ريف حلب الشمالي: متغيرات عسكرية يسمع صداها سياسيا

ريف حلب الشمالي: متغيرات عسكرية يسمع صداها سياسيا

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٣ فبراير ٢٠١٦

تتصدر محافظة حلب الأحداث، في الأسبوعين الأخيرين، وتشغل موقعا مركزيا في معادلة الصراع المحلي والإقليمي والدولي في سوريا. فهل تشكّل أحداثها مفتاحا للحسم أم مدخلا إلى مزيد من التصعيد؟

وبدا واضحا أن العملية العسكرية الروسية الكبيرة في سوريا تتجه نحو استكمال تغيير المعادلة الميدانية في الشمال الغربي، والتي تشكل فيها حلب بيضة الميزان، بعدما كانت لسنوات ثلاث ساحة صراع لمختلف القوى العسكرية من دون أن ينجح طرف من الأطراف في فرض سيطرته على الآخر.

وقد تمكن الجيش السوري و"قوات سوريا الديمقراطية"، بدعم جوي روسي، من السيطرة على أهم المفاصل في محافظة حلب، بدءا من مطار كويرس العسكري وتلة برلهي في الشرق، إلى مطار منغ العسكري وبلدات ماير ورتيان ونبل والزهراء ومقالع قرية الطامورة في الشمال إلى بلدة قال والحاضر والعيس في الجنوب.

هدف موسكو، كما يرى خبراء، هو إغلاق الحدود التركية السورية نهائيا والحيلولة دون دخول مقاتلين وأسلحة للجماعات الإرهابية أولا، وحصر هذ الجماعات بين فكي كماشة الجيش السوري و"قوات سوريا الديمقراطية" ثانيا.

وتحقيق هذا الهدف يتطلب تحقيق السيطرة على كامل الحدود التركية - السورية غرب نهر الفرات التي يبلغ طولها نحو 160 كلم، وهي منطقة منقسمة بين ثلاثة قوى:

 داعش يسيطر على نحو 100 كيلومتر بين جرابلس في الشرق وأعزاز في الغرب.

 "وحدات الحماية الكردية" و"قوات سوريا الديمقراطية" تسيطران على نحو 45 كلم في منطقة عفرين من

 فصائل إسلامية أخرى تسيطر على شريط ضيق بطول نحو 15 كلم شمال أعزاز.

أعزاز

تشكل مدينة أعزاز موقعا استراتيجيا بالغ الأهمية في ريف حلب الشمالي، فهي تقع في وسط الريف الشمالي على الحدود التركية، فاصلة بين شرقه وغربه، كما أنها تقع على الطريق الدولي من غازي عنتاب في تركيا إلى مدينة حلب.

وتعتبر المدينة معقلا هاما لعدد من الفصائل الإسلامية مثلما تعتبر مدينة الباب في الريف الشرقي معقلا مهما لـ "داعش"، حيث استطاعت الفصائل إبقاء سيطرتها عليها خلال فترة طويلة، منذ منتصف يوليو/تموز 2012.

لكن الأمور الآن تجري في غير صالح الفصائل، إذ أصبحت مدينة إعزاز ومحيطها قاب قوسين أو أدنى من الوقوع تحت حصار الجيش السوري في الريفين الجنوبي والشمالي، و"قوات سوريا الديمقراطية" و"وحدات حماية الشعب الكردي" المدعومتين من قبل روسيا والولايات المتحدة في الريف الغربي، و"داعش" في الريفين الشمالي والشرقي.

ونجحت مجموعات من "وحدات حماية الشعب" و"قوات سوريا الديمقراطية" من طرق أبواب مدينة أعزاز ومحيطها من جهة الغرب والشمال، في تقسيم واضح للمعارك: قوات الحماية الكردية اقتربت من غرب المدينة في محيط مشفى أعزاز الوطني وحاجز الشط، و"قوات سوريا الديمقراطية" تطوق الطريق الدولي بين حلب - أعزاز وتهاجم المدينة أيضا.

المقاربة العسكرية الروسية تستند إلى قيام الجيش السوري بشن هجوم من بلدتي نبل والزهراء نحو الشمال الشرقي إلى كفر نايا وتل رفعت ومارع اللواتي تشكلن مع مدينة أعزاز جغرافيا الفصائل المسلحة، في وقت تشن فيه القوى الكردية هجوما من عفرين في الغرب نحو أعزاز والطريق الدولي.

في هذه الأثناء، يستكمل الجيش السوري عملياته العسكرية في محيط نبل والزهراء، وكان آخرها السيطرة على مقالع قرية الطامورة المطلة على مواقع للمعارضة.

السيطرة على مدينة إعزاز تعني انتهاء سيطرة الجماعات المسلحة في حلب بشكل شبه نهائي، وانتقال الشريط الحدود الذي تسيطر عليه هذه الفصائل إلى الطرف الآخر، إما الجيش أو الوحدات الكردية، التي يرى مراقبون أنها تسارع الوقت للسيطرة على إعزاز وضمها إلى كانتون عفرين.

ما بعد أعزاز؟

إخراج مدينة أعزاز ومحيطها من يد الفصائل المسلحة والإرهابية، سيمنح الجيش والقوى الكردية حرية التحرك أكثر على ثلاث جبهات: الأولى في الشرق حيث المعركة الكبرى في مدينة الباب التي يسيطر عليه "داعش"، والجبهة الثانية في ريف حلب الجنوبي حيث يسيطر "جيش الفتح" وقوى أخرى على بلدات ومدن قريبة من محافظة إدلب، والثالثة معركة مدينة حلب.

وتشكل كفريا والفوعة في إدلب أهمية رمزية كبيرة للجيش السوري وحلفائه على الأرض، وهي على ما يبدو ستكون عنوان المعركة المقبلة بعيد تثبيت الواقع الميداني الجديد في أرياف حلب.

وبدأ الجيش هجوما على مواقع المسلحين في الريف الجنوبي من أجل قطع طرق الإمداد عنهم والسيطرة على الطريق الدولي بين دمشق وحلب.

لكن معركة الريف الجنوبي ستكون أصعب من نظيراتها في حلب، بسبب ملاصقة الريف الجنوبي لمحافظة إدلب في الشمال الغربي لسوريا، وهذه معركة تتطلب تحضيرا جيدا.

ومع ذلك، فإن الجهد العسكري لن يتوقف قبيل تحول الوضع في الشمال الغربي لسوريا، بما فيه محافظة إدلب ذاتها، فمن شأن سيطرة الجيش على هذه المنطقة تغيير خريطة الاشتباك والسيطرة بشكل كبير.

حسين محمد