بين تبريد المنطقة وتفجيرها..هل ينجح المقترح الروسي بوقف إطلاق النار؟

بين تبريد المنطقة وتفجيرها..هل ينجح المقترح الروسي بوقف إطلاق النار؟

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٢ فبراير ٢٠١٦

علي مخلوف
أعلن الكرملين أن المشاورات بشأن وقف إطلاق النار في سوريا لا تزال جارية ولا اتفاق بهذا الخصوص ، وفي وقت سابق قال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن بلاده تناقش مع الولايات المتحدة مقترحات للتوصل إلى هدنة في سوريا، مضيفاً أن هناك عدد من النقاشات مع الولايات المتحدة، بما في ذلك إمكانية عقد هدنة وبحث القضايا الإنسانية".

وكانت موسكو قد قدمت مقترحا لوقف إطلاق النار في سوريا، فيما لا تزال هناك بعض المخاوف لدى واشنطن حيال بعض نقاط المقترح الروسي، بدورها دعت الخارجية الأمريكية إلى وقف إطلاق النار في سوريا والخوض في المفاوضات السياسية دون شروط مسبقة، حيث أوضح المتحدث باسم الوزارة مارك تونر إن الولايات المتحدة تعتبر أن الأولوية لعقد هدنة بين أطراف النزاع في سوريا.

هذه التصريحات سبقت موعد انعقاد مؤتمر ميونيخ اليوم الخاص بسوريا، لكن أكثر ما يلفت من التصريحات قبل هذا المؤتمر ما قاله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من أن واشنطن تقترب من لحظة حاسمة لسوريا، مشيراً إلى أنها إما أن تحرز تقدماً في اتجاه وقف للنار، وإما أن تبدأ التحرك في اتجاه "الخطة ب" وعمليات عسكرية جديدة!

كلام كيري يعني بأن واشنطن تريد أن تقول للروس بأن ميونيخ هو الفرصة الأخيرة، وبعدها لن تعود الممارسات الأمريكية حيال الملف السوري كما كانت في الفترة السابقة، يدل على ذلك عبارة الخطة ب التي تشير إلأى تدخل عسكري غير واضح المعالم! بمعنى آخر أمريكا تجعل الخطة البديلة كورقة أخيرة، لكن ما الذي يجعل واشنطن تلجأ إلى تدخل عسكري؟! أليست قد حققت أهم أهدافها من الأزمة السورية والتي تتمثل في استنزاف الدولة السورية ومقدراتها وإشغال الجيش العربي السوري بمحاربة الإرهاب ومحاولة تفتيته خدمةً للكيان الصهيوني، فما الذي يجعلها تدرج التدخل العسكري كأحد احتمالاتها البديلة؟ ببساطة إن عامل الوقت هو أكثر ما يخيف أمريكا ومن معها، كلما طال الوقت استنُزفت الجماعات المسلحة وتشظت أكثر من ذي قبل، وكلما تأخر الوقت تقدم الجيش العربي السوري لتحرير مناطق جديدة، كما أن الوقت الذي يمضي مسرعاً يهدد أيضاً بإنهاء جبهة الشمال التي نشرت الرعب لدى النظام التركي، فبات ينتقد سياسة واشنطن ويستاء منها، أضيفوا إلى ذلك الاستياء الخليجي من عدم دفع الأمور باتجاه تدخل بري عسكري بإشراف أمريكي، ووسط كل ذلك تتزايد الانتقادات لسياسة باراك أوباما  من قبل أشهر الصحف الأمريكية لمحسوبة على اللوبي الصهيوني وصقور الإدارة الأمريكية، إذاً هناك ضغوط كبيرة جداً على أوباما من داخل البيت الأمريكي ذاته، فضلاً عن طلبات الحلفاء " الخليجيين والأتراك" التي لا تنتهي فيما يخص سوريا.

بالعودة إلى بنود المقترح الروسي، فإن أكثر ما يثير حفيظة راعي البقر الأمريكي، هو البند الخامس منها والذي يقول عند النظر في مسألة وقف إطلاق النار في سوريا يجب استبعاد العمليات التي تستهدف تنظيم داعش وغيره من الجماعات الإرهابية، أمريكا وقفت هنا عند عبارة وغيره من الجماعات الإرهابية ، حيث تعتبر روسيا أن "أحرار الشام وجيش الفتح وجيش الإسلام" حركات إرهابية متطرفة، فيما يدعم حلفاء واشنطن الخليجيون تلك الميليشيات!

كما أن البند الذي يقول  أنه يجب الاتفاق مسبقاً على تشكيل وفد المعارضة على أساس استعداد الجماعات المعنية للمشاركة في أهداف منع الإرهابيين من الوصول إلى السلطة في سوريا مثار جدل أيضاً، أي حول طبيعة هؤلاء الإرهابيين الطامحين للسلطة، فا التيار الإسلاموي "أخوان وغيرهم" منخرط فيما يُسمى بـ "الائتلاف" المعارض ومجلس اسطنبول وغيره، بالتالي كيف سيتم التوفيق بين تصنيف هؤلاء كإرهابيين وحضورهم إلى طاولة مفاوضات مفترضة أمام وفد الحكومة السورية في المستقبل ؟!.

قد تكون مسألة وقف إطلاق النار بمثابة التقاط الأنفاس للجماعات الإرهابية، إن تم الاتفاق عليه، لكن ماذا ستفعل واشنطن في المرحلة التالية هل ستقبل فعلاً بانتصار مشروع الدولة السورية وحلفاءها، واستمرار الرئيس السوري بشار الأسد في قيادة البلاد؟ كيف سيكون موقف الرياض التي يعم فها حقد البداوة إزاء ذلك أيضاً؟ وهل يمكن لواشنطن أن تفجرها حرباً مدوية على الأرض السورية من خلال اللجوء إلى الخطة ب التي تحدث عنها كيري، لا سيما وأن ذلك يتزامن مع الحديث عن قوات "أعرابية" بقيادة النظام السعودي وبمشاركة تركيا.

عربي برس