بيونغ يانغ تتجاهل العالم وتطلق قمرها إلى السماء

بيونغ يانغ تتجاهل العالم وتطلق قمرها إلى السماء

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٨ فبراير ٢٠١٦

انشغل العالم، للمرّة الثانية، في غضون شهر، بـ «حدث العصر» في كوريا الشماليّة، بعدما أعلنت، يوم أمس، عن نجاح عمليّة إطلاق صاروخ بعيد المدى لوضع قمر اصطناعيّ في المدار، ما دفع مجلس الأمن الدوليّ إلى عقد جلسة طارئه للتنديد بعمليّة الإطلاق، متعهداً تشديد العقوبات ضدّ بيونغ يانغ.
وإثر مشاورات مغلقة، أدان مجلس الأمن، بالإجماع، إطلاق كوريا الشماليّة صاروخاً بالستياً، متعهداً «الإسراع في تبنّي قرار جديد» لا يزال قيد التشاور منذ أسابيع عدّة لتشديد العقوبات على بيونغ يانغ، رداً على إطلاق الصاروخ وعلى آخر تجربة نوويّة أجرتها في السادس من كانون الثاني الماضي.
وسيتبنّى أعضاء مجلس الأمن «سريعاً قراراً جديداً يفرض عقوبات ذات دلالة، رداً على هذه الانتهاكات الخطيرة» لقرارات الأمم المتحدة.
وبعد تجربتها النوويّة الرابعة، أعلنت بيونغ يانغ، عبر مقدّمة البرامج الشهيرة في التلفزيون الرسميّ، ري شون هي، إطلاق الصاروخ بأمرٍ من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون شخصيّاً، والذي أتاح «وضع قمرنا الاصطناعيّ لمراقبة الأرض (كوانغميونغسونغ ـ 4) بنجاح في المدار».
وقالت المقدّمة إنَّ «النجاح التامّ في إطلاق كوانغميونغسونغ ـ 4، هو حدث العصر في تطوّر البلاد العلمي والتقني والاقتصادي وقدراتها الدفاعيّة عبر ممارسة الحقّ المشروع في استخدام الفضاء لأغراض سلميّة ومستقلّة».
وذكر التلفزيون الكوري الشمالي أنَّ الصاروخ، الذي أطلق الساعة التاسعة بتوقيت بيونغ يانغ من قاعدة سوهاي في شمال غرب البلاد، دخل المدار بعد عشر دقائق على إطلاقه، في حين لم يصدر أيّ تأكيد خارجي، حتى مساء أمس، لوصول الطبقة الأخيرة من الصاروخ الذي يحمل القمر الاصطناعي إلى مداره. لكن مسؤولاً أميركيّاً في وزارة الدفاع، قال إنَّ آلية الإطلاق «وصلت إلى الفضاء على ما يبدو».
وتعود آخر عمليّة إطلاق مماثلة أجرتها كوريا الشماليّة إلى كانون الأول العام 2012 عندما وضعت في المدار قمراً اصطناعيّاً حمله صاروخ من نوع «اونها ـ 3».
ووفقاً للمدير المشارك والعالم الكبير في برنامج الأمن العالمي لاتّحاد العلماء المعنيين، ديفيد رايت، فإنّه «إذا تمكّنت كوريا الشماليّة من الاتصال بكوانغميونغسونغ-4، فستتعلّم تشغيل الأقمار الاصطناعيّة في الفضاء.. وإذا لم يحدث، فإنَّها اكتسبت خبرة الإطلاق، وتعلّمت المزيد عن إمكانات برامجها الصاروخيّة».
في هذا الوقت، أعلنت وزارة الدفاع الكوريّة الجنوبية أنَّ مسؤولي الدفاع الأميركيّين والكوريّين قرّروا بدء محادثات رسميّة لنشر نظام دفاعي أميركي مضادّ للصواريخ في شبه الجزيرة الكورية، في خطوةٍ تعارضها كل من الصين وروسيا.
وقال قائد القوات الأميركيّة في كوريا الجنوبية، الجنرال كورتيس سكاباروتي، في بيان، «تواصل كوريا الشماليّة تطوير أسلحتها النووية وبرامجها للصواريخ البالستية، ومسؤولية تحالفنا الحفاظ على دفاع قوي ضدّ تلك التهديدات.. سيضيف نظام ثاد قدرة مهمة في نظام صاروخي فعّال ومتعدّد الطبقات».
