفيل بنسف كل جولات التفاوض.

زيارة ملك البحرين الى روسيا وصلت مفاعيلها واصداؤها الى المملكة العربية السعودية التي قررت تحديد موعد زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الى موسكو في الشهر القادم.

الحوار صار متوازيا مع النار

 اردوغان يقول لا يمكن حل الأزمة السورية دون منطقة حظر للطيران ومناطق آمنة داخل سوريا، واردف قائلا نحن صبرنا ما فيه الكفايه على ما يجري في سوريا ولكن صبرنا نفذ وسنقوم بما يلزم لوقف هذا النزف.

التهديدات التركية السعودية قابلها قابلها رد روسي قاس على لسان رئيس وزراء روسيا مدفيديف حيث قال ان اي تدخل تركي عسكري في سوريا سيشعل حربا عالمية.

فيتالي تشوركين مندوب روسيا للامم المتحدة قال ان اي تدخل عسكري في سوريا سيعتبر بمثابة اعتداء على السيادة السورية واذا اردتم محاربة الارهاب عليكم الحصول على قرار واضح من الامم المتحدة وعليكم القبول بالخطة الروسية.

عندما يتزامن تصريح الامم المتحدة الذي يشير الى وجود 120 الف مهددٍ بالجوع، مترافقاً مع نبره عاليه في خطاب اردوغان اضف الى ذلك سماع صوت الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي الذي افاق من غيبوبة طويلة، داعيا المجتمع الدولي لاتخاذ قرار ملزم بضرورة وقف الحرب في سوريا متناغما مع صراخ اشتون كارتر الذي هدد وايد عملية اطلسية في بحر ايجة لوقف تدفق المهاجرين، متهما روسيا بتأجيج الصراع في سوريا.

وصولا الى صراخ الرئيس الفرنسي الذي قال يجب على روسيا وقف قصف المدنيين وعلى الاسد الرحيل فهذا يعني ان سيناريو ليبيا لن يتكرر والكل بات يشعر بالخساره، كل هذا الصراخ قابله تصريح من قبل الكريملين مفاده ان هناك اتفاقا مع امريكا يقضي بضرورة ايجاد حل للازمة السورية وان روسيا قدمت مشروعا للوصول الى اتفاق وقف اطلاق النار في سوريا ولم نزل ننتظر الرد من واشنطن على الصيغة المقترحة.

هذا الامر يقودنا الى استنتاج ان لا صراخ يفيد ولا صراخ الامم المتحدة ولا صراخ نبيل العربي ولا فرنسا ولا حلف الناتو لم يعد مفيداً

ما اتفق عليه بين الرئيس السوري بشار الاسد والرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين في القمة التي جمعتهما في موسكو في العام المنصرم يجري تنفيذه وبدقة متناهية ولا رجوع عنه قبل بلوغ الهدف وتحقيق المبتغى مهما بلغت الضغوط والتضحيات ومهما علا الصراخ.

باختصار، لا منطقة عازلة ممكنة، ولا تدخلا عسكريا مباشرا يمكن أن يحدث، لا بل من غير المسموح به تحت طائلة المسؤولية، الخاسر الاكبر رجب اردوغان والسياسة السعودية المتبعة منذ اكثر من خمس سنوات متتالية، الكل بات يدرك انه اصبح خارج اللعبة وخسر الاوراق التي كانت بحوزته وان اوراق اللعبة تجمعت في موسكو ودمشق وان مجال المناورة صار ضيقاً والكلمة الفصل للرئيسين الاسد وبوتين ولن يقبلا الا بتفيذ المرسوم ووضع الجميع امام الواقع الجديد.

الايام القادمة ستشهد تطورات توصف بالتاريخية

اخر شهر نيسان المقبل المهلة الزمنية التي اطلقها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لاتمام التحالف المزمع للتدخل في سوريا ربما بلوغ نهاية شهر نيسان سيكون وقتا كافيا لاسترداد مناطق متعددة مثل حلب وريفها وادلب بالكامل والاطباق على منافذ الحدود مع تركيا عندها يصبح امر التدخل التركي السعودي القطري أمرًا من الماضي بل هو أمر مستحيل.

هل تنبهتم الى تصريح المسؤول العسكري الروسي الرفيع  في وزارة الدفاع الروسية عندما قال ان الكلام عن استحالة الحل العسكري في سوريا، الآن صار أمرًا واقعيًّا وممكنًا؟

العهد