وبعدما أعربت عن «أسفها في ما يتعلق بإصرار بيونغ يانغ على تنفيذ إطلاق صاروخ برغم المعارضة الدوليّة»، أعلنت الصين، حليفة كوريا الشماليّة، اعتراضها الشديد على نشر هذا النظام قرب حدودها. وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الصينية، هوا شونيينغ، «حين يسعى بلد ما إلى ضمان أمنه، عليه ألَّا يهدّد المصالح الأمنيّة لدول أخرى»، مضيفاً أنَّ خطواتٍ كهذه يمكن أن تضرّ باستقرار المنطقة.
في السياق ذاته، أكَّد قائد العمليّات في هيئة الأركان المشتركة للجيش الكوري الجنوبي، كيم يونغ ـ هيون، أمام النواب، يوم أمس، أنَّ المناورات العسكريّة المشتركة الأميركيّة ـ الكوريّة المقبلة، ستكون الأوسع التي تجرى حتى الآن.
«استفراز»
وسارعت واشنطن إلى إدانة عملية الإطلاق، إذ رأت فيها «استفزازاً كبيراً» يهدّد أمن آسيا والولايات المتحدة، وستكون «عواقبه خطيرة».
وبحسب البيت الأبيض، فإنَّها خطوة «جديدة تؤدّي إلى زعزعة الاستقرار واستفزازيّة وتشكّل انتهاكاً صارخاً للقرارات العديدة لمجلس الأمن الدولي»، مؤكداً أنَّ «برامج الأسلحة النووية والبالستية لكوريا الشمالية، تشكّل تهديداً جدّيّاً لمصالحنا بما فيها أمن بعض من حلفائنا المقرّبين، وتهدّد السلم والأمن في المنطقة».
وطلب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، من كوريا الشماليّة «الكفّ عن أعمالها الاستفزازيّة»، مؤكّداً أنَّ إطلاق الصاروخ «مؤسف جداً»، وينتهك قرارات المنظمة الدوليّة.
بدورها، أدانت فرنسا بشدّة إطلاق بيونغ يانغ الصاروخ، معتبرةً أنَّه «عمل استفزاز جنوني». ودعت إلى «ردٍ سريع وقاس من الأسرة الدوليّة في مجلس الأمن».
موسكو من جهتها، اعتبرت أنّه «مضر جداً» بالأمن الإقليمي، بما في ذلك أمن بيونغ يانغ.
وقالت وزارة الخارجية الروسيّة، في بيان، «نوصي بشدّة قيادة جمهورية كوريا الديموقراطيّة الشعبيّة بالتفكير في ما إذا كانت سياسة معارضة المجتمع الدولي بأسره، تتّفق مع مصالح البلاد».
ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسيّة للأنباء عن سفارة كوريا الشماليّة في موسكو قولها، في بيان، إنَّ بيونغ يانغ تعتزم الاستمرار في إطلاق الصواريخ التي تحمل أقماراً اصطناعيّة إلى الفضاء.
وفي لندن، أدانت الحكومة البريطانيّة «بحزم» إطلاق الصاروخ، داعيةً إلى «ردٍّ قوي إذا واصلت كوريا الشماليّة انتهاك» قرارات مجلس الأمن.
وأدان الأمين العام للحلف الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، «بحزم» إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي، معتبراً أنّه «انتهاك» لخمسة قرارات دوليّة، ودعا بيونغ يانغ إلى وقف أعمالها «الاستفزازيّة».
من جهتها، ندّدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني باستخدام كوريا الشماليّة «تكنولوجيا الصواريخ البالستية»، معتبرةً أنَّ الخطورة تشكلّ «انتهاكاً صارخاً جديداً» لالتزامات بيونغ يانغ الدوليّة، وداعية الأخيرة إلى الحوار.